طفرة غير مسبوقة في الاحتياطي الأجنبي فلأول مرة منذ أكثر من 10 سنوات، اقترب صافي الاحتياطي النقدي الأجنبي لمصر من حاجز 50 مليار دولار، بعدما سجل 49.3 مليار دولار في أغسطس 2025، وفقاً لبيانات البنك المركزي.
ويعد هذا الارتفاع مؤشراً قوياً على استعادة الاقتصاد المصري لعافيته النقدية بعد سنوات من الضغوط التي فرضتها الأزمات العالمية وتراجع تدفقات العملة الأجنبية حيث تضاعف الاحتياطي الأجنبي خلال العشر سنوات الأخيرة، بعدما بلغ نحو 17.5 مليار دولار فقط في يونيو 2016، وواصل ارتفاعه المستمر خلال العامين الماضيين من 34.8 مليار دولار في يونيو 2023 إلى 48.7 مليار دولار في يونيو 2025، بفضل تحسن موارد النقد الأجنبي من السياحة، والصادرات، وتحويلات المصريين العاملين بالخارج.
في هذا التقرير نستعرض رأي خبراء الاقتصاد حول هل مصر استرجعت قوتها المالية؟
رقم قياسي جديد لتحويلات المصريين بالخارج
كشف المركز الإعلامي لمجلس الوزراء أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج حققت قفزة قياسية خلال العام المالي 2024/2025 لتسجل 36.5 مليار دولار، وهو أعلى مستوى في تاريخها.
وأوضحت البيانات أن التحويلات ارتفعت من 17.1 مليار دولار في 2015/2016 إلى 36.5 مليار دولار حالياً، فيما بلغ حجم التحويلات خلال شهر يوليو 2025 وحده نحو 3.8 مليار دولار، وهو أعلى مستوى شهري يتم تسجيله على الإطلاق.
البهواشي: "نحن أمام اقتصاد جديد قائم على الإنتاج"
من جانبه يقول الدكتور محمد البهواشي، الخبير الاقتصادي، إن اقتراب الاحتياطي النقدي من حاجز الـ50 مليار دولار "دليل واضح على التعافي الحقيقي للاقتصاد المصري"، مشيراً إلى أن "كافة المؤشرات الاقتصادية تسير في اتجاه التحسن رغم التحديات الجيوسياسية".

وأضاف البهواشي أن هناك زيادة ملحوظة في الحصيلة الدولارية من مصادر متعددة، منها السياحة، وتحويلات العاملين، والصادرات، رغم تأثر قناة السويس جزئياً بالأوضاع في البحر الأحمر.
وتابع: "مع التهدئة المرتقبة في قطاع غزة، وافتتاح المتحف المصري الكبير، وعودة النشاط السياحي إلى سيناء والساحل الشمالي، ستشهد موارد النقد الأجنبي دفعة قوية خلال الفترة المقبلة".
وأشار إلى أن مصر "في طريقها إلى بناء اقتصاد جديد قائم على القطاعات الإنتاجية واستغلال الموارد بشكل أمثل، وهو ما سينعكس على زيادة شهور تغطية الاحتياجات الاستراتيجية من السلع الأساسية"، مضيفاً أن البلاد تجاوزت حالياً "أكثر من ستة أشهر ونصف من احتياجاتها الاستراتيجية"، وهو رقم غير مسبوق منذ سنوات.
يمن الحماقي: مؤشرات متعددة تؤكد التحسن الحقيقي
في الوقت ذاته أكدت الدكتورة يمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، أن ما نشهده الآن هو نتيجة جهود واضحة لتحسين بيئة الاستثمار وجذب رؤوس الأموال الأجنبية، مشيرة إلى أن الإصلاحات في بيئة الأعمال، مثل تقليص زمن الإفراج الجمركي وتبسيط الرسوم، ساعدت في إعادة الثقة للمستثمرين.

وقالت الحماقي إن الاحتياطي النقدي ليس المؤشر الوحيد على قوة الاقتصاد، موضحة أن الودائع بالنقد الأجنبي في البنوك شهدت ارتفاعاً ملحوظاً، وهو مؤشر أهم من الاحتياطي نفسه من وجهة نظرها، لأنه يعكس استقرار السوق وقدرة الجهاز المصرفي على تلبية الطلبات الدولارية دون أزمة.
وأضافت: "لم نعد نسمع عن أزمة في تدبير الدولار أو تأخر في فتح الاعتمادات المستندية، كما أن مصر سددت خلال عام 2024 أكثر من 30 مليار دولار لخدمة الدين الخارجي، وهو رقم ضخم يعكس الالتزام والقدرة على إدارة الالتزامات".
وأوضحت أن عام 2025 يشهد تراجعاً في حجم خدمة الدين إلى نحو 20 مليار دولار فقط، مما يمنح الاقتصاد "مساحة أوسع للحركة وزيادة الاستثمارات"، كما لفتت إلى أن تحويلات المصريين بالخارج عادت إلى ذروتها البالغة 36.5 مليار دولار، وهو ما يمثل "عامل دعم أساسي للاحتياطي النقدي وسوق الصرف".
0 تعليق