حلل مقال في صحيفة لوموند ديبلوماتيك الفرنسية، المعركة الديموغرافية ضد الفلسطينيين في غزة، الذي يستهدف تهجير الفلسطينيين وتقليص عددهم، مشيرة إلى أنه يهدد المشروع الصهيوني نفسه وهو السبب الكامن وراء الحرب في غزة.
تقليص عدد سكان غزة
وفي تقريرها بعنوان "تكلفة بشرية هائلة لمشروع إسرائيل الكبرى.. صراع مميت حول الديموجرافية"، قالت إن الحرب أدت إلى انخفاض كبير في عدد سكان غزة، وهو ما تشير إليه هيئات دولية وإسرائيلية، يعكس نيةً لتقليص عدد السكان الفلسطينيين، مما قد يشكل انتهاكًا لاتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948.
وأضافت أن وراء المذبحة التي خلفتها الحرب الإسرائيلية على غزة يكمن صراع ديموغرافي تهدد نتائجه المشروع الصهيوني نفسه.
دوافع هذه الجريمة الجماعية
جاءت حرب غزة في الوقت الذي كشفت فيه الدراسات الديموغرافية عن الفشل المزدوج للمشروع الصهيوني بتقليص عدد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، وذلك بعد مائة وثمانية وعشرين عامًا من انعقاد المؤتمر الأول للمنظمة الصهيونية العالمية في مدينة بازل بسويسرا في 29 أغسطس 1897 برئاسة ثيودور هرتزل، والذي كان من أهم نتائجه تأسيس المنظمة الصهيونية العالمية بهدف وضع برنامج سياسي للحركة الصهيونية.
وقد نص "برنامج بازل" على "تأسيس وطن آمن للشعب اليهودي في فلسطين بشكل علني وقانوني".
وأشار المقال إلى أن الدراسات الديموغرافية التي تكشف عن فشل مزدوج لهذا المشروع سبقت الصراع الحالي.
ولا تزال التقديرات مؤقتة، لكن التكلفة البشرية الإجمالية لحرب إسرائيل على غزة ستتجاوز بكثير عدد الضحايا المباشرين، ففي غضون عامين، قُتل أكثر من 65 ألف شخص وجُرح 175 ألفًا بالقنابل والرصاص، وفقًا لأرقام وزارة الصحة في غزة التي نقلها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
ومع ذلك، تشير مقالة في مجلة "ذا لانسيت" إلى أن العدد الحقيقي للوفيات الناجمة عن الإصابات الرضحية أعلى من ذلك، وأن عدد الوفيات المبلغ عنه أقل من الواقع بنسبة تزيد عن 40%.
وتشير مقالة أخرى إلى أن عدد الوفيات غير المباشرة في النزاعات الأخيرة يتراوح بين ثلاثة أضعاف و15 ضعفًا عن عدد الوفيات المباشرة. ومع ذلك، فمع حصار السكان ومضايقتهم وتدمير البنية التحتية، سيكون لسوء المعاملة والتجويع المتعمد الذي يتعرض له سكان غزة أثرٌ مدمرٌ على المديين المتوسط والطويل.
وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، هرتس هاليفي، لسكان بلدة عين هابسور الإسرائيلية القريبة من غزة، في 9 سبتمبر: "أكثر من 10% من سكان غزة، البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة، قُتلوا أو جُرحوا. هذه ليست حربًا هادئة".
وقد عدّل الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني تقديراته السكانية لغزة لتعكس أعداد القتلى والمفقودين وانخفاض معدل المواليد.
وتشير الأرقام إلى "انخفاض بنسبة 6% مقارنةً بتوقعات منتصف عام 2024 السكانية، وانخفاض بنسبة 10% مقارنةً بالتقديرات لمنتصف عام 2025"، أي من 2.349 مليون إلى 2.114 مليون.
وبحسب العديد من المؤسسات الدولية والهيئات الإسرائيلية، فإن هذه المذبحة، التي تستهدف المدنيين بشكل رئيسي، تشير إلى نية تدمير، أو على الأقل تقليص، عدد السكان الفلسطينيين في غزة، وهو ما يتعارض مع اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948.
0 تعليق