يبدو أن أسعار الذهب بدأت في أخذ منحنى اخر من الصعود بعدما تخطت على مستوى 4 آلاف جنيه للأونصة، فالمعدن الذي ارتبط عبر التاريخ بفكرة الأمان والقيمة الثابتة، يعيش اليوم لحظة فارقة قد تعيد رسم ملامح النظام المالي العالمي.
وبينما تترنح الاقتصادات الكبرى تحت وطأة ديون ضخمة، ويقف الفيدرالي الأميركي أمام معضلة تاريخية بين التضخم والركود، تتزايد الرهانات على أن الذهب في طريقه إلى مستويات غير مسبوقة قد تصل إلى 7 آلاف دولار للأونصة، فهل نحن أمام قفزة واقعية أم مجرد سيناريو مبالغ فيه؟
الديون الأمريكية أبرز أسباب ارتفاع أسعار الذهب
فرانك هولمز، أحد أبرز المستثمرين في أسواق الذهب، لا يرى أن الارتفاع الحالي للذهب محض موجة عابرة، بل نتيجة مباشرة لاختلالات هيكلية عميقة في الاقتصاد العالمي، مؤكدا أن الدين الأميركي وحده بلغ 37.5 تريليون دولار، أي ما يعادل 124% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ 400 مليار فقط عام 1971.

وأشار "هولمز"، بحسب تقرير نشرته العربية، ان ارتفاع مستويات الدين الأمريكي يعكس تضخمًا ماليًا بات يهدد استقرار الدولار ذاته، موضحا أن هذه الأزمة لا تنحصر في الولايات المتحدة، بل تشمل العالم بأسره، حيث بلغت ديون الحكومات عالميًا نحو 324 تريليون دولار، وهو رقم يتجاوز ضعفي الناتج العالمي الإجمالي، بينما وصلت ديون الأسر الأميركية إلى 18.39 تريليون دولار.
في ظل هذه المعادلة، يذهب هولمز إلى أن "كل الطرق تؤدي إلى الذهب"، إذ قفز المعدن الأصفر إلى مستوى 4032 دولار للأونصة، محققًا مكاسب تزيد عن 47% منذ بداية عام 2025، ليمثل ذلك في رأيه مجرد بداية لرحلة صعود طويلة قد تنتهي عند مستوى 7 آلاف دولار للأونصة.
جولدمان ساكس: مستويات قياسية للأونصة في منتصف 2026
لكن المشهد لا يكتمل من دون قراءة البنوك الاستثمارية الكبرى، وعلى رأسها "جولدمان ساكس"، الذي تبنى رؤية متفائلة بدوره تجاه مستقبل الذهب، حيث توقع البنك استمرار أسعار الذهب في تسجيل قمم جديدة خلال الفترة المقبلة.

وأشار البنك في تقرير له، إلى أن السبب وراء ذلك زيادة الطلب على الأصول الآمنة لاسيما مع اقتراب الحكومة الأميركية من سيناريو الإغلاق، موضحا أن الذهب ارتفع بالفعل منذ بداية العام، ليسجل مستوى قياسيًا عند 4032 دولار للأونصة، وهو ما يعكس إصرار المستثمرين على تعزيز مراكزهم في هذا الأصل الاستراتيجي.
التقديرات التي قدمها "جولدمان ساكس" تفتح الباب أمام سيناريو وصول الذهب لمستويات قياسية بحلول منتصف عام 2026، مستندة إلى استمرار موجة شراء غير مسبوقة من قبل البنوك المركزية التي تضخ نحو 64 طنًا شهريًا في الأسواق، مع ترجيح استمرار هذا الاتجاه لثلاث سنوات على الأقل.
هيمنة المراكز الشرائية طويلة الأجل
وأكد جولدمان ساكس - في تقريره - أن ذلك يعني أن السوق سيظل مدفوعا بطلب هيكلي قوي، لا يرتبط فقط بالمضاربات قصيرة الأجل.

الأهم من ذلك أن هيمنة المراكز الشرائية طويلة الأجل من جانب المضاربين تؤكد أن الاتجاه السائد في السوق يتجه صعودًا، حيث يفضل المستثمرون الاحتفاظ بالعقود الآجلة لفترات ممتدة، مما يمنح الذهب دعمًا إضافيًا ويقلل من احتمالات أي تصحيح حاد.
وبين رؤية هولمز التي تضع الديون المتفاقمة في قلب أزمة النظام المالي، وتوقعات "جولدمان ساكس" التي تبني سيناريو أكثر تفاؤلًا على أساس الطلب المستدام، يظل السؤال المحوري قائما: هل يتجه الذهب فعلًا إلى سباق مفتوح نحو 7 آلاف دولار، أم أن الأسواق ستفرض تصحيحًا واقعيًا قبل الوصول إلى تلك الذروة التاريخية؟
0 تعليق