يقف إنتاج النفط والغاز في بحر الشمال البريطاني -حاليًا- بين مطرقة المناخ وسندان أمن الطاقة، لا سيما مع الجدل الواسع حول وقف التراخيص الجديدة.
ومع ذلك، لدى المملكة المتحدة فرصة لزيادة الإنتاج المحلي دون تجاوز حدود الانبعاثات العالمية.
وكشف تقرير حديث -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة- أن بريطانيا قادرة على زيادة احتياطاتها التجارية بنسبة 50% دون أن تخرج عن أكثر المسارات العالمية صرامةً بشأن الحياد الكربوني.
ومن شأن تعزيز الإنتاج المحلي أن يخفض الانبعاثات، فضلًا عن التكاليف، مقارنة بواردات الغاز المسال الأميركية.
ومع ذلك، فإن هذه التوقعات تصطدم بسياسات حكومية تدرس حظر التراخيص الجديدة تحت ما يُسمى بـ"النهج العلمي"، بينما يواصل الاستكشاف تراجعه إلى أدنى مستوى له منذ 6 عقود، بحسب التقرير الصادر عن شركة الأبحاث وود ماكنزي.
معضلة واردات الغاز المسال الأميركية
من الممكن أن يحوّل اعتماد بريطانيا على واردات الغاز المسال الأميركية، خلال السنوات المقبلة، الأهداف المناخية إلى أعباء إضافية.
فبحلول عام 2035، ستعتمد البلاد على الواردات الأميركية لتلبية أكثر من 60% من احتياجاتها، مع تراجع الإمدادات النرويجية، ويعني ذلك ارتفاع كثافة الانبعاثات 3 أضعاف من 3.7 إلى 11.3 غرامًا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون/ميغاجول.
وتشير التقديرات إلى أن 90% من انبعاثات النطاقين 1 و2 الناتجة عن إمدادات الغاز في بريطانيا ستأتي من الواردات الأميركية بحلول 2050، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ومع ذلك، يمكن لإنتاج تريليون قدم مكعبة إضافي من الغاز من بحر الشمال أن يخفض الانبعاثات بمقدار 14.6 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، ويتجاوز ذلك سيناريو كهربة المنصات على المدى المتوسط الذي حدّدته الهيئة الانتقالية لبحر الشمال، البالغ 13.4 مليونًا للمدة بين 2030 و2050.
كما تتضافر المكاسب الاقتصادية مع المنافع البيئية، إذ إن تكلفة الغاز المنتج محليًا في المدى القصير تعادل -تقريبًا- نصف تكلفة الغاز المسال الأميركي.
وتشير بيانات وحدة أبحاث الطاقة إلى ارتفاع واردات المملكة المتحدة من الغاز المسال الأميركي إلى 4.2 مليون طن خلال الأشهر الـ9 الأولى من 2025، مقابل 2.6 مليونًا في المدّة نفسها من 2024.

انبعاثات إنتاج النفط والغاز في بحر الشمال البريطاني
أظهر تقرير وود ماكنزي أن انبعاثات إنتاج النفط والغاز في بحر الشمال البريطاني تتفوق أداءً على المسار الذي حددته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC).
وتفصيلًا، فإن انبعاثات الإنتاج في بحر الشمال أدنى من المسار المقرر للنطاقات 1 و2 و3 بمقدار يتراوح بين 25 و50 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنويًا حتى عام 2050، ويسمح ذلك بإنتاج 2.6 مليار برميل نفط مكافئ بحلول 2050، دون تجاوز أهداف الانبعاثات.
ومن شأن كل تريليون قدم مكعبة إضافية من الغاز المنتج محليًا أن يوفّر 15 مليون طن من انبعاثات النطاقين 1 و2، إلى جانب توفير 2.2 مليار دولار مقارنة بالواردات الأميركية.
غير أن 2025 يوشك أن يُسجل أول عام منذ 1960 دون حفر بئر استكشافية واحدة في بحر الشمال، مع انهيار نشاط الاستكشاف إلى أدنى مستوياته التاريخية.
وشددت وود ماكنزي على تبنّي سياسات ترخيص ذكية تركّز على الحقول المكتشفة سابقًا، وربطها بالبنى التحتية، مؤكدةً أن الحظر الكامل للتراخيص الجديدة سيُهدِر فرصًا إستراتيجية مهمة.
وتُظهر البيانات أن الجرف القاري البريطاني ما يزال يحتضن 2.3 مليار برميل من النفط المكافئ، موزعة على 7 آلاف و634 مربعًا كانت مفتوحة للاستكشاف، أو جرى التخلّي عنها سابقًا، إذ يشكّل الغاز أكثر من الثلث.
وبينما لا يتجاوز عدد المربعات التي تحتوي على أكثر من 20 مليون برميل نفط مكافئ 34 مربعًا، فإنها تضم احتياطيات بإجمالي 1.4 مليار برميل نفط مكافئ.

إنتاج النفط والغاز في بحر الشمال البريطاني وأمن الطاقة
مع تراجع نصيب النفط المحلي في المصافي البريطانية إلى أقل من 20% بعد أن كان يفوق 40% عام 2010، بات إسهام الجرف القاري في أمن الطاقة محدودًا.
ويرجع ذلك إلى أن 75% من صادراتها من الخام تتجه إلى هولندا وألمانيا وبولندا والسويد، قبل أن تعود إليها بشكل منتجات مكررة.
وتشير وود ماكنزي إلى أن انبعاثات القطاع تمثّل 3% فقط من إجمالي الانبعاثات الإقليمية في بريطانيا، لكنه يتحمل نصيبًا أكبر من الضغوط مقارنة بغيره من القطاعات.
ويكمن الحل في اتّباع نهج متوازن يجمع بين تطوير الهيدروكربونات التقليدية، وتعزيز مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه، إلى جانب الاستثمار في الهيدروجين وطاقة الرياح.
وفي جميع سيناريوهات الحياد الكربوني، ستظل بريطانيا مستوردًا صافيًا، مع استهلاك نحو 500 ألف برميل نفط مكافئ يوميًا.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر..
0 تعليق