هل تكفي الأجوبة الكتابية بمجلس النواب لتقييم مستوى كفاءة وزير التربية؟ - بلس 48

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بعد مرور نحو شهرِ بالتمام والكمال على الإعلان عن التعديل الحكومي، الذي ضمّ أسماء جديدة إلى تشكيلة حكومة عزيز أخنوش، وأخرج أخرى منها، شرع كثير من المهتمين بالشأن السياسي، فضلا عن مواطنين، في إصدار تقييمات أولية لمستوى كفاءة الوزراء الجدد، وعلى رأسهم حامل حقيبة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، الذي انتقد الكثير منهم ما أسموه “ضعفه التواصلي”، الذي بدا أساسا خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب، أمس، وقبلها جلسة برلمان الطفل.

ويرى موجهو هذا الانتقاد أن “عدم قدرة الوزير المعني على الإجابة عن بعض تساؤلات وتعقيبات النواب شفهيا، ووعده بإرسال إجابات كتابية عنها، يضع كفاءته في إدراة قطاع حساس، كالتربية الوطنية، على المحك، لأن الكفاءة التواصلية أحد الشروط الضرورية في المسؤول الحكومي”؛ بينما يطالب البعض بـ”ضرورة التريث قبل توجيه هذه الانتقادات، لأن الضعف التواصلي الذي قد تكون أحد مسبباته خلفية التكوين لا يعني بالضرورة عدم كفاءة المسؤول المعني وقدرته على حل مشاكل القطاع”.

وفي هذا الصدد يؤكد خبراء في القانون الدستوري أن “الأسئلة الشفوية لا يمكن من الناحية القانونية والدستورية الإجابة عنها إلا شفهيا خلال الجلسة التي طرحت فيها”، مبرزين أنه “ما دامت هذه الأسئلة في الأصل كتابية توجه للوزير قبل الجلسة، من أجل التحضير لها، فإنه من المتعيّن أن يبذل فريق المسؤول الحكومي المعني وأطر التواصل بقطاعه مجهودات من أجل ضمان الإعداد الجيد لإجاباته خلال مثل هذه الجلسات”.

“الكفاءة التواصلية واجبة”

بن يونس المرزوقي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الأول بوجدة، أوضح بدايةً أن “النظام الداخلي لمجلس النواب قسّم الأسئلة البرلمانية إلى شفوية وكتابية، ونص على أن الأخيرة تختص في القضايا الفردية أو المحلية، وتوجه إلى الوزير المعني، ويتعيّن عليه أن يجيب كتابة عنها كذلك”.

وأوضح المرزوقي، في تصريح لهسبرس، أن “الأصل في السؤال الشفوي أنه مكتوب، إذ يتم توجيهه قبل موعد الجلسة، كتابة، إلى الوزير لكي يقوم بتحضير جوابه رفقة ديوانه أو فريقه، على أن يقرأ هذا الجواب أمام البرلمان”، مردفا بأن “الجلسة العامة للأسئلة الشفهية دستورية، وكيفما كانت تدخلات الوزير خلالها، أجوبة أو ردودا على تعقيبات النواب، يجب أن تكون شفهية وعلنية، فالمواطن يجب أن يسمع الجواب في حينه”.

وقال أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الأول بوجدة إن “كل جلسة عامة لها أسئلتها الشفهية الخاصة بها، ولذلك لا توجد إمكانية أن يجيب الوزير المواطنين بشكل علني في جلسة أخرى، وفي الآن نفسه ليست له القدرة على إرسال الإجابة مكتوبة لكافة المواطنين”.

ورفض بن يونس المرزوقي الطرح القائل إن “الوزير قد يكون ملما بموضوع السؤال أو التعقيب، ويمكن أن تكون إجابته كتابة أجود من إجابته بشكل شفوي، نظراً لمواجهته إشكالات تواصلية؛ فما دام عين وزيرا يجب أن يكون ملما بكافة المواضيع المطروحة على طاولة القطاع، وقادرا على الحديث والتفاعل بشأنها بشكل شفوي”، موضحا أن “هناك الكثير من النواب البرلمانيين الذين لا يتوفرون على كفاءة تواصلية، وبعضهم من ذوي التكوين الفرانكفوني، لكنهم يبذلون مجهودا من أجل الإجابة باللغة العربية؛ فالجلسة دستورية علنية، ويجب أن تكون الإجابات خلالها”.

وأبرز أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الأول بوجدة أن “الوزير يشكو ضعفا تواصليا على ما يبدو، لكن هناك ديوانه وأطر قسم أو مديرية التواصل بالوزارة، الذين عليهم أن يهتموا بمصاحبته وتكوينه في هذا الصدد”، مؤكدا أن “الحل سهل، ويكفي أن يكون هناك تدريب خلال أسابيع وسيصبح الوزير قادرا على تقديم الإجابة، وبعربية فصحى متقنة”.

“العذر غير موجود”

مريم أبليل، الباحثة في الشأن البرلماني، قالت إن “أي إطار أو مسؤول رفيع من الوارد أن يكون ذا كفاءة في القطاع الذي يدبره، لكن الوزير ضعيف على المستوى الكفاءة التواصلية، وقد تشفع له كفاءته التقنية والمهنية أمام ضعف مستواه التواصلي؛ إلا أن هذا الأمر غير مقبول في ‘بروفيل’ وزير، الذي يجب أن يكون متوفرا على مهارات قوية في التواصل السياسي والتواصل العام، ليكون قادرا على التفاعل مع أسئلة وتعقيبات النواب خلال الجلسات العامة؛ فهو من مهامه الدستورية”.

وأشارت أبليل، في تصريح لهسبريس، إلى أن “المسؤولية في هذا الجانب ملقاة على الأحزاب التي يتعيّن عليها أن تجهز ‘البروفيلات’ سياسيا، من خلال إخضاع العضو للتدرج على مستوى الهياكل وتدبير الشأن العام، لأنه يجعله يكتسب أسلوبا تواصليا جيدا”، مردفة بأن “استثمار الأحزاب في التكنوقراط كالوزير سالف الذكر ليس عيبا، لكن يتوجب عليها أن تكونهم وتؤهلهم سياسيا وتواصليا”.

وأوضحت الباحثة في الشأن البرلماني أن “الوقت فات مبدئيا للقيام بهذا الأمر مع الوزير المعني، بعد أن تم تعيينه، ولذلك فإن ما يتوجب فعله في هذا الصدد هو قيام مسؤول العمل البرلماني بديوانه بالتحضير الجيد معه للإجابات عن أسئلة النواب وتعقيباتهم المحتملة”، مبرزةً “وجود تخوف من تأثير ما حصل في الجلسة العامة للأسئلة الشفهية أمس على منسوب التواصل بين النواب والوزراء الذي يعد ضعيفا أساسا، خصوصا أن الجلسات العامة للأسئلة تشكو أصلا غياب عدد من الوزراء”.

واستدركت المتحدثة بأن “تحضير الديوان للإجابات مع الوزير هدفه الأساس أن يقدم الأخير معطيات دقيقة للنواب خلال الجلسات، وإلا فإنه يجب أن يكون، كيفما كان القطاع الذي يشرف عليه، ملما بمعطيات كافة المواضيع والملفات في هذا القطاع، وعلى هذا الأساس يتعيّن أن يكون قادرا على الرد على تعقيبات النواب”، موضحة أنه “من غير الدستوري أو القانوني قيام الوزير بالإجابة كتابة عن الأسئلة الشفهية”.

وذكّرت أبليل بأن “الأسئلة الكتابية لديها منهجية خاصة في الوضع، وتهتم بمواضيع دقيقة ومحلية، ولذلك تتم الإجابة عنها كتابة، بخلاف الأسئلة الشفوية، التي تتعلق أساسا بمواضيع تهم الشأن العام الوطني، ولا يمكن أن تكون الإجابة عنها إلا شفوية”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق