ضمن أحدث الإحصائيات في الموضوع، أفاد عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، بان عدد طلبات التسجيل في سجلات المتبرعين بالأعضاء البشرية تطور من 42 طلبا سنة 2022 إلى 149 طلبا سنة 2024، مرورا بـ110 طلبات خلال سنة 2023.
واعتبر وهبي، الذي كان يتحدث خلال اللقاء الذي ينظمه المجلس الاستشاري لزراعة الأعضاء البشرية بكلية الطب والصيدلة بالرباط حول “مبادرة الكوادر الطبية المتبرعين بالأعضاء”، أنه رغم هذا التطور ما يزال عدد الطلبات محدودا، مردفا: “يجب أن نبحث عن الأسباب وراء ذلك، حتى نقوي هذا التوجه الإنساني، خاصة أن المغاربة يمتلكون هذا الحس الإنساني”.
وأوضح وزير العدل أن المغرب سجل ما بين سنتي 2013 و2022، “564 تبرعا بالأعضاء، فقط،”، وأن “من أصل 36 مليون مغربي، فقط هذا العدد اقتنعوا بهذا الموضوع؛ ما يوجب أن نطرح الأسئلة حول ما إذا كنا فشلنا في إقناع المغاربة أم لم نقم بالحملة الواجبة”، مشددا على ضرورة “إجراء تقييم في المسألة”.
وتنظَّم “مبادرة الكوادر الطبية المتبرعين بالأعضاء” بمناسبة اليوم الوطني للتبرع بالأعضاء المصادف لـ 17 من أكتوبر من كل سنة. وتشكل المبادرة، وفق المعطيات الشارحة لها، “فرصة محورية لتغيير النموذج الوطني حول التبرع بالأعضاء، وستكون رافعة للتوعية والتعبئة والمناصرة بهدف ترسيخ أسس برنامج مستدام لزراعة الأعضاء، يتسم بالأخلاق والتضامن ويتماشى مع الأولويات الوطنية”.
التوجه نحو الرقمنة
قال وزير العدل للحاضرين من مسؤولين جامعيين ورئيس المجلس الاستشاري لزراعة الأعضاء البشرية والكاتب العام لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية وطلبة الكلية: “ثلاثة قضايا ظلّت تؤرقني منذ سنوات، هي الخطأ الطبي، واعتماد فحص الحمض النووي، والتبرع بالأعضاء”.
وأورد وزير العدل بخصوص موضوع التبرع بالأعضاء أن “هذا السلوك بقدر ما هو نبيل، بقدر ما حولناه في المغرب إلى ممارسة بيروقراطية معقدة حتى تتم العملية”، بتعبيره، متسائلا عن “الدافع وراء انتقال المتبرع إلى المحكمة وإلى التسجيل أو شيء من هذا القبيل؟”.
وأعلن المسؤول الحكومي نفسه في هذا الصدد: “طلبت من الوزارة وضع مسطرة معلوماتية حتى يصبح التسجيل للتبرع بالأعضاء عن بعد، من خلال الهاتف أو أية وسيلة معلوماتية أخرى، ممكنا”، مع “ضمان السرية وإمكانية مرور العملية بشكل جيد ومضمون”. وأضاف: “ممكن أن ننجزها الآن”.
وأفاد وزير العدل الحاضرين بأن “اجتماعات ستقعد خلال الأسابيع المقبلة، لبلورة وإيجاد تصور في هذا الشأن: أن كل من يريد أن يتبرع بأعضائه يمكنه التسجيل بواسطة الهاتف”.
وفكّرت وزارة العدل كذلك في وضع منصة للتسجيل رهن إشارة المحتاجين، “لكن الملف الطبي والسرية يطرحان إشكاليات كبيرة للوزارة في هذا الصدد”، وفق عبد اللطيف وهبي.
في السياق ذاته، أشار وهبي إلى مجموعة من المقتضيات القانونية التي أطرت عملية التبرع بالأعضاء في المغرب، كقانون 1999 و2002، والقرار المشترك بين وزارتي العدل والصحة سنة 2004.
وقال المسؤول الحكومي نفسه: “يجب أن نلتقي الآن مع وزارة الصحة ومع المجلس الاستشاري لزراعة الأعضاء البشرية للتفكير في كيفية تطوير القانون، لأنه في المستقبل القريب سوف تكون هذه الإجراءات (المعمول بها حاليا) أوسع بكثير؛ فالعلم يتقدم والاحتياجات تتقدم”.
وأضاف وزير العدل أن “الوقت حان لنعيد النظر كذلك في التعديلات التي تمت في 20 ماي 2014”.
“لا دين في التبرع”
وذكّر وهبي بالمناسبة بفشل تمرير اتفاقية حول موضوع التبرع بالأعضاء خلال مؤتمر عقد باحد الدول الإسلامية. قائلا: “وقفت ضدهم بعنف حيث كان النقاش حادا أمام نظرائي وزراء العدل، قناعة مني بأن التبرع في الأعضاء ليس فيه لا دين ولا لغة ولا لون ولا أي شيء؛ هو تصرف إنساني بالأساس”.
وأضاف: “إذا حولناه إلى موضوع ديني أو انتماء إلى دين أو جنس أو عرق أو سن، سنكون قد أفسدنا إنسانيته”.
0 تعليق