في إطار فعاليات المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، شهدت المسابقة الرسمية للتظاهرة عرض الشريط السينمائي الطويل “البحر البعيد”، للمخرج المغربي سعيد حميش، الذي ينافس بعمله بجانب ثلة من الأفلام ذات الصيت العالمي.
حضر العرض أبطال الفيلم، الذين أضفوا على الأمسية بريقًا خاصًا بأدائهم الرائع والشخصيات العميقة التي جسدوها، فيما أبدع حميش في إخراج العمل، مبرزًا قدرته الفائقة على المزج بين العناصر البصرية والسرد الدرامي بأسلوب متقن.
تناول الفيلم، الذي صُوِّر في أماكن وفضاءات داخلية وخارجية متنوعة وعرض أمس الأحد، قضايا إنسانية واجتماعية من صلب معاناة المجتمع، مما قدَّم للمشاهدين نظرة مغايرة ومعمقة حول تحديات المهاجرين إلى الخارج.
تدور أحداث الفيلم في فترة التسعينيات، حيث يحكي قصة مغربي هاجر بطريقة غير قانونية إلى مرسيليا، ويحاول مع أصدقائه الجزائريين تدبير أمورهم اليومية والاحتفال رغم ظروف الحياة القاسية التي يعيشونها في بلاد الغربة، لتتوالى الأحداث.
أكد سعيد حميش على أهمية السينما كأداة قوية لنقل الرسائل الإنسانية وتحفيز الحوار حول قضايا مجتمعية هامة، مشيرًا إلى توظيفه موسيقى الشاب حسني، التي طبعت ذاكرة جيل من عشاق فن الراي، في لفتة تكريمية لهذا الفنان الذي تغنى بالحب والوطن والمعاناة.
من جهته، عبَّر الممثل المغربي أيوب كريطع، الذي يجسد بطولة الشريط، عن سعادته بعرض فيلمه في مهرجان مراكش وسط وطنه وأحبائه، موضحًا أن هذا الفيلم هو أول تجربة سينمائية له، وكان تحديًا كبيرًا بالنسبة له، إذ يعكس معاناة المهاجرين الذين يخسرون شيئًا لكنهم يربحون أشياء أخرى.
وأضاف كريطع في تصريح لجريدة هسبريس أنه عندما قرأ السيناريو وجد أن شخصية “نور” مليئة بالإنسانية وحب الناس وجمع الثقافات والتقاليد، مشيرًا إلى أن “الموضوع جميل جدًا، وفخور بالاشتغال عليه، خاصة مع الموسيقى التصويرية والممثلين الذين جعلوا كل شيء رائعًا.”
وحول تقبل الجمهور لبعض المشاهد الحميمية ومشاهد المثلية التي ظهرت في الفيلم، أوضح أيوب كريطع أن “الفيلم لا يحتوي على أي شيء مرفوض، فهذه هي السينما، وهي تعالج مواضيع حساسة وعميقة تختلف عن التلفزيون.”
من جهته، صرح الممثل مهدي علمي لجريدة هسبريس أن مشاركته في هذا العمل، الذي يجسد فيه دور أخ “نور”، تعد تجربته الأولى في فيلم مغربي-فرنسي، معربًا عن فخره بالفيلم وشكره الكبير للمخرج سعيد حميش على ثقته في موهبته ومنحه هذا الدور، الذي وصفه بفرصة كبيرة وشرف، خاصة أنه عُرض في مهرجان كبير مثل كان ومهرجان مراكش.
وأردف علمي قائلًا: “أشكر الملك محمدا السادس والأمير مولاي رشيد، والمنظمين الذين يقدمون لنا هذه التظاهرة في أبهى حلة، مما يجعل منها مفخرة وإنجازًا عظيمًا لنا كمغاربة، ونحن على أبواب تنظيم فعاليات عالمية كبرى.”
جدير بالذكر أن فيلم “البحر البعيد” شارك في ورشات أطلس لمهرجان مراكش سنة 2022، وهو العمل الثاني لمخرجه سعيد حميش، الذي جاء في إطار إنتاج فرنسي-مغربي-بلجيكي-قطري مشترك.
ويستمر المهرجان الدولي للفيلم بمراكش في تقديم مجموعة متنوعة من الأفلام والفعاليات الثقافية على مدار الأسبوع، مؤكدًا مكانته كحدث سينمائي بارز يجمع بين نجوم السينما وعشاق الفن السابع من مختلف أنحاء العالم.
0 تعليق