أثار الحكم الصادر في حق “اليوتيوبر” رضا البوزيدي، المعروف عبر منصات التواصل الاجتماعي بلقب “ولد الشينوية”، و”اليوتيوبر” المعروفة باسم “بنت عباس”، نقاشات حول ضرورة تحرك النيابة العامة والضابطة القضائية لمواجهة التفاهة وكل ما يخالف القانون.
وتعرف مواقع التواصل الاجتماعي انتشارا كبيرا لفيديوهات مخلة بالحياء العام، إلى جانب انتشار السب والقذف والتشهير بالمواطنين والمؤسسات.
وانتقد نائب وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية عين السبع في الدار البيضاء، خلال جلسة محاكمة “ولد الشينوية”، فيديوهات “التفاهة”، معتبرا أنها تضر بالمجتمع.
معركة قانونية
يرى المحامي ياسين عسيلة أن الأحكام الصادرة ضد “المؤثرين” على الشبكات الاجتماعية يمكن اعتبارها “كبداية لاتجاه قضائي جديد لمواجهة ظاهرة التفاهة والميوعة، إذا إن محتوى هذا النوع من الشخصيات يهدد القيم الاجتماعية ويخالف القوانين الجاري بها العمل”.
وأوضح المحامي عسيلة، ضمن تصريح لجريدة هسبريس، أن “القضاء يبقى الوسيلة المثلى للحد من الظواهر المشينة”، مؤكدا أن “ما صدر عن المحكمة الزجرية ضد ‘ولد الشينوية’ ومن معه هو بداية معركة قانونية ضد التفاهة والتنمر، بسن قوانين زجرية لضبط ممارسة حرية التعبير”.
واعتبر المحامي ذاته أن ما صدر عن المحكمة الزجرية لعين السبع في ملف المدعو “ولد الشينوية” “يؤكد التزامها بحماية القيم الأخلاقية والمجتمعية من الانحرافات التي تهدد استقرار المجتمع”.
ولفت الباحث في القانون إلى أن “المحكمة بهذا التوجه تُرسي معايير جديدة للتصدي لكل ما يُفسد القيم المجتمعية، مؤكدةً على دور القضاء في حماية الهوية الثقافية والأخلاقية”، مشددا على أن “صناعة التفاهة تُعد شكلاً من أشكال الإضرار بالنظام العام، إذ يتم تسليط الضوء على أعمال وممارسات تخالف المنظومات القيمية والأخلاقية المغربية، ما يُسهم في التأثير السلبي على الناشئة وإفساد السلوكيات العامة”.
وسجل المتحدث نفسه على أن “الأحكام الصادرة ضد ‘المؤثرين’ ترتبط عادة بمخالفة قوانين جنائية، مثل السب والشتم العلني والتحريض على العنف، والإساءة الأخلاقية، أو نشر محتوى غير لائق”.
جرائم التفاهة
يؤكد المحامي محمد شمسي أن “ما تشهده وسائل التواصل من تسيب وخرق يومي للقانون يتعين على النيابة العامة والضابطة القضائية من تلقاء نفسها أن تبادر لمواجهة هذا النوع من الجرائم، التي تستغل هذه المواقع من أجل التشهير بالأشخاص والمؤسسات بغاية استجداء المشاهدات واستغلال فضول عموم الجماهير التي ترغب في مشاهدة الملاسنات والسباب”.
ووفق المحامي بهيئة الدار البيضاء فإن “هذا الأمر استفحل وأصبح بمثابة أصل تجاري يستغله البعض، بحكم أن منهم من لا يملك تكوينا علميا أو مهنيا في مجال معين، ويستغل الوضع السائد المتمثل في غض البصر عما يجري في العالم الافتراضي”.
وسجل المتحدث نفسه أن الأمر يتعلق بـ”جرائم تتعدى التشهير وتصل إلى الخلاعة والجهر بالشذوذ الجنسي وإبراز المفاتن وما يدخل في جرائم تمس بالأخلاق وتؤثر بدرجة أولى على الأجيال الناشئة”، معتبرا أن “هذا يتطلب من النيابة العامة وجميع المؤسسات التي تملك سلطة تنفيذ القانون التجنيد لخلق خلايا تتابع عن قرب هذا النوع من الجرائم بشكل يومي، خصوصا ما ينشر داخل أرض الوطن”.
وأكد المحامي ذاته أنه “لا مبرر ولا سبب يدعو إلى عدم تطبيق القانون في حق كل من يستغل هاتفه ليقدم محتوى مسيئا للقانون ويمس بالأخلاق العامة”، وشدد على أنه “في ظل توالي وكثرة الجرائم المرتكبة بواسطة مواقع التواصل الاجتماعي، من تشهير ومن نشر الخلاعة، يجب على المشرع الجنائي الرفع من العقوبة المتعلقة بهذا النوع من الجرائم، واعتبار اللجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعي لاقترافها ظرف تشديد، لأنه يتوفر للجاني القصد الجنائي الذي لا غبار عليه، وبالتالي رفع العقوبة إلى 5 سنوات”.