رحب مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، الخميس الماضي، بما جاء في تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول منسوب تقدم برنامج الحماية الاجتماعية بالمغرب، وإشادة التقرير بـ”العمل الذي قامت به الحكومة وبالمُنجز غير المسبوق في مجال الرعاية الصحية”، مؤكدا أن المجلس “من بين المؤسسات التي يسعد البعض بالقول إن لدينا مشكلا معها؛ فليس لدينا مشكل مع مؤسسات الحكامة ومن حقنا أن نفرح”.
وفتح تصريح بايتاس الباب أمام نقاش أساسي يخص علاقة الحكومة بهيئات الحكامة المنصوص عليها وعلى أدوارها ضمن دستور المملكة والقوانين المؤسسة لها، وما إن كانت هذه العلاقة “مبنية على نتائج تقارير هذه الهيئات” أم إن ما يلزم هو جعلها “دستورية بامتياز تأخذ بعين الاعتبار مبدأ الاستقلالية وأدوار كل طرف”.
وقال عبد الحافظ أدمينو، أستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط: “لا يمكن أن نتحدث عن علاقة طيبة وأخرى غير طيبة بين الحكومة ومؤسسات الحكامة، على اعتبار أن هذه المؤسسات مستقلة بنص الدستور. ومن الطبيعي كذلك أن يكون هناك اختلاف في وجهات النظر لدى الطرفين”.
وأضاف أدمينو، في تصريح لهسبريس، أنّ “الاختلاف يمكن في الأساس أن يكون في الشق المتعلق بالمنهجية التي يتم بناء عليها التوصل إلى المعطيات بخصوص ملف أو ملفات تديرها أساسا الحكومة؛ فالاختلاف يمكن أنْ يخصّ الوسائل المستعملة من قبل مؤسسات الحكامة في هذا الصدد”.
واعتبر المتحدث أن “دور هذه المؤسسات محددٌ في القوانين المنظمة لها وتساعد البرلمان في تقييم أداء الحكومة؛ بما يعني أنه لا يجب أن نحصر العلاقة بين الطرفين فيما إذا كانت جيدة أم لا”، مؤكدا أن “مؤسسات الحكامة هذه ملزمة أساسا بعرض تقاريرها على البرلمان وبحضور الحكومة”.
كما تساءل “عمّا يمنع من أن تكون للحكومة ملاحظات بخصوص تقارير مؤسسات الحكامة، حيث إن ذلك طبيعي جدا”، متابعا: “الأرقام المقدمة من كلا الطرفين يمكن أن تكون مختلفة أو متعارضة، ولكن في نهاية المطاف من العادي جدا مناقشة منهجية إعداد تقرير معيّن وكيفية تحليل المعطيات والفئة المستجوبة”.
أما حفيظ الزهري، باحث في الدراسات السياسية والدولية، فقد أكد أن “تعامل الحكومة مع هيئات الحكامة يجب في الأساس أن يكون تعاملا دستوريا صرفا، ولا يجب أن تبني تعاملها معها على أساس نتائج التقارير والاحصائيات، مادام أن هذه الهيئات تبني تقاريرها على ما هو ميداني”.
وقال الزهري، في تصريح مماثل، إن “تقارير هذه المؤسسات كثيرا ما تكون توجيهية للحكومة وتساعدها في تقويم سياستها العمومية كمؤسسة تنفيذية، غير أن هذه المؤسسة عادة ما تزعجها هذه التقارير”، موضحا أن “الحكومة لا يجب في نهاية المطاف أن تعتبر نفسها صاحبة الحقيقة لوحدها”.
وذكر المتحدث أن “من غير السليم أن يتم بناء علاقة الحكومة مع هيئات الحكامة على حسب طبيعة فحوى تقارير هذه الأخيرة، في حين إن الأساسي هو التعامل الحكومي بإيجابية مع الطرف الآخر، بما قد ينعكس إيجابا على سياساتها التي تخص ملفا أو أكثر”.
0 تعليق