زيادة ميزانية التعليم توسع باب الأمل - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يترقب الفاعلون في قطاع التعليم بالمغرب تفاصيل الحكومة بشأن رفع الميزانية في مشروع قانون المالية 2026، في سياق يتّسم بتصاعد المطالب الاجتماعية والضغط المتزايد على المدرسة العمومية؛ فبعد سنوات من الارتباك عادت النقاشات لتُسلّط الضوء على الحاجة إلى إعادة الاعتبار للمدرسة العمومية، وتحسين جودة التكوين، وتحفيز الأطر التربوية.

وفي أفق الإصلاحات المنتظرة تأكد تعزيز الإنفاق العمومي على التعليم ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2026، بعدما استقر الإنفاق الحكومي على هذا القطاع الحيوي عند حوالي “6 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2023″، وفقًا لتقديرات البنك الدولي.

ومن المنتظر أن ينعكس هذا التوجه في شكل إجراءات نوعية، تشمل تقوية البنيات التحتية التعليمية، وتوسيع نطاق التعليم الأولي، وتحسين أوضاع الموارد البشرية، فضلاً عن توجيه دعم خاص إلى المناطق الجبلية والهامشية.

كل ذلك يعكس إرادة سياسية لتجاوز منطق الرفع الكمي نحو مقاربة جديدة عنوانها “الإنفاق الفعّال”، باعتباره مدخلاً أساسياً للعدالة المجالية وتجويد المنظومة التربوية ككل.

عبد الوهاب بنسالم، أستاذ التعليم الابتدائي وعضو في “شبكة الأساتذة من أجل مدرسة عمومية عادلة”، قال في تصريح لهسبريس إن “زيادةميزانية قطاع التعليم ينبغي أن تُترجم إلى أثر مباشر على جودة المدرسة العمومية، لا أن تظل محصورة في أرقام لا تنعكس على أرض الواقع”، وأوضح أن “أطر التعليم ينتظرون إصلاحاً حقيقياً يطال بيئة العمل، من خلال تحسين البنية التحتية، وتوفير الوسائل الديداكتيكية، وتمكين الأساتذة من ظروف اشتغال تحفظ كرامتهم وتُيسر أداءهم المهني، خصوصاً في القرى والمناطق المهمشة”.

وشدد بنسالم على أن “رفع الميزانية لا يجب أن يكون هدفاً في حد ذاته، بل وسيلة لإعادة الثقة في المدرسة العمومية، والحد من النزوح الجماعي نحو القطاع الخاص”؛ كما دعا إلى مأسسة الحوار مع الفاعلين التربويين الحقيقيين، وتوسيع قاعدة النقاش حول أولويات التمويل ومجالات صرفه.

وأضاف أستاذ التعليم الابتدائي والعضو الفاعل في النسيج التربوي: “ننتظر عدالة في توزيع الموارد، وتحسين فعلي لظروف عمل رجال ونساء التعليم، وتوفير بنية تحتية تحفظ كرامة المتعلمين في القرى كما في المدن”.

كما أكد المتحدث أن “الاستثمار في التعليم لا ينبغي أن يُختزل في الأرقام، بل يجب أن ينعكس على جودة التعلمات، وتخفيض الاكتظاظ، وضمان تكوين مستمر للأساتذة”، معتبراً أن “الإصلاح الحقيقي يبدأ من إعادة الاعتبار للمدرسة العمومية كمؤسسة للتكوين والتنوير لا مجرد مرفق لتدبير الأعداد”.

وواصل عبد الوهاب بنسالم بأن “المدرسة العمومية تعاني من أعطاب تراكمت عبر عقود، ورفع الميزانية لا يمكن أن يكون ذا أثر فعلي ما لم يُرفق بإرادة سياسية واضحة وإصلاح بنيوي شامل”، خاتما: “لا نحتاج فقط إلى أموال أكثر، بل إلى رؤية وطنية تضع التعليم في قلب المشروع التنموي، وتعيد له اعتباره كرافعة حقيقية للعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص”.

السعدية أمزول، أستاذة مادة التربية الأسرية بمدينة مكناس، قالت في تصريح لهسبريس إن “رفع ميزانية قطاع التعليم خطوة إيجابية في الظاهر، لكنها لا تكفي وحدها لتغيير واقع المدرسة العمومية، ما لم تُقرن بإصلاحات جذرية تستهدف مكامن الخلل الحقيقية”، وأضافت أن “الأولوية يجب أن تُمنح لتحسين شروط العمل داخل المؤسسات التعليمية، سواء من حيث التجهيزات أو الموارد البشرية”، مشددة على أن “العديد من المدارس تعاني من نقص في الوسائل الأساسية، وضعف في البنية التحتية، خاصة في المناطق النائية”.

وأشارت المتحدثة إلى أن “تطلعات نساء ورجال التعليم تتجاوز مجرد الأرقام، فالأهم بالنسبة لهم أن يشعروا بأنهم فاعلون في مشروع وطني للنهوض بالتعليم، لا مجرد منفذين لقرارات مركزية لا تُراعي خصوصيات الميدان”.

وأبرزت أمزول أهمية إدماج الدعم النفسي والاجتماعي في المنظومة التعليمية كجزء لا يتجزأ من تحسين جودة التعليم العمومي، مؤكدة أن العديد من التلاميذ، خاصة في المناطق الهشة، يواجهون صعوبات نفسية واجتماعية تؤثر بشكل مباشر على تحصيلهم الدراسي وسلوكهم داخل الفصول.

وتابعت الأستاذة ذاتها بأن “المدرسة ليست فقط فضاءً للتعلم الأكاديمي، بل ينبغي أن تكون أيضًا حاضنةً تربوية تُراعي الأبعاد النفسية للطفل”، مشددة على ضرورة تعيين أطر متخصصة في الدعم النفسي والاجتماعي بكل مؤسسة تعليمية، لتقديم المواكبة الفردية والجماعية، ومرافقة الأسر كذلك في مواجهة الأزمات المتعددة التي يعيشها التلميذ.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق