تستعد شركات التكرير الهندية لتقليص وارداتها من النفط الروسي بصورة كبيرة، امتثالاً للعقوبات الأمريكية الجديدة المفروضة على اثنتين من أكبر شركات إنتاج النفط الروسية، في خطوة قد تمهد الطريق أمام إبرام اتفاق تجاري أوسع بين الهند والولايات المتحدة.
وقالت مصادر حكومية وشركات تكرير هندية إن القرار يأتي ضمن التزام نيودلهي بالمعايير الدولية والعقوبات الأمريكية، مع الحفاظ في الوقت نفسه على استقرار سوق النفط المحلي وتلبية الطلب الداخلي على الوقود. وأشارت إلى أن التخفيض المستهدف للواردات الروسية قد يؤثر على نحو 15 إلى 20٪ من إجمالي واردات النفط الهندية من روسيا خلال الأشهر المقبلة.
ويأتي هذا التحرك في سياق الضغط الدولي على موسكو بعد العقوبات الأمريكية الأخيرة على شركات النفط الروسية، والتي تهدف إلى الحد من قدرة روسيا على تمويل عملياتها الخارجية، وفرض قيود إضافية على صادرات الطاقة. وتعتبر الهند واحدة من أكبر مستهلكي النفط في العالم، حيث تعتمد على واردات الطاقة لتلبية احتياجاتها الصناعية والحضرية المتزايدة.
وأوضح مسؤول في وزارة النفط الهندية أن الحكومة تعمل مع شركات التكرير لتطبيق استراتيجيات بديلة لتقليل الاعتماد على النفط الروسي، بما يشمل زيادة الواردات من دول أخرى مثل العراق والسعودية والإمارات، وتعزيز مخزونات الطوارئ لضمان عدم التأثير على أسعار الوقود المحلي.
وفي هذا السياق، يرى محللون أن تخفيض واردات النفط الروسي قد يساهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الهند والولايات المتحدة، خاصة مع سعي نيودلهي لإبرام اتفاق تجاري يشمل قطاعات الطاقة والصناعة والتكنولوجيا. وأكدوا أن الخطوة ستزيل واحدة من العقبات الرئيسية التي كانت تعيق المفاوضات التجارية بين الجانبين، مما يزيد فرص تحقيق اتفاق متوازن يعزز التبادل التجاري والاستثماري.
ويشير الخبراء إلى أن سوق النفط العالمي قد يشهد بعض التقلبات نتيجة هذا التحول في سياسات الواردات الهندية، مع توقع زيادة الطلب على النفط من مصادر بديلة وارتفاع أسعار النفط في الأسواق الآسيوية على المدى القصير. ومع ذلك، فإن الهند تسعى لضمان انتقال سلس من الإمدادات الروسية إلى بدائل آمنة ومستقرة، بما يحافظ على استقرار الاقتصاد وأسواق الطاقة المحلية.
كما يعكس هذا التحرك التزام الهند بالقوانين والعقوبات الدولية، وفي الوقت نفسه حرصها على تحقيق التوازن بين مصالحها الاقتصادية وأولويات الأمن الطاقي، مما يعزز قدرتها على إدارة التحديات الجيوسياسية والاقتصادية الناشئة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
وتؤكد مصادر حكومية أن التخفيض التدريجي للواردات الروسية سيتم بالتنسيق مع جميع الأطراف المعنية لضمان عدم حدوث أي نقص في الإمدادات، مع مواصلة متابعة تأثيره على السوق المحلية والأسواق العالمية، والتخطيط لمزيج متوازن من الواردات النفطية لتحقيق الأمن الطاقي وتحفيز النمو الاقتصادي المستدام في الهند.
0 تعليق