يواصل المهرجان الوطني للفيلم بمدينة طنجة، في دورته الخامسة والعشرين، تقليده السنوي في الاحتفاء بأسماء طبعت المشهد السينمائي المغربي. وتقام فعاليات هذه الدورة في الفترة الممتدة من 17 إلى 25 أكتوبر الجاري، لتتحول عروس الشمال مجددا إلى قبلة لعشاق السينما، ومنصة يجتمع فيها صناع الصورة والخيال، في احتفال جماعي بالفن السابع وبذاكرة الإبداع المغربي.
وأعلن المركز السينمائي المغربي عن تكريم كل من المخرج أحمد المعنوني والممثلة فاطمة عاطف هذه السنة، تقديرا لمسيرتهما الحافلة بالعطاء والإبداع، وإسهاماتهما المتواصلة في ترسيخ مكانة السينما الوطنية داخل المغرب وخارجه.
واعتبر بلاغ صادر عن المركز السينمائي المغربي أن اختيار المعنوني وعاطف لتكريمهما خلال هذه الدورة جاء “اعترافا بمسيرتهما الطويلة وتفانيهما في خدمة السينما المغربية بكل إخلاص ومهنية، وبما قدماه من أعمال متميزة أثرت الخزانة الفنية الوطنية وعبرت عن هموم الإنسان المغربي وتطلعاته”.
وتعد فاطمة عاطف واحدة من أبرز الوجوه النسائية التي برزت بقوة على الساحة الفنية، فبعد تخرجها من المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي – شعبة التشخيص – بدأت مسيرتها على خشبة المسرح، حيث اكتسبت تجربة غنية مكنتها من الظهور بثقة أمام الكاميرا في تجارب سينمائية متنوعة.
وتألقت الممثلة ذاتها في عدد من الأعمال التي حظيت بإشادة واسعة من النقاد والجمهور، من بينها فيلم «مباركة» للمخرج محمد زين الدين، الذي فاز بالجائزة الكبرى للمهرجان الوطني للفيلم سنة 2019، ونالت عنه جائزة أفضل ممثلة، إلى جانب مشاركتها في فيلمي «يا له من عالم رائع» و«وليلي» للمخرج فوزي بنسعيدي، ثم في فيلم «زنقة كونتاكت» للمخرج إسماعيل العراقي، الذي حصدت فيه جائزة أفضل ممثلة في دور ثان سنة 2022، قبل أن تواصل تألقها في فيلم «أبي لم يمت» للمخرج عادل الفاضلي؛ كما شاركت مؤخراً في الفيلم الدولي Mass Dolce للمخرجة ليلى المراكشي (2025)، ما يؤكد انفتاح تجربتها على آفاق جديدة داخل السينما العالمية.
أما أحمد المعنوني فهو أحد رواد السينما المغربية وصوتها المميز منذ سبعينيات القرن الماضي، مخرج حمل على عاتقه مهمة التعريف بالثقافة المغربية من خلال الصورة، وأعماله تعد من بين الأكثر تأثيرا في تاريخ الفن السابع بالمغرب.
أخرج المعنوني فيلمه الطويل الأول «أليام أليام» سنة 1978، وهو عمل اعتبره النقاد آنذاك منطلقا حقيقيا للسينما المغربية الحديثة، لما يحمله من رؤية جمالية وواقعية جديدة، وبعدها بثلاث سنوات قدم فيلمه الوثائقي الأشهر «الحال»، الذي خلد تجربة مجموعة ناس الغيوان وأضحى علامة فارقة في الذاكرة الفنية الوطنية.
وتواصلت مسيرة المخرج مع أفلام متميزة مثل «القلوب المحترقة»، الذي حاز الجائزة الكبرى وجائزة النقاد في المهرجان الوطني للفيلم سنة 2007، ثم فيلم «فاطمة» الذي توج بجائزة أفضل إخراج في دورة 2017.
ونال المخرج المغربي اعترافا دوليا بتتويجه بوسام الفنون والآداب من رتبة ضابط من طرف الجمهورية الفرنسية، تقديرا لعطائه الكبير في خدمة الثقافة والفن.
وتشكل هذه الدورة من المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، وهي محطة فنية خاصة تحتفي بمرور ربع قرن على انطلاق هذا الموعد السينمائي الأهم في المملكة، فرصة جديدة لتكريم رموز السينما المغربية التي ساهمت في بناء صرحها، إلى جانب تقديم أحدث الإنتاجات السينمائية الوطنية، وتشجيع المواهب الشابة التي تشق طريقها بثبات في عالم الإخراج والتمثيل والإنتاج.
ويؤكد المهرجان، من خلال هذه الدورة، مكانته كفضاء للحوار والإبداع والانفتاح على مختلف التجارب السينمائية، وكمختبر للأفكار والرؤى الفنية التي تواصل إغناء المشهد الثقافي المغربي وتعزيز حضوره في المحافل الدولية.
0 تعليق