حفّز تخليد العالم “اليوم الدولي لإحياء وتكريم ضحايا جرائم الإبادة الجماعية ومنع هذه الجريمة”، الإثنين 9 دجنبر، مناشدات تنظيمات سياسية ومدنية مغربية بإيقاف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المستمّرة منذ سنة وشهرين، مستندةً إلى ما كانت تدافع عنه “من كون الفظاعات التي ترتكبها إسرائيل في حقّ سكان البقعة الفلسطينية المحاصرة، باستثمار البر والجو والبحر، التي تمخض عنها عشرات الآلاف من القتلى والمفقودين، فالجرحى ومعطوبين، كافية لإثبات إقدام الدولة العبرية على إبادة جماعية لفلسطيني القطاع”.
هذه التنظيمات رغم أنها تذكرّ بـ”عدم جدوى آلاف الوقفات الاحتجاجية والعرائض الموقعة في إيقاف عداد الشهداء والمنازل المسوّاة بالأرض جراء هذه الحرب، أو حتى تخفيف وتيرة دورانها”، فإنها لا تمانع إصدار “تذكير يائس” بمناسبة اليوم سالف الذكر، بضرورة وقف إسرائيل الحرب التي تخوضها في قطاع غزة “بشكل عاجل وفوري”، مع “تقديم الجناة وعلى رأسهم رئيس وزراء الدولة العبرية بنيامين نتنياهو إلى المحاكمة”، متمسّكة بـ”أهمية الضغط على الدول الداعمة لإسرائيل من خلال تكثيف التنسيق والتواصل مع شعوبها في هذا الجانب”.
“تذكير يائس”
ذكّر أوس الرمال، رئيس حركة التوحيد والإصلاح، بأن “كل المناسبات والأيام الدولية الأخرى المتصلة بحقوق الإنسان، التي خُلدت خلال السنة وشهرين الماضية من عمر طوفان الأقصى، ورغم قميتها الاعتبارية وما جُدد خلالها من مناشدات لإيقاف الحرب المدمرة، لم يكن لها أي أثر في اتجاه إنهاء أو تخفيف حدة الأوضاع المأساوية التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، والإبادة الجماعية الحقيقية التي يتعرض لها سكان القطاع، غير المسبوقة في العالم منذ عقود”.
واستحضر الرمال، في تصريح لهسبريس، أنه “إلى اليوم مازالت تتوالى التصريحات من مسؤولي الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد والدول الأوروبية الزاعمة عدم وجود مؤشرات تثبت أن هناك إبادة جماعية في غزة”، مردفا: “أكثر من ذلك يهدد هؤلاء محكمة العدل الدولية ويعاتبونها على اتخاذ قرار إصدار مذكرة اعتقال في حقّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو”.
وأشار رئيس حركة التوحيد والإصلاح إلى أن “هذا الأمر يتم رغم أن الرجل يقود أكبر وأفظع إبادة جماعية شهدها التاريخ المعاصر، من خلال القصف البري والجوي والبحري للأطفال والنساء وتخريب الديار والمؤسسات ودور العبادة”.
واستدرك المتحدث ذاته: “ما نتمناه ونأمله في هذا اليوم أن يكون تذكيرا بأنه كفى ما يحدث من فظاعات يومية متكررة بالمشاهد نفسها في حقّ سكان البقعة الفلسطينية المحاصرة، وآن الآوان أن ينتهي هذا الأمر ويتوقف”، راجيا أن “ينعم الفلسطينيون بقطاع غزة بالأمن والأمان في أقرب وقت ممكن وبإقامة دولتهم الفلسطينية”.
منظمة العفو الدولية (أمنيستي) بعد إصدارها أخيرا تقريرا وصفته بـ”التاريخي”، ضمّنته “الأدلة على ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية” في غزة، أطلقت بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع ضحايا الإبادة الجماعية حملة لإيقاف “الإبادة الجماعية” في القطاع.
وسيتعيّن على الراغبين في المشاركة في الحملة توقيع رسالة موجّهة إلى رئيس الوزارء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، جاء في بدايتها: “أكتب إليكم لحث حكومتكم على وقف الإبادة الجماعية المستمرة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة المحتل على الفور؛ فعلى مدى العام الماضي أدى هجومكم الوحشي المستمر بلا هوادة على قطاع غزة المحتل إلى مستويات لم يسبق لها مثيل من الموت والدمار”.
وتفاعلا مع هذه الرسالة قال الرمال إن “نتنياهو ووزراء حكومته، وعلى رأسهم حامل حقيبة الدفاع، لا يعيرون أدنى اهتمام؛ فمحكمة العدل الدولية سفّهوها وتوعدوها بالانتقام، فكيف بالمنظمات الحقوقية أمنيستي أو غيرها”، موردا أن “آلاف الوقفات التي خرجت في العواصم الأوروبية وكافة دول العالم لتنادي بإيقاف الإبادة كانت أوضح من كل عريضة تصدرها جهة من الجهات”، وزاد: “الكيان المحتل يرى نفسه فوق كل الشعوب والإدارات والدول وغير معني بمطالباتها في ما يخص حرب غزة”.
ضرورة الضغط
جمال العسري، الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد، قال إن “من بين نتائج الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أنها أسقطت الأقنعة عن الولايات المتحدة الأمريكية والدولة الأوروبية التي بدا أنها تنشد الحق في الحياة وكافة حقوق الإنسان لشعوبها فقط”، مضيفا: “لذلك لم يعد يرجي أن تحرّك مثل هذه المناسبة الدولية التي نحن بصددها ضمير هذه الدول لإيقاف هذه الحرب”.
واستدلّ العسري، في تصريح لهسبريس، “لتأكيد وجود إبادة جماعية في غزة”، بآخر الإحصائيات المتوفرة التي تقول إن عدد شهداء والمفقودين جراء هذه الحرب وصل إلى 55 ألفا، بالإضافة إلى 105 آلاف جرحى، مع استحضار أن غالبيتهم معطوبين، مردفا بأن “كل هذا يحدث أمام أنظار العالم الغربي، ما يخولنا الحق في التساؤل عن مدى قيمة هذه الأيام وخطابات هذا العالم الحقوقية”، ومستدركا بأنه “أساسا متواطئ وشريك فعلي في حرب الإبادة”.
وشددّ المتحدث ذاته على “ضرورة الاستعجال في وقف هذه الحرب، ومحاسبة المتورطين”، موردا أن “هذا الهدف يستوجب التعامل والتنسيق والتواصل مع الشعوب الأوروبية والأمريكية، التي خالفت موقف حكامها من هذه الحرب؛ فشهدنا مثقفيها ومفكريها وفنانيها ورياضييها وغيرهم يدينون الإبادة وازدواجية معايير دولهم”، مشيرا إلى أن “ذلك من شأنه دفع الحكام إلى اتخاذ مواقف مناصرة لإيقاف هذه الحرب”.
ورغم إثارة هسبريس مسألة مطالبة المنظمات الدولية ومنها “أمنسيتي” إسرائيل بوقف الحرب فقد تشبت العسري بأن “الحكومة الصهيونية لم تكن لتصل إلى التعنت الذي هي فيه لولا الحصانة والحماية الفعلية من الولايات المتحدة؛ فالأخيرة هددت وتهدد قضاة الجنائية الدولية، ما يفرض مزيدا من الضغط عليها تحديدا”، وفقه.