أستاذ الطب النفسي بالأزهر يحلل سبب انتشار جرائم القتل المرعبة بين الأطفال - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أوضح الدكتور محمد المهدي أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، أنه لوحظ في الآونة الأخيرة تكرار جرائم بشعة يكون الجاني فيها طفلا والمجني عليه طفلا آخر أو طفلة، فرأينا طفلين يستدرجان طفلة أصغر ويصطحبانها لأعلى العمارة ويحاولان اغتصابها ثم يلقيانها من أعلى العمارة لتسقط جثة هامدة، وطفل آخر يغتصب طفلا أصغر ثم يقتله ويقطع جسده ليخفي جريمته،  ثم الجريمة الأخيرة التي حدثت منذ أيام حيث قتل طفل عمره 13 سنة صديقه لسبب ما وقطع جثته وألقاها في أماكن متفرقة وأكل أجزاء منها وقال إن طعمها كان لذيذا ويشبه طعم البانيه. 

وأشار إلى أن هذه المشاهد المتكررة صدمت الرأي العام وغيرت صورة الطفل الرومانسية التي تتسم بالبراءة والطهارة والنقاء والعفوية والجمال الإنساني في أرق صوره، وهنا ترتفع الأصوات المجروحة لتطالب بتوقيع أقصى العقوبات على هؤلاء الأطفال المجرمين قصاصا منهم وردعا لغيرهم وتخفيفا عن آلام أسر ضحاياهم.

ولفت إلى أن هناك عامل مهم أضيف للعوامل المساعدة على الجريمة لدى الأطفال وهو الألعاب الإلكترونية التي يجلس عليها الطفل ساعات طويلة وأغلبها (أو التي يحبها الأطفال والمراهقين ) ألعاب عنيفة مليئة بمشاهد القتل والتدمير والحرق، والطفل يشعر بالنشوة كلما نجح في قتل من يعادونه في اللعبة، وتقل حساسيته تجاه الدماء والأرواح مع تكرار تعامله مع هذه المشاهد.

وأضاف أن الطفل يشاهد على التليفزيون أو اليوتيوب مسلسلات أو أفلام فيها عمليات قتل وتقطيع للجثث أو حرقها ويعجب بالقاتل المنتصر الذي فعل ذلك وربما يقلده في حياته الواقعية،  وهو ما نسميه التعلم بالنمذجة، مشيرا إلى أنه  ظهر ماهو أخطر وهو ألعاب التحدي على الإنترنت (كلعبة الحوت الأزرق) والتي تأخذ الطفل في خطوات متتالية ينفذ فيها أوامر صنّاع اللعبة، وفي كل مرة يشجعونه أنه انتصر في التحدي، وفي مرحلة معينة تكون الأوامر إما بالإنتحار أو القتل،  ويكون الطفل بحكم تدرج الأوامر ورغبته في التحدي وحاجته للإطراء جاهزا لتنفيذ تلك الأوامر القاتلة. 

وتابع أنه ظهر ماهو أخطر وأخطر وهو الإنترنت العميق الذي يتطلب تصوير مشاهد عنف بشعة وتشتريها بعض المواقع بأموال طائلة لنشرها في هذا الإنترنت العميق (أو المظلم) وتحصيل أموال طائلة من ورائه، وعلوم المخ والأعصاب والطب النفسي تفيد بأن هذا الجيل الذي نشأ في أحضان التكنولوجيا الرقمية قد تشكلت مسارات ودوائر المخ لديه بطريقة مختلفة عن الأجيال السابقة ولذلك سوف نفاجأ في المستقبل القريب بسلوكيات لأطفال ومراهقين وشباب لم نعهدها لأنها ستكون موغلة في البشاعة والغرابة. 

وأكد أنه في القانون المصري وكثير من القوانين في العالم يتحدد سن الطفولة حتى 18 عاما،  ويترتب على ذلك تكييف المسئوليات القنونية والعقوبات،  بحيث تنتفي بعض العقوبات كعقوبة الإعدام وتخفف العقوبات الأخرى أو تستبدل بالإيداع في أحد دور الرعاية،  على اعتبار أن الطفل (حتى 18عاما) لم ينضج إدراكه وتفكيره وتمييزه بين الأمور،  وأن الأمر يستوجب عقوبات إصلاحية أكثر منها عقوبات ردعية أو انتقامية. 

ولكن نظرا لتكرار الجرائم التي يرتكبها اشخاص تحت سن 18 سنه وبشاعتها مثل الإغتصاب والقتل بطرق بشعة ارتفعت أصوات تنادي بتغليظ العقوبة على هؤلاء حتى يرتدع غيرهم ويتخلص المجتمع من هذه النماذج الإجرامية في مهدها، ولكن يقف أمام هذه الدعاوى الجمعيات والمؤسسات التي ترعى حقوق الطفل حتى ولو كان مرتكبا لجريمة بشعة. 

وفي الشريعة الإسلامية (وفي شرائع دينية أخرى) لاتتحدد المسئولية بسن 18 عاما كما هو الحال في القوانين ولكن تتحدد بتأكد البلوغ وأن يطمئن القاضي إلى أن هذا الشخص بلغ درجة من الوعي والتمييز تمكنه من معرفة ماذا يفعل ومعرفة الخطأ والصواب وقدرته على التحكم في نزعاته وبالتالي يحكم في ضوء هذه المفردات التي تحدد مدى مسئولية الشخص عن أفعاله. وهذا المخرج الشرعي والقانوني في نفس الوقت (حيث أن الشريعة هي مصدر أساسي في التشريع) قد يعطي للقاضي الفرصة في اختيار العقوبة المناسبة خاصة في الجرائم التي تتسم بالقصدية والتعمد والوحشية وذلك درءا لمفاسد تفشي الجريمة.

والعقوبات وحدها لاتكفي لمنع الجرائم التي يرتكبها أطفال أو من هم دون الثامنة عشرة بل هناك ضرورة لبحث أسباب تفشي الجريمة في هذه الشريحة من العمر في السنوات الأخيرة وربما يستلزم هذا مراجعة الدور التربوي للأسرة والمدرسة والمؤسسات الدينية والإعلامية، ودور الإنترنت والوسائط الحديثة في تغيير التركيبة النفسية للأطفال والمراهقين.

إخلاء مسؤولية إن الموقع يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق