تبدو مشروعات الربط الكهربائي بين أفريقيا وأوروبا واعدة لكلا الجانبين، التي تجري من خلال 3 دول عربية؛ إذ تستفيد القارة السمراء من أشعة شمسها الوفيرة، لتحولها إلى استثمارات تُضخ في خزائنها غير الممتلئة، وفي المقابل تسد القارة العجوز حاجتها وتغطي خططها المتعلقة بالطاقة النظيفة.
ووفق تحليل صادر من شركة الاستشارات "ريستاد إنرجي"، فإنه من خلال الربط الكهربائي بين أفريقيا وأوروبا تمتلك الثانية فرصة للحصول على 24 غيغاواط من الأولى.
وفي التحليل، الذي طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، توقع أن يكون للربط الكهربائي بين القارتين دور محوري في تلبية احتياجات بروكسل الكهربائية في العقد المقبل.
والربط الكهربائي بين أفريقيا وأوروبا ليس فكرة حديثة، إذ إن هناك خطين بحريين يربطان بين المغرب وإسبانيا حاليًا، بسعة نقل 700 ميغاواط لكل منهما، وهناك خط ثالث تحت الإنشاء.
وسلّط كبير محللي قطاع الطاقة المتجددة والكهرباء في "ريستاد إنرجي" نيفده داس، الضوء على 3 مشروعات مُعلنة للربط الكهربائي بين دول شمال أفريقيا (المغرب وتونس ومصر) وجاراتها المتوسطية في أوروبا (المملكة المتحدة وإيطاليا واليونان).
مشروع المغرب والمملكة المتحدة
تُقدّر تكلفة مشروع الربط الكهربائي بين المملكة المتحدة والمغرب "إكس لينكس" من 27 مليار دولار إلى 30 مليار دولار، لكن لم يستطع المشروع سوى جمع مبلغ ضئيل جدًا من الاستثمارات المطلوبة، وهو 110 ملايين دولار، وغالبًا ما سيُنفق هذا المبلغ على إجراء المسح لموقع الخط بين البلدين.
ورغم ذلك يرى محلل "ريستاد إنرجي" أن التحدي الأكبر لهذا المشروع أبعد من الحصول على التمويل، إذ إنه قد يرتبط بالمعروض من الخطوط والقدرة العالمية المنتجة حاليًا ومع العقد المقبل.
وأوضح أن القدرة الإنتاجية الحالية من خطوط الجهد العالي تبلغ 9 آلاف كيلومتر سنويًا على مستوى العالم، ومن المتوقع أن تزيد إلى 16 ألف كيلومتر سنويًا بحلول 2030، وفي المقابل الطلب على مشروعات الربط وعلى تلك الخطوط سيبلغ 75 ألف كيلومتر، ما يعني فجوة هائلة، وفق "ريستاد إنرجي".
وعلاج هذا التحدي يعني إمكانات هائلة لمشروعات الربط الكهربائي بين أفريقيا وأوروبا، ما يعزّز من قدرة الأخيرة على خفض وارداتها من الغاز.
وتستطيع الدول الـ3 في شمال أفريقيا، وهي المغرب وتونس ومصر، التي لديها مشروعات ربط مع أوروبا، تصدير نحو 50 تيراواط/ساعة سنويًا، ما يعني أنها نقطة بداية معقولة، في ضوء أن بروكسل لديها محطات غاز وتمثل جزءًا من مزيج الطاقة لديها.
والمغرب هو الدولة الأفريقية الوحيدة التي لديها خطوط ربط كهربائية تمتد إلى أوروبا في عام 2024. ومن المتوقع أن يكون خط "إكس لينكس"، حال تنفيذه، أكبر خط ربط كهربائي في العالم، وسيبلغ طوله 4 آلاف كيلومتر.
ونجح المشروع في جذب عدد من المستثمرين الكبار على ساحة الطاقة العالمية العام الماضي، مثل عملاقة النفط والغاز الفرنسية "توتال إنرجي" التي استثمرت 20 مليون جنيه إسترليني (26 مليون دولار أميركي).
الربط مع تونس ومصر
لدى إيطاليا وتونس مشروع "إلميد" للربط الكهربائي، وتواصل الدولتان المباحثات بشأنه، ويأمل مطوروه تشغيله في 2028.
ويتضمّن المشروع مد خط تيار عالي الجهد بطول 220 كيلومترًا، وبسعة 600 ميغاواط بين شبه جزيرة رأس بون التونسية بالساحل الجنوبي إلى أكبر جزيرة في إيطاليا.
ورغم أن مطوري المشروع، الذي حظي بدعم حكومي هائل في السنوات السابقة، يستهدفون تشغيله في 2028، فإن هناك حالة من الغموض حول تأثير الانتخابات الأخيرة المثيرة للجدل في تونس فيه.
ويُعد بنك الاستثمار الأوروبي من الداعمين الأساسيين للمشروع. وأُدرج المشروع في عام 2017 في قائمة الاتحاد الأوروبي للمشروعات ذات المصلحة المشتركة، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وتبعت ذلك زيادة تمويلية قدرها 307 ملايين يورو (334 مليون دولار أميركي) في عام 2022 عبر صندوق ربط أوروبا، ليبلغ إجمالي تمويله من بروكسل في المشروع مليار يورو.
وأعلنت كل من مصر واليونان مشروع الربط الكهربائي بينهما لأول مرة في 2017. وتبلغ قدرة المشروع 2 غيغاواط، وتمتد خطوطه بطول 1400 كيلومتر.
وكان من المقرر في البداية إكمال المرحلة الأولى من خط الربط، التي تمثّل نصف السعة الإجمالية المخطط لها، بحلول عام 2023، لكن الشركة المنفذة أرجأت الموعد إلى عام 2029.
وتبلغ تكلفة الاستثمار في المرحلة الأولى 2.5 مليار يورو، والوضع المالي الحالي غير واضح، وفق تقرير "ريستاد إنرجي". وأشارت تقارير العام الماضي إلى أنه يجري إعادة دراسات جدوى المشروع بسبب انخفاض قيمة العملة في مصر.
وكان مدير قطاعات النقل والطاقة والمناخ بمفوضية الاتحاد الأوروبي في القاهرة الدكتور أحمد البلتاجي، قد أشار، في حوار مع منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، إلى أن الاتحاد الأوروبي يعد المغرب مع مصر وتونس من الدول ذات الأولوية في جنوب المتوسط بمشروعات التعاون الطاقي.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر: