تعرف الأسواق الأسبوعية في مدن الشمال حالة من الاستغراب المثير للتساؤل، إذ إن أسعار الحبوب بنوعيها اللين والصلب تعرف انخفاضا غير مفهوم يدفع الكثير من الفلاحين إلى التشكيك في الأسباب التي تقف وراء هذا الواقع المحير.
ويواجه فلاحون صعوبات في بيع محصولهم الذي احتفظوا به حتى هذه المرحلة من السنة على أمل ارتفاع الأسعار، فإذا بهم يتفاجؤون بهذا التراجع رغم الجفاف الذي يلقي بظلاله على مختلف المجالات.
أحمد الكرافلي، أحد التجار الذين يشتغلون في بيع وشراء الحبوب في السوق الأسبوعي بمدينة القصر الكبير، يرى أن الأسعار “تراجعت مقارنة مع ما كانت عليه في الصيف وخلال موسم الحصاد”.
وأضاف الكرافلي أن “الحركة التجارية في سوق الحبوب شبه متوقفة”، مبرزا أن “سعر القمح الصلب لا يتعدى 4 دراهم؛ فيما القمح اللين يبلغ 3 دراهم فقط في أفضل الأحوال”.
وشدد المتحدث ذاته على أن “الركود الذي يعرفه السوق في الظرفية الراهنة مرتبط بشكل أساسي بالظروف المناخية التي تعيشها البلاد، مع غياب التساقطات التي فرضت على الجميع التوقف أو إبطاء الحركة في انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع في الأسابيع القليلة المقبلة”.
في المقابل بدأ الفلاحون يفقدون الأمل في تسويق المحصول الذي حافظوا عليه طيلة أشهر بثمن جيد. ويقول الفلاح محمد البوشطاوي إنه يفضل تقديم القمح الذي يملكه علفا لماشيته على أن يبيعه بثمن بخس.
وأورد البوشطاوي، في اتصال هاتفي مع جريدة هسبريس الإلكترونية: “لدي أزيد من 3 أطنان من القمح الصلب احتفظت بها منذ الحصاد من أجل أن أكسب منها بعض المال وأوازن المصاريف التي خسرتها في الموسم الفلاحي السابق”.
وأضاف الفلاح ذاته: “ما نعيشه يبعث على التعجب صراحة. القمح اللين منحوني فيه 2,5 دراهم، وهو سعر زهيد، مقارنة مع الأرقام الكبيرة التي بلغها السنة الماضية”، مؤكدا أن “الثمن تراجع بنسبة 100 بالمائة مقارنة مع العام الماضي، إذ كان لا يقل عن 5 دراهم”.
كما سجل المتحدث ذاته أن “ما يستدعي الاستغراب أكثر هو أن هذا السعر المنخفض يتزامن مع الجفاف الذي يفترض معه أن الكمية الموجودة من المحصول قليلة مقارنة بالسنوات التي حققت فيها البلاد معدلات إنتاج كبيرة”، معبرا عن تخوفه من أن تكون المضاربة وراء هذا “الواقع الصعب” في الأسواق، ومتمنيا أن “يجود الله على البلاد والعباد بأمطار الرحمة التي من شأنها إعادة التوازن المفقود في مختلف المجالات”.