تولى الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار المصري الأسبق، منصب المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، بعد أن حسم المجلس التنفيذي للمنظمة في باريس اليوم الاثنين عملية التصويت لصالحه، محققاً أغلبية واضحة بلغت 55 صوتاً مقابل صوتين فقط لمنافسه الكونغولي إدوارد فيرمين ماتوكو، في حين امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت.

وجاء اختيار العناني، البالغ من العمر 54 عاماً، بعد منافسة مع ماتوكو البالغ 69 عاماً، الذي يشغل حالياً منصب نائب المدير العام المكلف بالعلاقات الخارجية، إذ منحه أعضاء المجلس ثقتهم ليتولى إدارة المنظمة الدولية لأربع سنوات مقبلة، خلفاً للفرنسية أودري أزولاي التي أكملت ولايتين متتاليتين، وهي الحد الأقصى المسموح به لتولي المنصب وفق لوائح اليونسكو.

ويمثل وصول العناني إلى رئاسة المنظمة تحولاً مهماً في تاريخها، كونه أول شخصية عربية تتولى هذا الموقع منذ تأسيس اليونسكو، وثاني أفريقي بعد السنغالي أمادو محتار مبو الذي قادها بين عامي 1974 و1987، ما يعكس اتجاهاً جديداً داخل المنظمة نحو تنويع تمثيلها الجغرافي وإبراز الكفاءات القادمة من العالمين العربي والأفريقي.

وعلى مدار العقود الماضية، شارك عدد من المرشحين العرب في السباق نحو المنصب من دون أن ينجح أي منهم في بلوغه، إذ خاض المنافسة سابقاً كل من إسماعيل سراج الدين، وفاروق حسني، ومشيرة خطاب من مصر، إلى جانب غازي القصيبي من السعودية، ومحمد البدياوي من الجزائر، وحمد الكواري من قطر، وفيرا الخوري من لبنان، ورشاد لفرح من جيبوتي، غير أن الأصوات تفرقت في كل مرة بين التكتلات الإقليمية المختلفة.

وبدأ العناني تحركاته الرسمية نحو المنصب في أبريل 2023، حين أطلق حملته الدبلوماسية مدعوماً من جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي، وتمكن خلال الأشهر التالية من بناء تحالفات قوية مع دول من آسيا وأوروبا وأميركا اللاتينية، ما عزز موقفه كمرشح توافقي قادر على تمثيل مصالح الدول النامية وإحياء الدور الثقافي للمنظمة.

وتأتي هذه الخطوة في ظل تحديات متزايدة تواجهها اليونسكو، خصوصاً في ما يتعلق بحماية المواقع الأثرية والتراثية في مناطق النزاعات، حيث تشير تقارير حديثة صادرة عن المنظمة إلى أن ما يقارب 40% من المواقع المهددة تقع في الشرق الأوسط، وهو ما يضع على عاتق العناني مهمة معقدة تتمثل في إعادة تفعيل برامج الحماية وتعزيز التعاون الدولي لحفظ التراث الإنساني المشترك.