أخبار عاجلة

اكتشاف أثري في آسا الزاك .. رسوم صباغية قديمة تساهم في فهم التراث - بلس 48

اكتشاف أثري مهم بالصحراء المغربية، أعلنه أساتذة باحثون بجامعة ابن زهر بأكادير، وجدوا ووثقوا علميا أول موقع للرسوم الصباغية التي تعود إلى مرحلة الاستيطان “الليبي – الأمازيغي” في فترة “ما قُبَيل التاريخ”؛ وهو ما يشكل “خطوة نوعية في دراسة التراث الأثري” بجنوب المملكة.

حدثٌ أثري

وصف فريق البحث اكتشاف أول موقع للرسوم الصباغية بتراب إقليم آسا الزاك بكونه “حدثا أثريا بارزا (…) يعود إلى فترة ما قُبَيل التاريخ”؛ وهو “طفرة نوعية في دراسة التراث الثقافي والآثار في الصحراء المغربية، باعتبار ندرة هذا النوع من البقايا المادية التي خلفتها المجموعات البشرية التي استوطنت الصحراء المغربية، مما يفتح آفاقا جديدة لفهم تاريخ المنطقة ودورها الحضاري”.

وتابع تقرير الاكتشاف موضحا أن باحثين مغاربة في آثار الفنون الصخرية من كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة ابن زهر بأكادير قد عثروا على “مجموعة من الرسوم الصباغية منجزة بأصباغ طبيعية، على جدران مآوٍ صخرية نائية بتراب إقليم آسا الزاك”.

وواصل المصدر: “تشير الدراسات الأولية إلى أن هذه الرسوم تعود إلى فترة ما قُبَيل التاريخ، ويُعتقد أنها تحمل دلالات ثقافية واجتماعية، تعكس مظهرا من مظاهر الاستقرار البشري القديم في هذه المنطقة الصحراوية. كما تم جرد مقابر جنائزية تعود لفترات ما قبل الإسلام بجانب الموقع، تضم أنواعا مختلفة من القبور خصوصا المدافن المسماة بـ: (المدافن الهلالية) التي يتجاوز طول بعضها مائتي متر”.

وحول أهمية الاكتشاف، ذكر التقرير أنه “أول موقع للرسوم الصباغية الصخرية التي تكتشف بالإقليم، والخامس من نوعه في كامل جهات الصحراء المغربية، بعد موقعَي واد أَزْﯕر وتَسْميمت بإقليم طانطان، وموقعي كْسات والفَرْسِية بإقليم السمارة. وبهذا فهو يمثل إضافة جوهرية للرصيد الأثري الوطني”.

ثم أردف المصدر قائلا: “تتجلى أهمية هاته الرسوم الصباغية، كذلك، في كونها تعزز من فهمنا لتعددية التعبير الفني لدى المجتمعات القديمة، ويفتح الباب أمام دراسات معمقة حول تفاعل الإنسان مع محيطه الطبيعي”.

جهودٌ وثمار

في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، قال عبد الهادي فك، أستاذ باحث في الأركيولوجيا بجامعة ابن زهر بأكادير، إن “مجال المملكة مهم على الهوامش الشمالية الغربية للصحراء الكبرى، وملتقى بين العالمين المتوسطي والصحراوي؛ والمغرب بالتالي غني ببقايا مجموعات بشرية استقرت وتوافدت منذ مئات آلاف السنين”.

وأضاف موضحا وجود نوعين من اكتشافات الآثار على الصخور: “أولا النقوش الصخرية، التي تُظهر حيوانات مثلا، وثانيا الرسوم الصباغية من مواقع الفن الصخري، وهذه الأخيرة نادرة جدا، لأنها مُعدة بأصباغ طبيعية، وتخلطُ مواد معدنية أحيانا، مع مواد عضوية مثل الدماء؛ وهي أكثر عرضة للاختفاء بسبب العوامل المناخية”.

هذه المواقع، وفق الأستاذ الباحث، توجد منها اثنان بطانطان، واثنان بإقليم السمارة، وهذا الاكتشاف بآسا الزاك هو الموقع الخامس للرسوم الصباغية بالصحراء المغربية.

وشرح المصرح أهمية الاكتشاف قائلا: “تعطينا هذه الرسوم فرصة للتأريخ المطلق باستعمال التقنيات الحديثة، وتقدم فكرة عن التاريخ؛ فهذا النوع من المكونات الأثرية يعطينا فكرة على مجموعة من المظاهر الثقافية والاجتماعية والدينية، ويساعد على تعزيز المعرفة التاريخية للمجموعات البشرية المستوطنة لهذا الجزء من المغرب”.

لهذا الاكتشاف أيضا أهمية سياحية؛ لأنه “يدخل في السياحة الثقافية، ويستقطب فئة كبيرة من السياح المهتمة بالرسوم الصباغية بما قبل وما قُبَيل التاريخ، والنادر مرغوب دائما”، كما أنها رسوم “تساعدنا على تعزيز التعبير الفني للمجتمعات القديمة، وتفتح باب الدراسات المعمقة للإنسان وتفاعله مع محيطه، ودراسة المناخ القديم، والتعرف على مجموعة من الكائنات المختفية حاليا، وكانت في هذه المجالات مثل الفيلة وفرس النهر؛ مما يبين أنها مجالات كانت أكثر رطوبة في الماضي، لا صحراوية كما هي الآن”.

الأستاذ الباحث في جامعة ابن زهر بأكادير سجل أنه “في تاريخ المغرب كانت مجموعة من المجموعات البشرية، قبل المجال الأمازيغي؛ لكن هذا الاكتشاف يعزز دراسة المرحلة المسماة بالفترة الليبية الأمازيغية”، علما أن الرسومات تأتي في إطار أبحاث مستمرة منذ سنة 2011، وجاءت “بفضل مجهودات فريق من الأساتذة الباحثين والطلبة الباحثين بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة ابن زهر، ضمن أنشطة مختبر “المغرب في إفريقيا.. التاريخ والذاكرة والمحيط الدولي”، وبشراكة مع المحافظة الجهوية للتراث الثقافي بكلميم واد نون، والمنتزه الوطني للنقوش الصخرية بأكادير، وجمعية آسا للثقافة والمحافظة على التراث”.

وختم المتحدث تصريحه للجريدة الإلكترونية بقوله: “ضم فريق البحث عن جامعة ابن زهر كلا من الأستاذ عبد الهادي ڤڭ والأستاذ جمال البوقعة والطالب الباحث محمد حجاج، الذين ساهموا في عملية جرد وتوثيق هذا الاكتشاف”. وبعدما صدر في سنة 2020 أول دليل للفن الصخري بجهة كلميم واد نون، سيتم الآن تحيينه بعدما ارتفع مجموع المواقع المكتشفة إلى 143 موقعا للفن الصخري.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق حروب وصراعات ثقافية.. - بلس 48
التالى مشور تازة.. مدارات ملتهبة - بلس 48