بعد ملامسة الذهب مستويات غير مسبوقة متجاوزا عتبة 3900 دولار للأوقية، يعيش سوق الحليّ والمجوهرات في المغرب حالة ترقب وتوجس إلى ما قد تؤول إليه التقلبات بحلول نهاية “سنة استثنائية”؛ خاصة أن سرعة وتوالي الارتفاعات قد تمنح “فرصة استثمارية” للبعض، مقابل خشية متزايدة وسط المهنيين بشأن انعكاساتها على القدرة الشرائية للمستهلكين والمشترين.
وزادت عوامل متداخلة من لمعان المعدن النفيس؛ أبرزها تزايد مخاوف تراكم الديون العالمية مع استمرار إغلاق الحكومة الأمريكية ما أشعل أسواق الملاذات الآمنة واتجاه المستثمرين إليها.
بعد أن افتتح تداولات بداية الأسبوع في المعاملات الفورية بزيادة 1,2 في المائة إلى 3932 دولارا للأوقية فقد قاربت النسبة ذاتها نحو 2 في المائة في ختام التداولات مساء أمس الاثنين، وسط توقعات بتخفيضات إضافية في أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي).
كما ارتفعت العقود الأميركية الآجلة للذهب تسليم دجنبر المقبل 1.2 في المائة إلى 3956 دولارا؛ في وفاءٍ لعدد من التوقعات العالمية أبرزها بنك HSBC “إتش إس بي سي” الذي أكد الجمعة الماضي أن “يصل سعر الذهب إلى أكثر من 4000 دولار للأونصة في المدى القريب، مدفوعا بالمخاطر الجيوسياسية، والتوترات المالية، والقلق بشأن استقلالية مجلس الاحتياطي الفيدرالي”.
وحسب ما نقلته رويترز، فإن موجة الارتفاعات الراهنة “قد تستمر حتى عام 2026 بدعم من عمليات شراء القطاع الرسمي”، مسجلة أن “الطلب المؤسسي على الذهب كأداة لتنويع الاستثمارات من المرجح أن يظل قويا”.
في المغرب أكد عدد من تجار الذهب والصاغة، في تصريحات متطابقة لجريدة هسبريس، أن “الطلب المحلي بدأ يتأثر بفعل توالي الزيادات التي قد تقارب 5 آلاف دولار مع نهاية السنة”، على الرغم من تنبيههم إلى استمرار ما وصفوه بـ”الركود الشامل في السوق المحلية بفعل تراجع الطلب بشكل واضح منذ الصيف الماضي”.
وأكد مصدر مهني من الفيدرالية المغربية للصائغين متحدثا إلى هسبريس أن استمرار موجة الصعود –كما يتوقع المهنيون– معطى حاسم قد يعيد رسم خريطة “الاستثمار الآمن” في المغرب، خصوصا في ظل “تذبذب” الأسواق المالية وتقلبات العملات و”ازدهار عمليات بيع وشراء خارج المسارات القانونية” لا سيما في مواقع وشبكات افتراضية.
وأشار المصدر المهني عينه إلى أن “الصاغة ما زالوا في حيرةٍ من أمرهم تجاه كيفية التعامل مع حدّة الانعطافات الكبيرة التي يرتقب أن يعرفها السعر بالنسبة للمادة الأولية (الخام)”، مؤكدا “تضررهم جرّاء الفروق التي بدأت تتسع بين تقلبات البورصة العالمية للذهب وإمكانياتهم لاستيراده، مع استمرار غياب منصة وطنية خاصة بهذا المعدن النفيس.
من جانبه، قال حسن أوداود، تاجر ذهب بالدار البيضاء متخصص في تصنيع وتسويق الحلي والمجوهرات، إن “الارتفاع المتواصل لأسعار الذهب يُعتبر فرصة استثمارية للمتعاملين في السوق، خاصة لأولئك الذين بدأوا الاستثمار منذ مستويات سعرية منخفضة (حين كان يبلغ السعر 400 إلى 700 درهم للغرام).
وتابع أوداود، في تصريح لجريدة هسبريس، أنه “بالنسبة للأشخاص الذين يريدون الاستثمار، هذا الارتفاع هو فرصة حقيقية”، مضيفا بالشرح: “مَن بدأ بشراء الذهب منذ مستويات منخفضة يلاحظ اليوم زيادة قيمة استثماراته. وهذا أفضل من أي استثمار آخر في ظل التضخم العالمي. الذهب حاليا هو الملاذ الأكثر أمانا”.
واسترسل المهني بتأكيده أن “منظور التجار يختلف”، حيث إن الارتفاع السريع قد يحدّ من الحركة التجارية ويؤدي إلى ركود نسبي”.
وقال مفسرا: “من الناحية التجارية، الرواج يعتمد على استقرار الأسعار. إذا ارتفعت الأسعار بشكل متواصل، قد يقل الإقبال مؤقتا؛ لأن الزبائن يحتاجون إلى وقت لتقبل الأسعار الجديدة. حاليا، نلاحظ ركودا يقارب 50 في المائة، ونأمل أن يتحسن الوضع مع استقرار الأسعار”.
وأشار أيضا إلى أن “قبول المجتمع للأسعار المرتفعة يلعب بشكل حاسم في تحريك السوق”، مؤكدا أن “استمرار ارتفاع الذهب سيستمر في جذب المستثمرين الذين يثقون في قيمته كملاذ آمن”.
0 تعليق