وفقا لنتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024، فإن عدد سكان المغرب بلغ 36 مليونا و828 ألفا و330 نسمة، مسجلا تباطؤا ملحوظا في النمو السكاني بنسبة 0,85 في المائة، مقارنة بالفترة السابقة (2004-2014)، والتي عرفت معدل نمو بنسبة 1,25 في المائة.
ويثير هذا التباطؤ تساؤلات حول تأثيره على الاقتصاد المغربي في المديين القريب والبعيد، خاصة في ظل التطورات الاقتصادية والإصلاحات التي تشهدها المملكة.
إدريس العيساوي، محلل اقتصادي، أوضح أن تباطؤ النمو السكاني في المغرب يمثل مراحل جديدة من التطور له جوانب إيجابية على الاقتصاد الوطني وتعزيز التنمية الاقتصادية، حيث إن انخفاض عدد السكان يخفف من الضغوط على الموارد الاقتصادية.
وأكد العيساوي، ضمن تصريح لهسبريس، أن “تباطؤ النمو السكاني يساهم في قدرة المغرب على تلبية احتياجات سكانه بشكل أفضل، خاصة مع التركيز على تأهيل الموارد البشرية وإدماجها في سوق العمل”.
وأضاف المحلل الاقتصادي أن المشاريع الكبرى، مثل تنظيم الفعاليات الرياضية الدولية، “ستساهم في فتح آفاق اقتصادية واسعة؛ ما يعزز النمو الاقتصادي في المستقبل”.
وأبرز المتحدث ذاته أن المغرب “يتبنى سياسات اقتصادية تتوافق مع هذا التحول الديموغرافي”، مشيرا إلى أن الاقتصاد الوطني ما زال يستند إلى “منطق الدولة السائرة بخطى حثيثة في طريق التنمية الاقتصادية”، معتبرا أن تراجع نسبة السكان مع زيادة قدرة المواطنين الاقتصادية والاجتماعية يعد “مسألة إيجابية تصب في صالح الاقتصاد المغربي”.
في السياق ذاته، سجل محمد جدري، محلل اقتصادي، أن الهرم السكاني للمغرب “لا يزال يتسم بالشباب؛ وهو ما يمنح البلاد فرصة للاستفادة من هذه الطاقات البشرية في تعزيز التنمية الاقتصادية”، لافتا إلى أن البنية التحتية وتأهيل الرأسمال البشري “يعدان من أهم العوامل التي يجب التركيز عليها خلال السنوات المقبلة”.
وشدد جدري، في حديث لهسبريس، على “ضرورة استغلال الفترة الزمنية المتبقية حتى عام 2050 لتحقيق معدلات نمو اقتصادية مهمة”، منبها إلى أن “الدعم المادي والتقني للأسر المغربية سيلعب دورا كبيرا في رفع معدلات الخصوبة؛ وبالتالي ضمان توازن ديموغرافي مستقبلي”.
وأوضح المحلل الاقتصادي أن تحفيز الأسر على الإنجاب من خلال توفير السكن ودعم التعليم والصحة “يعد أمرا ضروريا لتحقيق هذا الهدف”، محذرا من التحديات التي ستواجه المغرب بعد عام 2050 فيما يتعلق بالشيخوخة والضغط المتزايد على صناديق التقاعد والخدمات الصحية.
وأبرز المتحدث ذاته أن هذا الوضع “سيتطلب استيراد اليد العاملة من الخارج، وخاصة من إفريقيا جنوب الصحراء، لتعويض النقص في القوى العاملة المحلية”، مشيرا إلى أن السياسات العمومية المغربية “يجب أن تتجه نحو استباق هذه التحديات الديموغرافية من خلال وضع استراتيجيات تتعلق بالهجرة والاندماج، للحفاظ على استدامة سوق العمل”.
وأضاف جدري أن المغرب سيواجه أيضا “ضغطا كبيرا على صناديق التقاعد والخدمات الصحية بعد عام 2050، بسبب ارتفاع نسبة الشيخوخة وانخفاض عدد العاملين مقارنة بعدد المتقاعدين”؛ ما سيتطلب استثمارات كبيرة في القطاع الصحي، بالإضافة إلى ضرورة إصلاح أنظمة التقاعد.