“الاستثمار في مستقبل الطاقة الخضراء في إفريقيا” يمُر، أساسا وضرورةً، عبر توسيع نطاقات الشراكات بين القطاعيْن الخاص والعام، إضافة إلى تعزيز دور التعاون متعدد الأطراف.. هكذا رسَمت معالمَ المستقبل الطاقي خلاصاتُ ندوة رفيعة المستوى، نُظمت، الجمعة، في إطار “منتدى إفريقيا للاستثمار 2024” المختَتم بعد ثلاثة أيام أثرَتْها مناقشات ولقاءات قادة الأعمال، بحضور 2300 مشارك ومشاركة.
مداخلات المتحدّثين أجمعت على أن “قارة إفريقيا تقف عند مفترق طرق حاسم في مجال تنمية الطاقة وتحديد معالم مستقبلها”، لافتين إلى أنه “بينما تمتلك القارة إمكانات هائلة في مجال الطاقة المتجددة، تواجه تحديات كبيرة في جذب الاستثمارات وتنفيذ مشاريع خضراء واسعة النطاق”.
وتميزت الجلسة باستحضار تجربة المغرب في الطاقات المتجددة والمستدامة من خلال مشاركة فاطمة حمدوش، المديرة التنفيذية للاستراتيجية والمراقبة بالوكالة المغربية للطاقة المستدامة (مازن) Masen، التي أبرزت دور الأخيرة باعتبارها “الفاعل المركزي والمحوري في مجال الطاقة المتجددة في المغرب لأنها تكرّس دورها لتعزيز الموارد المتجددة، ومكلفة بتنفيذ خارطة الطريق الوطنية للهيدروجين الأخضر”.
كما حضرت تجاربُ دولية وإقليمية تقاسَمها محمود محيي الدين، ممثل إفريقيا في “تحالف غلاسكو المالي من أجل صافي الانبعاثات الصفرية (GFANZ)”، وريتشارد نيلسون، منسق “برنامج الطاقة في إفريقيا بالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية”، فضلا عن تاس أنفاريبور، ووالي شونيباري، مدير “الحلول المالية للطاقة بمجموعة البنك الإفريقي للتنمية”، إلى جانب رؤساء ومدراء تنفيذيين بشركات طاقية عالمية.
وسعى المتدخلون إلى إبراز “الفرص والعقبات” في تحول إفريقيا إلى الطاقة النظيفة، متناولين “دراسات الحالة الناجحة”، و”نماذج التمويل المبتكرة”، و”السياسات الرامية إلى تسريع التنمية المستدامة”.
ودارت النقاشات حول سؤال: كيف يمكن للشراكات الدولية ونقل التكنولوجيا وبناء القدرات المحلية أن تدفع بشكل مبتكر نمو قطاعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها من قطاعات الطاقة المتجددة على نطاق واسع في جميع أنحاء القارة؟.
تجربة المغرب محط اهتمام
على هامش الندوة، قال مدير “الحلول المالية للطاقة بمجموعة البنك الإفريقي للتنمية، في حديث لهسبريس: “مُهمتنا هي العمل على جلب استثمارات القطاع الخاص لتوسيع نطاق توفير الكهرباء في جميع أنحاء إفريقيا. لقد عملنا عن كثب مع حكومة المغرب، مع وكالة “مازن”، وشارك البنك في تمويل مشروع نور ورزازات، ونحن نبحث عن فرص أخرى في المغرب وفي جميع أنحاء إفريقيا. من المهم جدًا أن تكون إفريقيا قادرة على توسيع نطاق نشر الطاقة المتجددة كجزء من تحولنا في مجال الطاقة”.
وأشاد شونيباري بـ”تمكُّن المغرب من الانتقال الطاقي بشكل جيد للغاية من خلال التنظيم السليم ودعم الحكومة”، مضيفا “نحن بحاجة إلى سياسات جيدة من أجل جذب استثمارات القطاع الخاص، كما بحاجة إلى بيئة مستقرة، وإلى تطوير القدرات المحلية… وتطوير الصناعة المحلية”. وشدد على “أهمية أن نكون قادرين على تعبئة رأس المال المحلي لأنه من المهم جداً ألا نعتمد على رأس المال الأجنبي وَحْده. يجب أن تكون البنوك المحلية قادرة على تمويل القطاع بالعملة المحلية، وهو أمر مهم للغاية حتى نتمكن من خلق وتقوية القدرات”.
“لدى المغرب فرصة هائلة للاستفادة من فرصة الهيدروجين الأخضر، إذ يستطيع إنتاج طاقة متجددة رخيصة جدًا من خلال الطاقة الشمسية وكذلك الرياح”، يقول المتحدث، مبرزا أن “هناك فرصة للمغرب لتصدير الطاقة إلى أوروبا. لذا سيكون الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء مُهمّاً جدًا في تحول الطاقة عبر العالم”.
أما في أوروبا، “فهناك ضريبة تعديل حدود الكربون، التي ستدخل حيز التنفيذ ابتداء من عام 2026، وتتوفر للمغرب فرص عمل ضخمة نتيجة لذلك، ولديه القدرة على تحقيق ذلك. لهذا نحن متفائلون جدًا بالفرص المتاحة هنا في المغرب”، يختم مدير “الحلول المالية للطاقة بالمؤسسة المالية الإفريقية”.
من جانبه أكد منسق “برنامج الطاقة في إفريقيا”، الذي تُديره الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) ، أن هذا البرنامج “يَنشط في جميع أنحاء القارة في محاولة لزيادة فرص الحصول على الكهرباء في جميع دُولها، خصوصا الواقعة جنوب الصحراء”.
وقال ريتشارد نيلسون، الذي شارك في الجلسة سالفة الذكر، لجريدة هسبريس: “نحن نعمل عن كثب مع شركاء مثل بنك التنمية الإفريقي والبنك الدولي وغيرهما، كما نعمل مع العديد من فاعلي القطاع الخاص”.
وأضاف أن “هذا العمل يتم بشكل رئيسي في إفريقيا جنوب الصحراء، لكن لدينا برنامج نعمل معه في محاولة لجلب الشركات للعمل في قطاع الطاقة بجميع أنحاء شمال إفريقيا، بما فيها المغرب”، خاتما تصريحه بالقول: “لذلك نحن نعمل في جميع هذه المجالات لزيادة قدرة القطاع الخاص على النجاح في توفير الطاقة في القارة وضمان استدامتها”.