بترحيب واسع مع ترقّب “وقع إيجابي” في سياق متسم بتحديات مناخية متزايدة وبتواتر مؤشرات “مقلقة” حول موسم جفاف بدأ يطل برأسه، استقبل مربو الماشية وهيئاتهم المهنية إعلان وزارة الفلاحة والتنمية القروية عن تفاصيل إطلاق عملية صرف الدعم المباشر لفائدة “الكسابة”، المرتقب أن تنطلق “الدفعة الأولى” منه بداية شهر نونبر المقبل، وتشمل الدعم المخصص لاقتناء الأعلاف، ومبلغ 100 درهم لكل أنثى من إناث الأغنام والماعز كتسبيق عن المنحة المخصصة للحفاظ على القطيع.
حسب ما استقته هسبريس، فإن إعلان وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، الخميس، عن تفاصيل العملية، خلف أصداء إيجابية في صفوف مربي الماشية، عادّين أن الكشف عن برنامج الدعم “خطوة عملية واستباقية لدعم صمود الفلاحين والكسّابة الصغار في مواجهة كلفة الأعلاف وندرة الموارد المائية”، لكن مع مطلب تجويد آلية صرف هذا الدعم المالي (حوالي 12.8 مليار درهم إجمالا)، وذلك بـ”عدم تقسيم منحة الحفاظ على إناث الأغنام والماعز وصرفها دفعة واحدة”.
ولم يُخف عدد من الفاعلين، ممن استطلعت الجريدة آراءهم، ارتياحهم للمنهجية والآليات الجديدة المعتمدة في تدبير هذا الدعم، بعد إقرار استنادها للنتائج الدقيقة للإحصاء الوطني للقطيع المنجز بين 26 يونيو و11 غشت الماضي إلى جانب عملية ترقيم القطيع – المتسارعة نحو نهايتها– بوصفها تشكل ضمانة للشفافية والعدالة في توزيع الدعم.
“متنفس للكسابة”
متفاعلا مع الموضوع، أكد سعيد شاطبي، المدير العام للجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز بالمغرب، أن قرار إطلاق الدعم المباشر لفائدة مربي الماشية يُعد “مبادرة في محلها وفي توقيت دقيق، بالنظر إلى الضغوط الكبيرة التي يعيشها الكسّابة بسبب توالي مواسم الجفاف وارتفاع أسعار الأعلاف”.
وأوضح شاطبي، ضمن تصريح لهسبريس، أن هذا القرار “يعكس وعيا حكوميا بخصوصيات القطاع ومعاناة الفلاحين الصغار”، مبرزا أن “هذا الدعم سيُوفر متنفسا حقيقيا للكسابة في هذه المرحلة الحساسة، خاصة بعد أن لاحظنا تراجع المراعي ونفاد الأعلاف الخشنة التي وفرتها التساقطات المطرية المحدودة خلال ربيع الموسم الماضي”.
وأضاف المسؤول المهني ذاته أن “الأسعار في سوق الأعلاف عرفت خلال الأسابيع الأخيرة ارتفاعا ملحوظا، مما جعل العديد من المربين يعيشون صعوبات حقيقية في تغذية قطعانهم”، مشيرا إلى أن صرف هذا الدعم سيساعد على استقرار السوق وضمان استدامة النشاط الرعوي إلى حين تحسن الظروف المناخية المقبلة”.
وأضاف أن “الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز تُثمن بشدة هذا القرار الذي من شأنه دعم الفلاحين في الميدان وتعزيز صمودهم”، داعيا إلى “الاستمرار في اعتماد مقاربة تشاركية بين الوزارة والمهنيين من أجل مواكبة تنفيذ البرنامج على نحو يضمن وصول الدعم إلى مستحقيه الفعليين”.
وأكد المتحدث أن جمعيات مربي الماشية “لا تخفي تثمينها للآليات الجديدة المعتمدة في صرف الدعم المباشر، معتبرة أنها تُجسد نقلة نوعية في تدبير هذا الورش من خلال ربط الدعم بعدد الرؤوس المرقّمة استنادا إلى نتائج الإحصاء الأخير”، مبرزا أن ذلك “يضمن عدالة أكبر في التوزيع مقارنة بالآلية السابقة التي كانت تمنح القيمة نفسها بغضّ النظر عن حجم القطيع”.
وفي السياق نفسه، اعتبر شاطبي أن “منح دعم خاص لإناث الأغنام والماعز يُعد بُشرى إيجابية للحفاظ على السلالات، مع المطالبة بصرف المبالغ دفعة واحدة لتخفيف الضغط والانتظارية”.
إشادة وارتياح
بدوره، لفت جواد كريم، فلاح “كسّاب” من منطقة سوق السبت أولاد النمة (إقليم بني ملال)، إلى أن “المعطيات المعلنة خلفت ارتياحا في أوساط الفلاحين والكسابة، لا سيما في ظرفية نهاية سنة 2024 التي كانت من أصعب المواسم بسبب الجفاف وغلاء الأعلاف وتراكم الديون”، مذكرا بآثار قرار منع ذبح الإناث منذ فبراير ومارس الماضيين، “ما فاقم التكاليف على الكسابة”.
وأشاد المهني ذاته، متحدثا إلى هسبريس، بـ”اعتماد دعم مالي مباشر يمكّن المربين من اختيار الأعلاف المناسبة حسب مناطقهم وممارساتهم، وتجاوز حصر الدعم في نوع واحد من العلف، ما يتيح مرونة أكبر في التركيبة العلفية ويحسّن مردودية القطيع”، غير أنه أثار الانتباه إلى أن “طريقة صرف هذا الدعم المباشرة إلى حسابات بنكية للمعنيين المستحقين قد تلقى بعض العثرات بحكم عدم توفر الثقافة المالية لدى شريحة واسعة من الفلاحين في القرى الذين مازالوا يثقون بتعاملات مالية ورقية”.
ودعا كريم إلى “تسريع صرف الدعم كاملا بالنظر إلى أن الخبر المعلن تضمن صرف 100 درهم فقط حاليا وتأجيل الباقي لستة إلى ثمانية أشهر لاحقة، رغم رصد ميزانية إجمالية غير مسبوقة تناهز 13 مليار درهم”، مؤكدا أن “الإحصاء الأخير يُبرز أهمية هذا الدعم لضمان وفرة القطيع والحفاظ على توازنه قبل موسم الأضاحي المقبل”.
يشار إلى أن الوزير أحمد البواري بيّن أن “مبلغ الدعم سيتراوح بين 150 و75 درهما للرأس بالنسبة للأغنام، و100 إلى 50 درهما للرأس بالنسبة للماعز، و400 إلى 150 درهما للرأس بالنسبة للأبقار والإبل”، وأن هذا الدعم يشكل آلية جديدة “تعوض الطريقة السابقة في دعم الأعلاف، بحيث تمنح المربين حرية اقتناء الأعلاف بأنفسهم وفقا لحاجياتهم الفعلية”.
أما بالنسبة للمنحة الخاصة بالحفاظ على إناث الأغنام والماعز الموجهة للتوالد، التي تم إحصاؤها خلال الفترة سالفة الذكر، فأوضح المسؤول الحكومي أن “قيمتها تبلغ 400 درهم لكل أنثى من الأغنام و300 درهم لكل أنثى من الماعز”، مشددا على أن “الهدف منها هو الحفاظ على الإناث لما لذلك من أثر مباشر في إعادة تشكيل القطيع الوطني”.














0 تعليق