حول موضوع “تحسين الأوضاع المادية والمهنية للموظف الجماعي ركيزة أساسية لتحقيق التنمية للجماعات الترابية” نظم فريق الاتحاد المغربي للشغل بمجلس المستشارين، بشراكة مع الجامعة الوطنية لموظفي الجماعات الترابية والتدبير المفوض، التابعة للتنظيم النقابي، يوما دراسيا، يبتغيان من خلاله الترافع من أجل موظفي هذه الجماعات، والتذكير بضرورة الإسراع في إخراج النظام الأساسي الخاص بهذه الفئة من الشغيلة.
“تجويد وضعية”
بعد تلاوة الفاتحة على روح الفقيه الدستوري بنيونس المرزوقي، الذي كان مرتقباً أن يشارك في أشغال هذا اليوم قبل أن توافيه المنيّة، تناول مرشد عبد الصادق، عضو الأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل، الكلمة ليؤكد أن هذا التحرك “يعكس حقيقة لا يمكن إغفالها؛ وهي أن تجويد الخدمات المقدمة للمرتفقين في الجماعات الترابية وتحقيق النجاعة والفعالية في أدائها لا يمكن أن يتم إلا بالرقي بالأوضاع المادية والمهنية للموارد البشرية”.
وضمن هذه الموارد، ذكر عبد الصادق، في كلمته باسم الأمانة الوطنية، “الموظفين الرسميين والعمال العرضيين، وكذا عمال الإنعاش أو أجراء التدبير المفوض”، مشددا على “ضرورة خلق أنظمة جديدة للتحفيز والتشجيع وضمان الاستقرار المهني وفتح الآفاق لتغيير الوضعية من خلال التكوين وتوفير الشروط الدنيا للعيش الكريم”، خالصاً إلى أن “هذا هو ما سيجعل من الموارد البشرية قاطرة حقيقية للتنمية”.
“ترافع متواصل”
نور الدين سليك، رئيس فريق الاتحاد المغربي للشغل بالغرفة ثاانية، أشاد في مداخلته بالجامعة الوطنية لموظفي الجماعات الترابية والتدبير المفوض، التي قال إن “لها تاريخا ووزنا”، وأفاد:
“لدينا معها تجارب في كل المحطات (…) وهذا الارتباط الوثيق بالجماهير هو ثمرة الوفاء والإخلاص والنضال والتحفيز”، معتبراً أن لديها “قوة اقتراحية وتفاوضية ونضالية بكل ما تحمله الكلمة من معنى”.
وشدد سليك على أن “الجامعة تعدّ من أقوى التنظيمات النقابية داخل الاتحاد المغربي للشغل، انطلاقا من جماهيريتها وتواجدها في مختلف المناطق؛ وقد أظهرت قوتها ومصداقيتها في نتائج مؤتمرات ديمقراطية كثيرة”، وزاد: “ما سنخرجُ به في هذا اليوم الدراسي يتطلّبُ التتبع والترافع، فنحن لا نريد من هذا النشاط أن يكون يوما دراسيّا وفقط وينتهي بانتهاء أشغاله”.
وأردف المتحدث ذاته: “هذا اليوم ننظمه داخل مؤسسة تشريعية، وهو ليس فضاء للتراشق أو الصدام، بل لتبادل الأفكار والتأسيس لمحطات مقبلة، سيرا على نهج الخطاب المتميز المنتعش داخل المؤسسة البرلمانية؛ خطاب يحترم حرمتها وبنيانها ودورها الدستوري”، كما شدد على “تولي تتبع توصياته ومخرجاته والترافع من أجلها مع الجهات المختصة وفق الإمكانيات المتاحة داخل المؤسسة التشريعية”.
تحديات مشتركة
سليمان القلعي، الكاتب الوطني للجامعة الوطنية لموظفي الجماعات الترابية والتدبير المفوض، قال: “نحن كجامعة خبرنا مجموعة من المسارات في التفاوض والاحتجاج؛ لكننا اليوم نلج هذا الباب مراهنين على مسارات ترافعية أخرى”، مردفا: “همنا الوحيد هو أن نرقى بأوضاع شريحة اجتماعية واسعة؛ شريحة من حيث المهام ألقيت عليها جبال، فهي تتولى تتبع المواطن المغربي من الولادة ثمّ تسجيله بالحالة المدنية وترافقه حتى تمنحه شهادة الوفاة”.
ووضّح القلعي أن “هؤلاء العاملين في القطاع يتدخلون على كل الأصعدة لتسهيل حياة المواطنين، بما يشمل الجانب المالي والاقتصادي والاجتماعي والرياضي والبيئي”، وأورد: “لكن في المقابل أوضاعهم لا ترقى للتطلعات، ولذلك نحن كجامعة تمتلك قوة اقتراحية وتصوراً للمستقبل ندعو الجميع كل من موقعه إلى التعاون من أجل نيل جماعات ترابية تقوم بالمهام المنوطة بها”.
وشدد المتحدث ذاته على أن “تأهيل هذه الأدوار سيساعد أيضا في تأدية مختلف الاختصاصات، سواء المنقولة أو الذاتية والمشتركة”، مشيراً إلى أنها “ستقوي المرفق العمومي وتضمن خدمات جيدة للمواطنين”، وختم قائلا: “القيام بهذه الأدوار غير ممكن إلا برأسمال بشري يتمتع بكل الشروط والظروف التي تضمن له مستوى من العيش الكريم ومن الآفاق لتطوير ذاته”.
نظام موحد
سعيد بعزيز، رئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، توقف في مداخلته عند الموظف العمومي المشتغل في الجماعات الترابية، باعتباره “العالم الحقيقي بخبايا هذه المرافق”، وزاد موضحا: “واقعهم اليوم يكشف أنهم يضعون اليد في قطاعات حكومية كثيرة. ونحن نعرف أن الجماعات تجمع موظفين من كل القطاعات: المالية والصحة والعدل والتعليم وغير ذلك”.
ولفت بعزيز في مداخلته إلى أنه “رغم هذا الوضع المتفرد فإنهم من حيث الوضع المهني والمادي لا يتوفرون على الامتيازات والتعويضات نفسها التي هي مرتفعة في قطاعات أخرى”، معتبراً أن “وضعيتهم استثنائية رغم جمعهم كل الاختصاصات الحكومية”، وأورد: “اليوم في نظام الوظيفة العمومية موظف الجماعات يجد صعوبة في الإدماج حين يوضع في وضعية ‘إلحاق’ لدى إدارة عمومية أخرى”.
وسجل المتحدث أن “الموظف خبير أكثر من المنتخب في مجال تدبير الإدارة، وهو الذي يتولى تنفيذ السياسات الترابية التي يضعها المنتخبون، ونجاحها مرتبط بالأداء الجيد لهذا الموظف”، مشيراً إلى أنه “يشتغل على جبهتين: واحدة رسمية تجعله في مواجهة المواطن في الإدارة وأخرى غير رسمية خارج أوقات العمل”، وتابع: “نعرف أنه يستعين به الجيران والساكنة ويقصدون بيته”.
وبالنسبة لبعزيز فالمرسوم المنظم للمعنيين “يتضمن مجموعة من التناقضات وأكل عليه الدهر وشرب، في وقت تحسنت وضعيات العاملين في قطاعات أخرى”، معلنا أنه في هذا السياق لا يتفق مع مطلب النظام الأساسي، “بل الترافع للعودة إلى النظام الأساسي للوظيفة العمومية، شرط أن يكون متوازنا بين كل القطاعات”، وقال: “الأنظمة الأساسية جعلت كل قطاع يتخبط في مشاكله بعيداً عن القطاع الآخر”.