تتوالى ردود الفعل والنقاشات بشأن مشروع القانون التنظيمي للإضراب، وذلك بالرغم من إعلان يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، أن الحكومة تقبل بأزيد من 300 تعديل تقدمت به الفرق البرلمانية والنقابات.
التقنين لا التقييد
مصطفى جعا، عضو الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد، قال لهسبريس إن المتتبع لما يقع حاليا من نقاش وسجال وصراع حول القانون التنظيمي لحق الإضراب “يعلم جيدا أننا نتحدث عن أهم الحقوق الاجتماعية والنقابية والسياسية، بل عن السلاح السلمي الاجتماعي الوحيد للتغيير”.
وأضاف الكاتب الوطني للنقابة المستقلة للممرضين أن تغييب هذا الحق “يعني مخاطرة مجتمعية وحكومية لم يتجرأ أي طرف حكومي سابق على المس بها في أحلك الظروف الحقوقية التي عرفها المغرب”، مبرزا أن مشروع القانون الجديد والنقاش الدائر المثار بخصوصه بالمؤسسة التشريعية، “محاولة لتسريع مسطرة أهم قانون تنظيمي”.
واعتبر المتحدث لهسبريس أن تسريع سحب مشروع قانون الإثراء غير المشروع في مقابل تسريع مسطرة المصادقة على القانون التنظيمي للإضراب، في غياب نقاش عمومي شامل، “يضع علامات استفهام عدة على المغزى الحقيقي من الضغط لتمريره”، موردا أن الصيغة الحالية من المشروع تعد بمثابة “تجريم الحق في الإضراب وتحديد شروط منع ممارسته” بدل تسميته “مشروع قانون تنظيمي بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في الإضراب”.
واستحضر جعا المقتضيات التي جاء بها المشروع، والتي لخصها في ست نقاط أساسية، أولها “اختفاء الإشارة إلى المرجعية الحقوقية والدستور للحق في الإضراب”، والثانية “تعريف الإضراب كحق دستوري مسألة غير مستحبة في نص قانوني بهذه الأهمية، لأنه يمكن من خلال التعريف التضييق على الممارسة من خلال تضييق نطاق المفهوم، وهو ما وقع فعليا من خلال ربط أهداف الإضراب بالمطالب المهنية والاقتصادية المباشرة، وهذا يعني منع أشكال عدة من الإضراب، منها الإضراب التضامني والسياسي، لأن السؤال المطروح: أليست القرارات التي تمس القدرة الشرائية والأجور قرارات سياسية تحتم ممارسة الإضراب كرد فعل عمالي لكن بروح سياسية؟”.
وتساءل في النقطة الثالثة عن “معنى إطلاق يد السلطة التنفيذية لمنع وإيقاف الإضراب واعتصامات الإضراب على اعتبار أنها الخصم والحكم في آن واحد”، مشددا على أن “من يملك حق فحص مشروعية الممارسة هو القضاء، وليس السلطة التنفيذية، وبالتالي محاولة تقزيم الدور الدستوري للقضاء في مقابل تعزيز قدرة السلطة التنفيذية”.
وأشار المسؤول النقابي نفسه إلى تضمين 12 مادة عقابية من أصل 49 المكونة لمشروع القانون المذكور، مؤكدا أن “الهدف من التشريع هو التجريم، وبالتالي تحول المشروع من مشروع تقنين إلى مشروع تجريم ومنع وتكبيل”، وفق تعبيره.
كما اعتبر عضو الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد ربط الممارسة بالتمثيلية يناقض منطق الدستور؛ لأن “الإضراب حق للجميع، وليس حكرا على من له تمثيلية”، واصفا هذا المعطى بـ”السابقة الخطيرة، لم تقع في أي نظام قانوني مقارن”.
وأبرز أنه “بالإضافة إلى تخصيص مواد لتحديد الفئات التي يمنع عليها ممارسة الحق في الإضراب، فحتى الفئات التي لها الحق خارج هذه المواد ستمنع من ممارسة هذا الحق الدستوري تحت مبرر أنها لا تنتمي لنقابة أكثر تمثلية”، موردا أن التمثيلية أضحت مبدأ مقدسا أكثر من المادة 29 من الدستور.
أما النقطة السادسة، يختم جعا، “فلم يكتف المشرع بما سبق من شروط لمنع الإضراب، بل حتى من سمح لهم بالإضراب على قلتهم سيجدون أنفسهم مضطرين للتقيد بشروط عديدة ومجحفة، منها الحفاظ على الحد الأدنى من الخدمة وآجال طويلة قبل ممارسة الإضراب، ليغلق بذلك باب الممارسة ويصبح القانون التنظيمي قد قضى نهائيا على مقتضى دستوري، وبالتالي إعدام العمل النضالي النقابي بسبب التسرع التشريعي ودفن السياسي للنقابي”.