في خطوة تعكس تحسناً ملحوظاً في الأداء الاقتصادي المصري، أعلنت وكالة "ستاندر آند بورز" (S&P)، عن رفع التصنيف الائتماني السيادي طويل الأجل لمصر من "B-" إلى "B"، مع الحفاظ على النظرة المستقبلية مستقرة.
وفي الوقت نفسه، أكدت وكالة "فيتش" (Fitch) التصنيف عند "B"، مشيرة إلى إمكانيات النمو العالية والدعم الدولي القوي.
وهذه التطورات تأتي وسط جهود إصلاحية مكثفة، بما في ذلك برنامج صندوق النقد الدول، وتعزز الثقة في قدرة مصر على مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية.
وفي هذا التقرير، من بانكير، تفاصيل التحسن في تصنيف مصر الإئتماني من هذه المؤسسات الدولية الكبرى.
ما هو التصنيف الائتماني للدول ودوره في الاقتصاد العالمي؟
والتصنيف الائتماني هو تقييم موضوعي يصدره وكالات متخصصة مثل S&P، Fitch، وMoody's، لقياس قدرة الدولة أو المؤسسة على سداد ديونها في الوقت المحدد، بما في ذلك أصل الدين والفوائد.
ويعتبر هذا التصنيف أداة أساسية للمستثمرين، حيث يحدد مستوى المخاطر المرتبط بالاستثمار في سندات الدولة أو القروض السيادية.
وتتراوح التصنيفات من "AAA" (أعلى درجة أمان، تشير إلى جدارة ائتمانية ممتازة) إلى "D" (تعثر في السداد)، وبالنسبة لمصر، يصنف "B" كدرجة مضاربة (speculative grade)، تعني مخاطر متوسطة إلى عالية، لكنها أفضل من "B-"، مما يعكس تحسناً في الاستقرار المالي.
ووفقاً لتقارير الوكالات في 2025، يعتمد التصنيف على عوامل مثل النمو الاقتصادي، العجز المالي، احتياطيات النقد الأجنبي، وسياسات الإصلاح.
وفي حالة مصر، أشارت S&P إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة قوية في الربع الثاني من 2025، مدعوماً بزيادة إيرادات السياحة بنسبة 20% وتحويلات المغتربين بنسبة 36.5%، بالإضافة إلى فائض أولي في الموازنة يبلغ 3.5% من الناتج المحلي.
وهذه التصنيفات ليست ثابتة، فهي تراجع دورياً، وتؤثر على تكلفة الاقتراض العالمي، حيث تعتبر "BBB-" أو أعلى درجة استثمارية آمنة، بينما يزيد "B" من الثقة نسبياً مقارنة بالدرجات الأدنى.
نتائج رفع أو تأكيد التصنيف الائتماني
ورفع التصنيف الائتماني، كما حدث مع مصر في أكتوبر 2025، يحمل آثاراً إيجابية متعددة، أولاً يقلل من تكلفة الاقتراض، فالدول ذات التصنيفات العالية تحصل على قروض بفوائد أقل، مما يوفر مليارات الدولارات سنوياً.
وعلى سبيل المثال، بعد رفع S&P لتصنيف مصر، توقعت الوكالة انخفاضاً في تكاليف الدين الحكومي، مدعوماً ببرنامج صندوق النقد الدولي الذي يغطي الفترة 2025-2028.
وثانياً، يعزز الثقة لدى المستثمرين، مما يجذب تدفقات رأس المال الأجنبي، وفي مصر، ارتفعت الاحتياطيات النقدية إلى 47 مليار دولار في الأشهر الثمانية الأولى من 2025، بفضل صفقات مثل بيع 10% من مشروع رأس الحكمة مقابل 24 مليار دولار.
كما يحسن التأكيد من Fitch الاستقرار، حيث يقلل من مخاطر التقلبات في أسعار الصرف، ويساعد في خفض التضخم من خلال تعزيز السياسات النقدية الصارمة.

أما التأكيد، كما فعلت Fitch، فيشير إلى استمرارية الإصلاحات دون مخاطر فورية، مما يدعم النمو المتوقع بنسبة 4-5% في 2026.
ومع ذلك، يظل العجز المالي عند 7.5% من الناتج المحلي تحدياً، لكن الدعم من الاتحاد الأوروبي (7.4 مليار يورو) يعزز النتائج الإيجابية، وبشكل عام، يتوقع أن يؤدي هذا الرفع إلى زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 15 مليار دولار سنوياً بحلول 2026.
القطاعات الاقتصادية المستفيدة من رفع تصنيف مصر الائتماني
ويمتد تأثير رفع التصنيف إلى قطاعات حيوية، حيث يفتح أبواباً للتمويل الرخيص والاستثمارات الجديدة، وأبرزها قطاع السياحة، الذي شهد نمواً بنسبة 20% في الربع الثاني من 2025، ومن المتوقع أن يجذب استثمارات إضافية في الفنادق والمنتجعات بفضل انخفاض تكاليف التمويل.
وكذلك، قطاع الطاقة والغاز، حيث يدعم التصنيف صفقات مثل رأس الحكمة، التي ساهمت في زيادة الاحتياطيات، وتتوقع تدفقات استثمارية من دول الخليج تصل إلى 3.8% من الناتج المحلي.
وفي العقارات والإنشاءات، يعزز الرفع الثقة في مشاريع البنية التحتية، مثل الطرق والمدن الجديدة، مع توقعات بزيادة الاستثمار الأجنبي بنسبة 15% في 2026، أما القطاع المصرفي، فسيستفيد من تحسين تصنيفات البنوك الكبرى مثل البنك الأهلي، مما يقلل تكاليف التأمين الائتماني إلى 3.8%، ويفتح فرصاً لإصدار سندات دولية بفوائد أقل.
وأخيراً الصناعة والتصدير سيشهدان نمواً، حيث يقلل التصنيف من مخاطر التجارة الخارجية، خاصة مع اتفاقيات مثل حزمة الاتحاد الأوروبي، مما يعزز الصادرات غير النفطية، وهذه القطاعات، التي تمثل 60% من الناتج المحلي، ستشهد زيادة في فرص العمل والإنتاجية.
ماذا تعني النظرة المستقبلية المستقرة في التصنيف الائتماني؟
والنظرة المستقبلية هي توقع الوكالة لتغييرات التصنيف خلال 12-18 شهراً القادمة، و"مستقرة" تعني عدم توقع تغييرات كبيرة، سواء رفع أو خفض، مما يشير إلى توازن بين المخاطر والفرص.
وفي حالة مصر، أكدت كل من S&P وFitch هذه النظرة في أكتوبر 2025، مشيرتين إلى استمرارية الإصلاحات مثل توحيد سعر الصرف وتشديد السياسات النقدية، رغم التحديات مثل ارتفاع الدين إلى 77% من الناتج المحلي.
وهذا يعزز الثقة لدى المستثمرين، حيث يقلل من تقلبات السوق، ويفتح الباب لرفع إضافي إذا انخفض العجز أكثر أو زاد الاستثمار الأجنبي.
ومقارنة بالنظرة "إيجابية" (تشير إلى احتمال رفع) أو "سلبية" (خطر خفض)، فإن "مستقرة" توفر استقراراً يدعم النمو المستدام، كما حدث مع دول أخرى مثل السعودية.
ورفع S&P وتأكيد Fitch لتصنيف مصر في أكتوبر 2025 يمثلان شهادة ثقة في مسار الإصلاحات، وسط نمو متوقع يصل إلى 5% في 2026.
ومع التركيز على جذب 100 مليار دولار استثمارات أجنبية خلال ست سنوات، يوقع أن يترجم هذا إلى تحسن في المعيشة، خفض التضخم، وزيادة فرص العمل.
0 تعليق