إيطاليا تعلن خطة تاريخية غير مسبوقة لتأمين كنوزها الأثرية بعد سرقة«اللوفر» - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بعد أيام من السرقة التي هزّت متحف اللوفر الفرنسي وأثارت صدمة في الأوساط الثقافية العالمية، أعلنت وزارة الثقافة الإيطالية عن خطة غير مسبوقة لتحديث أنظمة الأمن في المتاحف والمواقع الأثرية، عبر دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات الضخمة، في خطوة تهدف إلى حماية التراث الثقافي الإيطالي من أي تهديدات مستقبلية

الذكاء الاصطناعي.. الحارس الجديد للتراث الإيطالي

وقالت الوزارة، في بيان نقلته صحيفة «لا ريبوبليكا» الإيطالية، إن أمن التراث الثقافي بات أولوية وطنية قصوى، مؤكدة أن الجهود تتركز حاليًا على تعزيز قدرات المراقبة والتدابير الوقائية في المتاحف والمواقع التاريخية.

وأوضحت أن مديرية المتاحف الوطنية تعمل على تطوير مشروعين تجريبيين رئيسيين بتمويل يتجاوز 70 مليون يورو من صناديق الاتحاد الأوروبي، ضمن أضخم خطة لتحديث الأمن الثقافي في أوروبا منذ أكثر من عقد.

ويعتمد المشروع على منظومة رقمية متطورة قادرة على تحليل السلوك البشري في الوقت الفعلي داخل المتاحف، ومراقبة حركة الزوار بدقة عبر شبكة من الكاميرات الذكية وأجهزة الاستشعار.

شبكة ذكية ترصد السلوك المشبوه

وتستهدف الخطة إنشاء شبكة وطنية من الكاميرات وأجهزة الاستشعار الذكية توزَّع في المتاحف والمواقع التاريخية، بحيث تتمكن من التعرف على أي حركة مريبة أو نشاط غير اعتيادي، مثل تكرار الاقتراب من قطعة أثرية معينة أو محاولة لمسها، لتنبه فرق الأمن فورًا.

وقال مسؤول في الوزارة إن النظام الجديد «سيكون بمثابة أعين إلكترونية لا تنام»، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي سيُستخدم ليس فقط في المراقبة اللحظية، بل أيضًا في التنبؤ بالمخاطر المستقبلية عبر تحليل أنماط سلوك الزوار المتكررين.

مركز وطني للتحكم يربط روما بالمدن التاريخية

وتتضمن المبادرة كذلك إنشاء مركز وطني للتحكم في أمن المتاحف، يربط بين العاصمة روما وعدد من المدن التاريخية الكبرى مثل فلورنسا، نابولي، والبندقية، لضمان استجابة سريعة وموحدة لأي طارئ.

كما ترتكز المنظومة الجديدة على تقنيات الأمن السيبراني لحماية البيانات الحساسة المتعلقة بالقطع الأثرية ومسارات الزوار، في ظل تصاعد المخاوف من الهجمات الإلكترونية التي قد تستهدف البنية الرقمية للمتاحف

بومبي والفاتيكان أولى محطات التجربة

وأكدت الوزارة أن المشروعين التجريبيين سيبدآن في مواقع ذات أهمية وحساسية عالية، من بينها بقايا مدينة بومبي القديمة ومتحف الفاتيكان، على أن يتم تعميم النظام تدريجيًا على جميع المتاحف الإيطالية بحلول عام 2027.

وتأتي هذه الخطوة في وقت تواجه فيه أوروبا تزايدًا ملحوظًا في حوادث سرقة أو تخريب الأعمال الفنية، ما دفع عدة دول إلى إعادة النظر في استراتيجياتها الأمنية داخل المؤسسات الثقافية.

"إيطاليا لا تنتظر الكارثة"

وقالت إليزابيتا ميرياني، مديرة هيئة المتاحف الإيطالية من خلال تعليقها علي المبادرة:«إيطاليا لا تنتظر أن تتكرر الكارثة لتتحرك، بل تبادر إلى بناء نظام استباقي ذكي يضمن حماية كنوزها للأجيال القادمة»

وأضافت أن التقنية الجديدة ستجعل من إيطاليا نموذجًا عالميًا في الأمن الثقافي الذكي، وتعيد الثقة في قدرة المتاحف الأوروبية على حماية تراثها.

من أزمة إلى فرصة.. التكنولوجيا تحرس التاريخ

تأتي المبادرة الإيطالية كرد عملي على حادثة السرقة الأخيرة في متحف اللوفر بباريس، التي تمكن خلالها لصوص من الاستيلاء على قطع فنية صغيرة الحجم رغم الإجراءات الأمنية الصارمة.
وقد دفعت الواقعة كبرى المتاحف الأوروبية إلى تسريع تحديث أنظمتها الأمنية وتبنّي تقنيات أكثر تطورًا.

وترى الحكومة الإيطالية أن الذكاء الاصطناعي سيكون خط الدفاع الأول عن التراث الإنساني، وأن الاستثمار في التكنولوجيا هو السبيل الأمثل لحماية الهوية الثقافية الإيطالية، التي تُعد من أبرز رموز التاريخ والفن في العالم.

روما تحول الخطر إلى إنجاز

بهذا المشروع، تسعى روما إلى تحويل الأزمة الأمنية التي ضربت المتاحف الأوروبية إلى فرصة تاريخية لتحديث بنيتها الثقافية والأمنية، في رسالة واضحة مفادها أن الفن الإيطالي لن يُسرق مرتين، وأن التكنولوجيا ستقف اليوم حارسًا أمينًا على حضارةٍ لا تقدر بثمن.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق