معلومات تاريخية عن شهر كيهك .. تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بشهر التسبيح “كيهك”، من خلال صلوات وتسابيح تُقام على مدار الشهر، بدءًا من 10 ديسمبر وحتى أوائل يناير من كل عام.
يعتبر “كيهك” الشهر الرابع في التقويم المصري القديم، حيث كان يشهد فيضان النيل الذي يغمر الأرض. ويُشتق اسم “كيهك” من أحد أسماء العجل “أبيس”، الذي كان يُعتبر رمزًا للخير لدى المصريين القدماء.
يمتاز “كيهك” بمكانة خاصة في طقوس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، حيث تم تنظيم الصلوات والتسابيح، بما في ذلك تسبحة نصف الليل، التي تُخصص لهذا الشهر فقط. ويُحتفى فيه بذكرى تجسد الرب وتعظيم والدته مريم العذراء، مما جعله يُعرف أيضًا بالشهر المريمي بين الأقباط الأرثوذكس.
معلومات تاريخية عن شهر كيهك
للحصول على معلومات تاريخية حول شهر كيهك والتسبحة وتاريخ الصلوات، تحدث إلينا الخادم والشماس ومؤلف الكتب “كيرلس كمال”، صاحب قناة اليوتيوب “حكاوي قبطية”، التي يشرف عليها الأنبا إيلاريون أسقف عام غرب الإسكندرية. حيث أشار إلى أن التسبحة تمثل إعلانًا للفرح الروحي، مستشهدًا بكلمات القديس يعقوب الرسول في رسالته: “أمسرور أحد؟ فليرتل” (يع 5: 13).
وأضاف كيرلس كمال أن للتسبحة مكانة كبيرة لدى رجال الله، حيث كانت تعبيرًا عن حبهم له وشكرهم على أعماله معهم. كما أشار إلى أن التسبيح هو الحالة التي سيعيش فيها الأبرار في السماء.
**شهر كيهك و نظرة تاريخية حول التسبيح**
أشار كيرلس إلى أن التسبيح يعود إلى العهد القديم، حيث نجد أول إشارة له في سفر الخروج 15، وهي تسبحة موسى النبي. كما توجد تسبحات أخرى مثل تسبحة دبورة، وتسبحة حنة أم صموئيل، وتسبحة إشعياء والثلاثة فتية، وتسبحة حبقوق، بالإضافة إلى مزامير داود التي لعبت دورًا كبيرًا في التسبيح خلال العهدين القديم والجديد.
واصل كيرلس حديثه موضحًا أن التسبيح يعكس حالة النفس المليئة بالفرح نتيجة لعمل الله، وهو عمل الملائكة وكل الكائنات السماوية التي تعيش في فرح دائم، مما يؤدي إلى تسبيح دائم. وفي العهد الجديد، نجد أن السيدة العذراء قد سبحت الله بتسبيحتها المعروفة “تعظم نفسي الرب.. إلخ”، كما أن السيد المسيح، بعد إقامة العشاء الرباني، سبح وخرج إلى جبل الزيتون.
عاش الرسل من بعده حياة التسبيح، كما يتضح من سفر الأعمال. وأوضح كيرلس أن معلمنا بولس الرسول يبين لنا طرق العبادة والتسبيح في العهد الجديد، وهذا يتجلى بوضوح في “أفسس 5: 19″، حيث قال لهم: “مكلمين بعضكم بعضًا بمزامير وتسابيح وأغاني روحية”.
كانت التسابيح والأغاني الروحية تعتمد جميعها على الكتاب المقدس، وكل صلوات الكنيسة لها أساس كتابي.
**شهادات عن شهر كيهك و السهر الليلي في التاريخ**
فيما يتعلق بشهادات السهر الليلي عبر التاريخ، يروي “كيرلس” أنه في بدايات المسيحية في مصر، كان هناك مؤمنون نساك قد باعوا ممتلكاتهم وانتقلوا إلى قرب بحيرة مريوط. كانوا يقضون لياليهم في الصلاة والتسبيح، ويقومون بتسليم الألحان للأجيال القادمة، حيث كان تسبيحهم يعتمد على ترتيل المزامير.
ويشير كيرلس إلى البابا ديونسيوس الرابع عشر الذي امتدح أسقف الفيوم بسبب تأليفه للإبصلمودية المستخدمة في السهر الليلي، مما يعكس الجهد الذي بذله هذا الأسقف في البحث في الكتب المقدسة لوضع المدائح والصلوات. كما يروي البابا أثناسيوس قصة عن حروبه مع الأريوسيين، حيث أحاط الحاكم بكنيسة ثاؤنا ليلاً، وكان بها الشعب والبابا أثناسيوس أثناء التسبحة، وحاولوا القبض عليه. فأمر البابا الشماس بترتيل المزمور “135”، وكان الشعب يرد “وأن إلى الأبد رحمته”، وهو الهوس الثاني في الوقت الحالي.
كما يبرز دفاع القديس باسيليوس الكبير عن طقس السهر الليلي الذي أدخله في كنيسة قيصرية، حيث أوضح للإكليروس أن هذا الطقس مستمد من كنيسة مصر وموجود في العديد من الكنائس.
ويتابع كيرلس بالإشارة إلى شهادات من يوحنا كاسيان وجيروم حول التجمعات الرهبانية والسهر الليلي بين الرهبان.
**طرق التسبيح فى شهر كيهك**
بالنسبة لطرق التسبيح، أشار كيرلس إلى أنها تتضمن: (المرابعة – فرد يرتل والشعب يرد – تسبيح الشعب معًا بصوت واحد).
**أسماء التسبحة**
كما ذكر كيرلس كمال أسماء التسبحة، مثل: (السهر الليلي – صرخات الليل – التسبحة).
**الثيؤطوكيات**
بدأت الثيؤطوكيات تُدرج في الكنيسة بعد مجمع أفسس الأول الذي عُقد في عام 431م.
**شهر كيهك و طبعات كتاب الإبصلمودية**
وفيما يتعلق بطبعات كتاب الإبصلمودية، قال كيرلس إن روفائيل الطوخي كان أول من طبع هذا الكتاب في روما. وكان هذا الشخص من أبناء جرجا، ثم انضم إلى الكنيسة الكاثوليكية وطبع جميع الكتب الطقسية. ومع ذلك، أدرج في كتاب الإبصلمودية بعض الأفكار من العقيدة الكاثوليكية التي تؤمن بالطبيعتين. نذكر هذا لأنه كان أول محاولة لطباعة كتاب الإبصلمودية من الكتب القبطية التي كانت موجودة في مكتبة الفاتيكان، والتي وصلت هناك عبر بعض المستشرقين.
وأضاف كيرلس أن أبونا مينا المحلاوي قام بطباعته في عام 1908م، وكانت الطباعة على نفقة الأنبا يوأنس مطران البحيرة ووكيل الكرازة المرقسية. بعد ذلك، قام العلامة القبطي الجليل إقلاديوس لبيب بطباعته في أواخر عام 1908م.
وأشار كيرلس إلى أن التسبحة كانت مقسمة إلى جزئين، الجزء الأول هو تسبحة نصف الليل وهي…