ارتفعت أسعار النحاس خلال تعاملات اليوم، مدعومة بتصريحات رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جيروم باول، التي فتحت الباب أمام خفض جديد في أسعار الفائدة هذا الشهر، ما عزز شهية المستثمرين تجاه السلع الأساسية وعلى رأسها المعدن الأحمر. ويأتي هذا الارتفاع وسط توقعات متزايدة بوصول سعر النحاس إلى مستوى قياسي جديد يبلغ 12 ألف دولار للطن خلال الأشهر المقبلة.
وسجل النحاس في بورصة لندن للمعادن مكاسب بنسبة 1.1% ليصل إلى نحو 10,687 دولارًا للطن بحلول منتصف التعاملات في شنغهاي، مواصلًا تعافيه من التقلبات الحادة التي شهدها الأسبوع الماضي. ويستفيد المعدن في الوقت الراهن من عاملين أساسيين؛ الأول هو تيسير السياسة النقدية الأمريكية الذي يدعم الطلب الصناعي العالمي، والثاني هو اضطرابات الإمدادات الناتجة عن توقف بعض المناجم الكبرى حول العالم، ما تسبب في شح المعروض ورفع الأسعار تدريجيًا.
وأشار كيني آيفز، رئيس وحدة التداول في شركة التعدين الصينية العملاقة CMOC Group، إلى أن أسعار النحاس قد تنهي العام عند 11 ألفًا أو حتى 12 ألف دولار للطن، مشيرًا إلى أن هذه المستويات “ليست بعيدة المنال” في ظل الأوضاع الحالية. وشارك الرأي ذاته نيك سنودون، رئيس أبحاث المعادن في Mercuria Energy Group، الذي أكد أن تدفق الاستثمارات نحو السلع الأساسية يعزز من احتمالية بلوغ تلك المستويات خلال فترة قصيرة.
ويرى محللون أن الأسعار تستعد لتحقيق مستويات قياسية جديدة، خاصة بعدما سجل النحاس ذروته التاريخية عند 11,104 دولارات للطن في مايو 2024، مدفوعًا بزيادة الطلب من قطاعات التحول الأخضر، ولا سيما صناعة السيارات الكهربائية والطاقة المتجددة، التي تعتمد بشكل متزايد على المعدن الأحمر كمكون رئيسي في شبكات النقل الكهربائي والتخزين.
ورغم التفاؤل السائد، أبدى بعض المشاركين في أسبوع بورصة لندن للمعادن قدراً من الحذر، مشيرين إلى أن تباطؤ النشاط الصناعي في الصين – أكبر مستهلك للنحاس في العالم – قد يحد من الزخم الصعودي في المدى القصير. وقال غرايم تراين، رئيس تحليل المعادن في Trafigura Group، إن الصين بلغت على الأرجح ذروة دورتها الصناعية الأخيرة، مما قد ينعكس على الطلب خلال الربع الأول من العام المقبل. كما أشار محللون في غولدمان ساكس إلى أن السوق لا تزال تعاني من فائض نسبي في الإمدادات، إلا أن التوازن قد يتحقق بحلول العام القادم مع تحسن الطلب الآسيوي.
يُذكر أن التوترات التجارية بين واشنطن وبكين لا تزال تشكل عاملاً مؤثرًا في حركة أسعار المعادن، حيث هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرًا بتعليق تجارة الزيوت النباتية مع الصين ردًا على قرارها تعليق واردات فول الصويا الأمريكي، ما أثار مخاوف من عودة التصعيد التجاري الذي قد يؤثر على سلاسل الإمداد.
ومع استمرار التحفيز النقدي الأمريكي وتزايد الطلب الصناعي العالمي، يتوقع محللون أن يظل النحاس في مسار صعودي خلال الفترة المقبلة، ما لم تتفاقم التوترات الجيوسياسية أو تشهد الأسواق تباطؤًا حادًا في النشاط الصناعي الصيني.
0 تعليق