في خطوة نوعيىة تعكس تسارع جهود التحول الرقمي في قطاع التعليم السوري، أطلق المركز الوطني لتطوير المناهج التربوية التابع لوزارة التربية والتعليم السورية، حديثًا، النسخة الرقمية من الكتاب التفاعلي، وهو مشروع طموح يهدف إلى تجاوز القيود الجغرافية وتوفير تعليم نوعي ينمّي مهارات التفكير العليا للطلاب داخل البلاد وخارجها، في إطار جهود حثيثة لربط المنهاج السوري بمتطلبات العصر الرقمي والذكاء الاصطناعي.
فلم يَعد التعليم في سوريَة حبيسًا بين جدران المدارس المتضررة، فبفضل هذا الإطلاق، أضحى بإمكان أي طفل الوصول إلى المنهاج السوري عبر الإنترنت بنقرة واحدة، إذ لا يقتصر هذا الكتاب التفاعلي على مجرد تحويل المحتوى من الورق إلى الشاشة، بل إنه يمكّن الطالب من التعلم الذاتي، ويوفر له فرصًا غير مسبوقة للتفاعل المباشر مع المحتوى، مما يجعله مصدر فائدة لا يقدر بثمن للمعلمين والطلاب على حد سواء.
وقد جاء هذا الإطلاق خلال حفل خاص أقيم في المختبر الافتراضي الثلاثي الأبعاد بالعاصمة، دمشق، بحضور نخبة من المسؤولين بينهم معالي وزير والاتصالات وتقانة المعلومات، عبد السلام هيكل، ومعالي وزير المالية، محمد يسر برنية، ومحافظ دمشق، ماهر مروان، ورئيس مجلس الدولة، عبد الرزاق مصطفى كعدي، مما يؤكد الأهمية الإستراتيجية لهذا المشروع كحجر أساس في التحول الرقمي للتعليم في سوريَة.
حق الطفل في التعلم والوصول الرقمي:
سلط معالي محمد عبد الرحمن تركو، وزير التربية والتعليم السوري، الضوء على الأبعاد الإستراتيجية والإنسانية لمشروع (الكتاب التفاعلي) خلال حفل الإطلاق. وأكد الوزير أن هذا المشروع يحقق هدفين جوهريين، وهما: “حق الطفل في الوصول إلى التعليم” و “حقه في تعليم نوعي”.
وأوضح الوزير تركو أن المنصة التربوية المصاحبة للكتاب تضمن وصول أي طفل سوري، داخل البلاد وخارجها، إلى المنهاج التفاعلي، متخطيةً بذلك جميع الحواجز الجغرافية والمادية.
وبيّن الوزير أن الوزارة تعمل حالياً على جبهتين متوازيتين، وهما:
- الجهود الميدانية: التي تتمثل في إعادة ترميم المدارس المدمرة وتأمين المقاعد والمناهج الورقية.
- التعليم النوعي والمستقبل: يتمثل في ضمان دخول كل طفل إلى العالم الرقمي، عبر تطوير التعليم وربطه بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
وشدد الوزير على أن هذا التوجه يضمن لكل طفل الحصول على تعليم يمكّنه من تنمية مهاراته الذاتية، مؤكدًا أن هذه المزايا جميعها متوفرة ومؤمنة من خلال النسخة التفاعلية.
تطوير مستمر لتعميق التجربة العلمية:
لفت الوزير إلى المزايا التربوية المباشرة للكتاب، قائلًا: “الكتاب التفاعلي يجعل التعليم أسهل وصولًا وأكثر حماسًا للطلاب”، كما كشف عن خطط تطويرية مستقبلية للمنصة، تشمل: “إضافة المختبرات الافتراضية التي تساعد في دروس الكيمياء والعلوم والرياضيات”، مما يساعد في تعميق فهم الطلاب للتجارب العلمية المعقدة.
ولم يتوقف الطموح عند هذا الحد، فقد أشار الوزير تركو إلى أن ما أُنجز حتى الأن هو مجرد البداية، مؤكدًا التخطيط لإصدار نسخة مطورة من هذه الكتب، تتكامل مع مصادر تعليمية متقدمة ومختبرات افتراضية ثلاثية الأبعاد لرفع مستوى تجربة التعلّم التفاعلية وفتح آفاق لا محدودة للتعليم في سوريًة.
شهادة تربوية.. الكتاب التفاعلي رحلة استكشافية:
وفي سياق متصل، أكدت المعلمة عبير دندش، في حديثها إلى موقع (البوابة التقنية)، أن هذا الإنجاز “يأتي تتويجًا لجهود وزارة التربية والتعليم السورية لتوفير بيئة تعليمية مرنة ومتاحة للطلاب في أي وقت ومكان”.
وأكدت دندش أن هذه الخطوة لم تُعدّ نقلة نوعية في التحول الرقمي في قطاع التعليم فحسب، بل هي ارتقاء بمستوى تنمية شخصية الطالب. وأوضحت أن المشروع يساعد في تعزيز المهارات الرقمية، والاستقلالية، والثقة بالنفس، وتقوية الذاكرة، من خلال إتاحة إمكانيات التفاعل الشخصي المتنوعة مثل الرسم، والتلوين، والكتابة، واستيعاب المعلومات بطريقة تفاعلية، مما ينقل التعليم من عملية تلقينية إلى رحلة استكشافية مشوقة.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط
0 تعليق