ترامب يرفض تسليم صواريخ توماهوك ويُركز على "الأرض مقابل السلام" - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
صواريخ توماهوك

صواريخ توماهوك

وكالات

قرر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وقف تسليم دفعة من صواريخ "توماهوك" إلى كييف، مُعللاً ذلك بضرورة حماية أمن الولايات المتحدة.

وقد أثار هذا القرار جدلاً واسعاً حول دوافعه، خاصة في ظل تسريبات عن محادثة هاتفية جرت بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتي حملت مؤشرات على صفقة محتملة قوامها "الأرض مقابل السلام".

كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن بوتين عرض على نظيره الأمريكي خلال اتصالهما الأخير مقترح تسوية يهدف إلى إنهاء الحرب، عبر تنازل كييف عن إقليم دونيتسك لصالح روسيا، مقابل انسحاب جزئي للقوات الروسية من مناطق زابوريجيا وخيرسون التي تسيطر عليها جزئياً.

ونقلت الصحيفة أن المبعوث الأمريكي، ستيف ويتكوف، مارس ضغوطاً مباشرة على الوفد الأوكراني خلال اجتماع ترامب مع الرئيس فولوديمير زيلينسكي، مطالباً كييف بالقبول بالمقترح الروسي بحجة أن دونيتسك "يقطنها غالبية ناطقة بالروسية".

ويُشير هذا إلى تحول محتمل في موقف واشنطن من سياسة الدعم غير المشروط إلى نهج تسووي يهدف إلى وقف القتال.

الرد الأوكراني والموقف الأمريكي المُعلن

جاء الرد الأوكراني سريعاً وحاسماً؛ حيث أكد الرئيس زيلينسكي، في منشور على منصة "إكس"، أن كييف لن تقدم أي تنازلات تمس سيادتها الوطنية، قائلاً إن بلاده "لن تمنح الإرهابيين مكافأة على أفعالهم"، وداعياً الحلفاء الأوروبيين والأمريكيين إلى تبني الموقف ذاته.

في المقابل، أوضح ترامب دوافع قراره بوقف تسليم الصواريخ قائلاً: "كنت جيداً جداً مع زيلينسكي وأوكرانيا، لكن لا أستطيع تعريض أمن الولايات المتحدة للخطر".

 مناورات بوتين وتكتيكات ترامب

في حديث لبرنامج "التاسعة" على سكاي نيوز عربية، رأى الدبلوماسي الأوكراني السابق، فولوديمير شوماكوف، أن الرئيس الروسي "يحاول جَرّ ترامب إلى مستنقع المفاوضات"، مستخدماً رغبة واشنطن في إنهاء الحرب كورقة ضغط سياسية.

وأكد شوماكوف أن فكرة تبادل الأراضي التي تطرحها موسكو "غير قابلة للتطبيق"، نظراً لأن الدستورين الروسي والأوكراني يحظران التنازل عن أي أراض وطنية. مضيفاً أن بوتين يستخدم المناورة السياسية لاستدراج ترامب إلى صفقة تُرَسّخ المكاسب الروسية ميدانياً مقابل تجميد الصراع.

وأشار إلى أن "الجوهر الحقيقي للمحادثات بين ترامب وزيلينسكي يتمثل في مقترح تجميد الصراع على خطوط التماس الحالية"، وهي صيغة اعتبرها شوماكوف أقرب إلى هدنة غير معلنة منها إلى تسوية نهائية، قائلاً إن "ترامب يبحث عن إنجاز سياسي سريع، بينما يحاول بوتين استثمار ذلك لتعزيز موقفه العسكري".

لعبة الابتزاز المتبادل وملف المعادن الاستراتيجي

يرى شوماكوف أن ما يجري ليس سوى لعبة ابتزاز متبادل بين واشنطن وموسكو، موضحاً أن ترامب يستخدم ملف السلاح كورقة ضغط على بوتين، بقوله: "إذا رفض بوتين الجلوس إلى طاولة المفاوضات، فسيقدم ترامب كل الأسلحة المطلوبة لأوكرانيا".

وأشار إلى أن هذا التكتيك ليس جديداً؛ إذ استخدمه الرئيس السابق جو بايدن قبل موافقته على تسليم كييف دبابات ومقاتلات "إف 16"، لكن ترامب يعيد إنتاجه اليوم بأسلوب أكثر صراحة، مستنداً إلى منطق "الصفقة السياسية" لا "التحالف الاستراتيجي".

في تحليله لخلفيات النزاع، لفت شوماكوف إلى أن معظم الثروات المعدنية الأوكرانية تتركز في منطقة دونباس، موضحاً أن السيطرة عليها تعني التحكم بإحدى أهم مناطق إنتاج المعادن الثمينة في أوروبا. وأضاف أن "روسيا، بالرغم من غناها بالموارد، تسعى لتأمين السيطرة على هذه المنطقة لأسباب اقتصادية واستراتيجية، بينما تسعى واشنطن لحماية مصالحها في السوق العالمي للمعادن النادرة، ما يجعل الصين طرفاً متضرراً من أي تفاهم روسي–أمريكي في هذا المجال".

وأكد أن ملف المعادن أصبح ورقة مساومة رئيسية، وأن "حديثاً متزايداً يدور عن صفقات طويلة الأمد لإزالة الألغام في مناطق النزاع خلال السنوات المقبلة"، ما يدل على أن الحرب تجاوزت حدودها العسكرية لتتحول إلى معركة على الموارد.

غياب الضمانات الأمنية والعقبة الجوهرية

يربط شوماكوف بين حراك ترامب الدبلوماسي في الملف الأوكراني وسعيه لإنهاء الحرب في غزة، قائلاً إن الرئيس الأمريكي "يبحث عن انتصارات سريعة في الملفات الدولية الكبرى لإعادة رسم صورته كصانع للسلام".

لكنه استدرك أن "الواقع الأوكراني أكثر تعقيداً من غزة"، مشيراً إلى أن مقترح تجميد الصراع "يعني عملياً استمرار الحرب تحت مسمى آخر، واستمرار المفاوضات بلا نهاية".

يتوقع شوماكوف أن اللقاء المرتقب بين ترامب وبوتين في بودابست، إن تم، قد يحمل ملامح صفقة غير معلنة تشمل تفاهمات حول الحرب الأوكرانية والتعاون في ملف المعادن النادرة، قائلاً إن "بوتين قد يقدم لترامب جزرة اقتصادية في هذا الملف مقابل قبول أمريكي بتجميد الصراع".

رغم كثرة الأحاديث عن التسويات، يرى شوماكوف أن غياب الضمانات الأمنية يبقى العقبة الجوهرية أمام أي اتفاق.

فخلال لقاء ترامب مع زيلينسكي، لم يقدم الرئيس الأمريكي أي التزام صريح بحماية أوكرانيا من هجوم روسي جديد، الأمر الذي أعاد إلى الأذهان تجربة "مذكرة بودابست" عام 1994، حين تخلت كييف عن سلاحها النووي مقابل وعود أمنية لم تُنفذ. واختتم شوماكوف بالقول: "أين هي الضمانات التي وعدنا بها؟ لقد حصلت أوكرانيا على ضمانات أمنية من أمريكا وبريطانيا وروسيا، واليوم لا أثر لها على الأرض". 

إخلاء مسؤولية إن الموقع يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق