يستمر موقع ليكسوس الأثري نواحي مدينة العرائش في كشف أسرار حول المغرب في العهد الروماني، وما قبل تاريخ هذا الوجود، مع تنقيبات جديدة أجرتها بعثة أثرية مغربية إسبانية، بشراكة مع جامعة قادس، يشرف عليها المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث التابع لوزارة الشباب والثقافة والتواصل.
واكتشف الفريق الأثري المغربي الإسباني معملين جديدين كان يتم فيهما تمليح السمك، في الحي الصناعي بليكسوس، الذي يعد الأكبر في المجال الذي كان تابعا للإمبراطورية الرومانية. كما اكتشف مستوى يعود إلى الفترة الفينيقية، قبل قدوم الرومان.
وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، قال محمد كبيري علوي، أستاذ باحث بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث المدير المغربي لبرنامج الأبحاث حول معامل التصبير بليكسوس، إن “المستجد المهم هو اكتشاف معملين جديدين في الحي الصناعي لإنتاج السمك المملح، في مجال لم يتم فيه الحفر من قبل”، و”اكتشاف مجال جديد أعطى معطيات وبنيات أثرية وأحواض، ومكونات المعمَلين”.
وتابع المصرح: “هذا مستجد مهم يجعلنا نرى بشكل من الأشكال تسلسل الطبقات التي كانت في مجالات شملتها الحفريات في ستينيات القرن العشرين؛ لأن جزءا مهما من الحي الصناعي أجريت فيه حفريات في الثلاثينيات ثم الستينيات. وهذه الحفريات الجديدة في المعملين ونقطتين أُخرَيين، تجعلنا نرى التسلسل والطبقات الأثرية التي تغطي المعامل، وفي الوقت نفسه تم التعرف على مجموعة من اللقى الفخارية التي تمكننا من ضبط وتحديد كرونولوجيا المعامل، وآخر فترة نشاطها”.
ومن بين ما اكتشفه علماء الآثار “بقايا ‘الكاروم’ التي من المرتقب أن تخضع لتحاليل مخبرية، لتحديد نوعية الموارد السمكية التي كانت تستغل بمعامل ليكسوس، والتي استعملت في إنتاج السمك المملح والصلصات التي كانت تروج”.
وشملت الاكتشافات أيضا “بقايا مستوى يعود للفترة الفينيقية، قبل تأسيس معامل ليكسوس التي نعرفها اليوم، والتي وضعت أساسات معمل منها على بقايا مستوى فينيقي يعود للقرن السابع قبل الميلاد”.
وعلى الرغم من استعمال المسح الجيوفيزيائي، فإن الفريق المغربي الإسباني لم يكتشف بعد الأفران التي كانت تصنع الأواني التي كان ينقل فيها السمك المملّح ويوزّع انطلاقا من ليكسوس إلى مناطق رومانية متعددة؛ غير أنه “رغم عدم العثور على بقايا الأفران، نعرف أنها توجد في نقطة ما غير بعيدة عن موقع ليكسوس”.
وجوابا عن سؤال آفاق ما بعد اختتام البحث، ذكر كبيري علوي أن المرحلة القادمة هي “نشر نتائج الأبحاث التي تم القيام بها. وهذا من الأهداف الأساسية للتنقيبات، بعد دراسة كل المعطيات التي تم التعرف عليها، ودراسة كل اللقى الأثرية التي تم جردها بعد الكشف عنها، ومتابعة الفحص المخبري”، علما أن من أهم ما اكتشفته البعثة خلال التنقيب الذي استُؤنف سنة 2022 هو أن “مساحة الحي الصناعي بليكسوس التي كانت معروفة، قد ضرب حجمها في أربعة أضعاف؛ ما يجعلها أكبر حي صناعي للسمك المملح في الإمبراطورية الرومانية”.
0 تعليق