ما القيمة المضافة التي يقدمها تحليل البيانات لفائدة عمل الإدارات والمقاولات العمومية؟ وكيف يساهم ذلك في تعزيز علاقتها مع الشركاء والمتعاملين معها؟.. سؤالان من بين أسئلة أخرى كانت محط نقاش مستفيض من قبل مجموعة من المسؤولين والخبراء في المجال ممن شاركوا في ندوة غنية، الخميس، جرى تنظيمها في إطار النسخة السابعة من “اللقاءات العلمية للصندوق المغربي للتقاعد”.
وجرى ضمن الندوة المُعنونة بـ”الداتا.. مصدر للابتكار وخلق القيمة لفائدة المؤسسات العمومية” الحديث بشكل موسع عن هذه المسألة، إذ اتفق المتدخلون المغاربة والأجانب على “أهمية انفتاح الإدارات العمومية المغربية على طرق تدبير البيانات؛ وهو ما يتماشى مع سُبل تطوير العلاقات المهنية مع الشركاء”.
لطفي بوجندار، مدير الصندوق المغربي للتقاعد، شدد، في كلمته الافتتاحية، على أن “البيانات آخذة في الظهور كمورد رئيسي في التحول بالنسبة للمؤسسات العمومية، حيث إن التقييم الجيد والتدبير الحكيم لها يوفران للمنظمات فرصة غير مسبوقة من أجل إعادة ليس فقط التعريف باستراتيجيتها في العمل وإنما حتى تطوير علاقتها مع المستخدمين وشركائها، بما يضعها أمام المرونة بشكل مباشر”.
وأضاف بوجندار أن “تحليل البيانات يسمح بتحديد أفضل الاتجاهات واتخاذ القرارات الأكثر واقعية، ويمكّن من تحسين العمليات الداخلية عن طريق قياس وضبط الأداء في الوقت الحقيقي. كما يبقى بمثابة رافعة استراتيجية أساسية للحفاظ على القدرة التنافسية للمؤسسة ورشاقتها في بيئة متغيرة ومتطورة”، موردا أن “تدبير هذه البيانات يسهل حتى اتخاذ القرارات والتعاون مع الشركاء وأصحاب المصلحة”.
وزاد: “الصندوق المغربي للتقاعد باعتباره مؤسسة عمومية فإنه يدبر حقوق التقاعد الخاصة بأزيد من مليوني مغربي مستفيد من المعاشات، بما يجعلها متوفرة على قاعدة معطيات مهمة؛ فهذا الكم الهائل من المعطيات يجعلنا مجبرين على استغلالها لخدمة الزبائن، واستغلالها في العلاقات التي تربطنا كذلك بشركائنا؛ فالأمر يتعلق بمثابة عملية لتثمين هذه البيانات”.
ووصف المسؤول ذاته هذه البيانات التي يتوفر عليها الصندوق بـ”التراث الواسع”، على اعتبار أنها “تخص أكثر من مليونين من المنتسبين والمستفيدين من المعاشات التقاعدية؛ بما فيها المعلومات المتعلقة بالحقوق الخاصة بالأطراف المعنية، والتي تم جمعها من خلال مجموعة من القنوات وباعتماد مجموعة من الآليات كذلك”، لافتا إلى أن “هذه البيانات المنظمة عبارة عن كنز حقيقي من المعلومات ستمكننا من دعم سعينا نحو توفير حاجيات المستفيدين وتطوير العلاقة مع الشركاء”.
أما فؤاد اليوسفي، مدير السجل الاجتماعي الموحد RSU، فربط موضوع أهمية تدبير البيانات لدى الإدارات العمومية بالورش الملكي للحماية الاجتماعية، إذ أحال على مجموعة من الخطب الملكية الخاصة بعيد العرش لسنوات 2018 و2020 و2022، حيث أبرز جوانب من تدبير هذا انطلاق هذا الورش من خلال البيانات التي تم تجميعها.
وفي هذا الصدد، تحدث اليوسفي عن أن نتيجة 16 شهرا من العمل من طرف مصالح وزارة الداخلية تتمثل في تسجيل أزيد من 22 مليون مواطن بالسجل الوطني للسكان RNP؛ في حين أنه فاق عدد المسجلين بالسجل الاجتماعي الموحد 19 مليونا، مشيرا إلى أن نظام الحماية الاجتماعية بالمغرب كان يتضمن أزيد من 120 برنامجا يتم تدبيرها بطريقة مفرقة من المصالح العمومية، مما أبرز غيابا في الالتقائية والتداخل”.
قادما من بلجيكا أدلى زْفين هوتسي، خبير في تقنيات البيانات، بدلوه هو الآخر في هذا الموضوع، إذ أكد على “أهمية البيانات بالنسبة للإدارة والمقاولة المعاصرة، خصوصا من ناحية اتخاذ القرارات”، فحسبه، تعتبر البيانات مصدرا خصبا للأفكار الخاصة بدعم عملية اتخاذ هذه القرارات لدى مسيري كل مؤسسة على حدة”.
وشدّد على “أولوية تبني المؤسسات لثقافة البيانات، أي أن تجعل من هذه البيانات ثقافة لها تُعينها على تلبية حاجيات زبنائِها وتطوير علاقتها مع شركائها في مجال اشتغالها؛ فتجويد وتطوير عملية اتخاذ القرارات تنبني على طريقة تدبير هذه البيانات”، مشيدا في هذا الصدد بـ”تجارب تخص هذه المسألة بكل من بلجيكا والبرازيل وليتوانيا”.
على النحو ذاته سار تدخل أنطوان خايترين، مقاول وخبير في سوسيولوجيا البيانات الذكية بفرنسا، والذي قال بأن “للبيانات الذكية وتحليلها وتدبيرها أهمية كبرى بالنسبة للمؤسسات والإدارات العمومية، على اعتبار أنها مرتبطة بغايات توفير مصالح الأفراد والمستفيدين والتعامل مع شركائها، خصوصا في الأمور المتعلقة بما هو اجتماعي”.
ونوّه في هذا الصدد باهتمام الصندوق المغربي للتقاعد بـ”مسألة تحليل البيانات وتدبيرها كمصدر للأفكار الخاصة باتخاذ القرارات، وكونها من بين الآليات والوسائل التي تساعد على رسم الاستراتيجيات الخاصة بتدبير شؤون الزبناء والشركاء المرتبطين بعلاقات مع كل إدارة ومؤسسة عمومية”.