مرّت صناعة الهيدروجين بتقلبات صعبة خلال عام 2024، أدت إلى إلغاء عدد كبير من المشروعات في مواقع كانت الأكثر تفاؤلًا بالنسبة للصناعة.
وتسببت حالة الاضطراب الحادّ في صدمة لشركات أوروبية وأميركية وأسترالية، وفضّلَ بعضها تأجيل قرارات الاستثمار النهائي للمشروعات أو إلغاءها نهائيًا، في حين انسحبت شركات من مشروعات مشتركة.
ووفق تحديثات قطاع الهيدروجين العالمي لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، انعكست متغيرات السوق خلال الأشهر الماضية على توقيع صفقات شراء طويلة الأجل، ما تسبَّب في قلق للمنتجين من الانخراط بعملية التطوير.
ومقابل ذلك، كان العام الجاري دفعة مهمة للوقود النظيف، إذ بدأت خلاله المبالغات حول الحياد الكربوني للتحول إلى مشروعات فعلية تؤسس لصناعة قد تشهد تطورًا في المستقبل، رغم التأرجح الحالي.
معاناة صناعة الهيدروجين في 2024
تعددت مظاهر معاناة صناعة الهيدروجين في 2024، وتُرجمت إلى صور مختلفة؛ إمّا بتراجع الأداء المالي للشركات المعنية أو تأكيد نظرة سلبية تجاه مستقبل السوق، أو غيرها.
ففي أوروبا، سجلت شركة جونسون ماثي (Johnson Matthy) البريطانية للكيماويات والتقنيات المستدامة أرقامًا ضعيفة مع إعلان نتائج أعمال النصف الأول من العام الجاري، شهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
وكشفت الشركة تراجعًا بنسبة 46% لمبيعات تقنيات الهيدروجين على أساس سنوي، في ظل تباطؤ سلسلة التوريد، وضعف مساعي بناء سلسلة توريد قوية، وضبابية الحوافز والتوجيهات المنظمة.
ولجأت الشركة إلى تقليص فريقها ورأس المال، وأجّلت إطلاق بعض المشروعات مثل مصنع إنتاج مكونات خلايا الوقود، رغم أن استثماراته تصل إلى 80 مليون جنيهًا إسترلينيًا (101.5 مليون دولارًا أميركيًا) في بريطانيا.
ولم تختلف رؤية شركة سيمنس إنرجي (Siemens Energy) الألمانية لصناعة الهيدروجين كثيرًا، إذ أكدت عضوة المجلس التنفيذي للشركة "آن لور دي شامارد" أن سوق الوقود النظيف "تعطلت".
مشروعات الهيدروجين
أوضحت آن لور دي شامارد أن 7% من مشروعات الهيدروجين بلغت مرحلة قرار الاستثمار النهائي، حسب تصريحاتها على هامش منتدى إنرجي إنتيليغينس.
وفجّر الرئيس التنفيذي لشركة توتال إنرجي الفرنسية باتريك بويانيه مفاجأة بتأكيده أن خيار الوقود الحيوي أفضل من الهيدروجين للأسواق التي لا تفرض سعرًا على الكربون.
وإذ كانت صناعة الهيدروجين في أميركا متقلبة بعض الشيء خلال الآونة السابقة، فيبدو أنها تنتظر الأسوأ مستقبلًا مع وصول الرئيس الجديد دونالد ترمب إلى سدة الحكم، حسب منصة هيدروجين إيكونوميست.
وكانت الأشهر الأخيرة صعبة على قطاع الهيدروجين النظيف في أميركا، مع استمرار حالة عدم اليقين حول إمكان تنفيذ قانون 45 في (45V) تحت غطاء قانون خفض التضخم.
ويبدو أن نجاح ترمب في الانتخابات الأخيرة أصاب صناعة الهيدروجين بالمزيد من المخاوف، مع ضعف احتمالات الحصول على دعم أو التمتع بميزات ضريبية جذب اهتمام مصنعين أوروبيين لأجهزة التحليل الكهربائي للاستثمار في أميركا.
تفاؤل رغم إلغاء المشروعات
على النقيض من واقع الصناعة في أوروبا وأميركا، ورغم إلغاء المشروعات في بلدان عدّة، وتأجيل قرارات الاستثمار النهائي لمشروعات بعض الشركات، أبدت شركة أسترالية تفاؤلًا حول مستقبل الصناعة.
وتسير شركة وودسايد الأسترالية عكس اتجاه ورؤية الشركات السابق ذكرها، إذ تُشير الرئيسة التنفيذية للشركة "ميغ أونيل" إلى أن الأمونيا (المشتقة من الهيدروجين) جزء رئيس من رحلة إزالة الكربون في الصناعات الثقيلة ومحطات الكهرباء العاملة بالفحم.
وتوقعت أونيل ارتفاع الطلب على الأمونيا منخفضة الكربون في أوروبا واليابان وكوريا الجنوبية، مع تعديل حدود الكربون وتطبيق العقود مقابل الفروقات.
وكانت الشركة قد أبرمت صفقة مهمة العام الجاري، بشراء مشروع أمونيا زرقاء بقيمة 2.35 مليار دولار في ولاية تكساس يُعرف بأنه الأكبر في أميركا، وتعوّل "أونيل" على دعم الولاية للمشروع سياسيًا.
ولا يعدّ مشروع الأمونيا في تكساس مصدر التفاؤل الوحيد لشركة وودسايد الأسترالية، إذ تطور الشركات مشروعات أخرى في: (ولاية أوكلاهوما الأميركية، ونيوزيلندا، وأستراليا)، رغم التحديات.
وفسّرت أونيل مواصلة تطوير "وودسايد" لهذه المشروعات، في ظل تعثُّر صناعة الهيدروجين، بأنه "تحدٍّ" قررت الشركة خوضه لدعم صناعة متعثرة.
الهيدروجين في نهاية 2024
عقب طرح الصورة السابقة التي يغلب عليها واقع مليء بالتحديات، يبدو أن واقع صناعة الهيدروجين في نهاية 2024 لا يتّسم بـ"الانهيار" الكامل.
ورغم إلغاء مشروعات، والتباطؤ في قرارات الاستثمار النهائي لمشروعات أخرى، والتردد في توقيع صفقات طويلة الأجل، فإن العام الجاري يعدّ "نقطة تحول" للصناعة من مبالغات دوره بصفته معجزة الحياد الكربوني إلى واقع حقيقي.
ويسعى مؤيّدو الهيدروجين للترويج إلى أن العام الجاري كان "بالون اختبار" لواقع "مرونة" الصناعة وتكيفها مع المتغيرات، وأثبتت نجاحها في ذلك، وفق ما استندوا إليه خلال جلسات المنتدى.
وأوضح المشاركون أنه يتعين على المستثمرين تجديد الثقة في صناعة الهيدروجين والشركات المطورة القادرة على المفاضلة بين المشروعات، حسب أسس مختلفة، من بينها توافر التمويل.
وأكدوا أن سلسلة التوريد في طريقها للتعافي والوقوف على أرض صلبة، بما يدعم مستويات الطلب واقتصادات الصناعة.
وتوقعوا استمرار الطلب على الهيدروجين منخفض الكربون بما يفوق الطلب على الهيدروجين الرمادي بنحو 6 أضعاف، بحلول منتصف القرن عام 2050.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
- واقع الهيدروجين في 2024 بين التحديات والنظرة المتفاءلة، من هيدروجين إيكونوميست.