شهدت مدينة ورزازات، مؤخرا، تحركات لعدد من النشطاء الاجتماعيين والاقتصاديين مطالبين بتنفيذ مشاريع تنموية كبرى تهدف إلى رفع التهميش الذي تعاني منه المدينة وتقليص نسبة البطالة المرتفعة بين الشباب، خاصة في هذه المدينة المعروفة بـ”هوليود إفريقيا” وعاصمة الشمس.
في المقابل، عبّر هؤلاء النشطاء عن رفضهم للتركيز المفرط على تنظيم المهرجانات والفعاليات الفنية دون الاستجابة للمطالب الاجتماعية والاقتصادية الملحة التي تعاني منها الساكنة، خاصة الروائح الكريهة التي تنبعث من الشوارع وانتشار الحفر بالأزقة، وغياب مشاريع كبرى لتشغيل الشباب، وفق تعبيرهم.
عبد الله أوعبي، ناشط اجتماعي في مدينة ورزازات، قال إن “المدينة تعاني من نقص حاد في المشاريع الكبرى التي يمكن أن تخلق فرص عمل حقيقية للشباب”.
وأضاف أوعبي، في تصريح لهسبريس: “على الرغم أن المدينة تعرف بكونها وجهة سياحية وسينمائية، فإن سكانها يفتقرون إلى أبسط مقومات التنمية الاقتصادية”، لافتا إلى أن “البطالة في تزايد مستمر، والشباب هنا يجدون أنفسهم مجبرين على الهجرة نحو المدن الكبرى بحثا عن فرص عمل”، وفق تعبيره.
وطالب الناشط الاجتماعي في مدينة ورزازات بضرورة جذب استثمارات في مجالات البنية التحتية والصحة والتعليم وتخصيص ميزانيات كافية لتطوير القطاعات الحيوية التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر.
وأضاف المتحدث: “نحن لا نرفض المهرجانات أو الفعاليات الثقافية؛ ولكن لا يمكن القبول بأن تكون بديلا عن التنمية الحقيقية التي تحتاجها المدينة”.
من جانبها، أكدت فاطمة الزهراء آيت بلقاسم، ناشطة حقوقية في ورزازات، أن المدينة شهدت، في السنوات الأخيرة، تنظيم عدد من المهرجانات الثقافية والفنية؛ غير أن هذه الفعاليات لم تساهم في تحسين الأوضاع المعيشية للسكان.
وأضافت الناشطة الحقوقية في ورزازات، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المهرجانات تنظم بشكل متكرر؛ غير أن التأثير الحقيقي على حياة السكان منعدم”، مشيرة إلى أنه “لا يمكن أن نحتفل في الوقت الذي يعاني فيه المواطنون من ارتفاع معدلات البطالة وتدني مستوى الخدمات العامة”، بتعبيرها.
وأبرزت آيت بلقاسم: “نحن بحاجة إلى مشاريع استثمارية صناعية وتجارية تساهم في خلق فرص عمل دائمة، وليس فقط التركيز على الفعاليات التي لها تأثير مؤقت”، مشددة على ضرورة جعل الأولوية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وليس للمهرجانات.
وسجل عدد من النشطاء أن ورزازات تمتلك إمكانيات كبيرة للتنمية الاقتصادية، خاصة في مجالات الطاقة الشمسية والفلاحة والسياحة البيئية؛ لكنهم يتهمون الجهات المسؤولة بالتغاضي عن هذه الفرص لصالح تنظيم مهرجانات قد لا تعود بالفائدة المستدامة على السكان.
الحسين بحليس، خبير اقتصادي محلي، قال إن “ورزازات يمكن أن تكون نموذجا للتنمية المستدامة إذا تم استغلال مواردها بالشكل الصحيح، لدينا مشاريع مثل محطة الطاقة الشمسية “نور”؛ ولكن هذه المشاريع الكبرى يجب أن تكون جزءا من خطة شاملة تحسن من البنية التحتية وتقدم فرص عمل للشباب”.
ولفت الخبير الاقتصادي سالف الذكر، في تصريح لهسبريس، إلى أن “تنظيم المهرجانات قد يكون مهما لتعزيز السياحة؛ لكن يجب ألا يكون ذلك على حساب المشاريع الإنتاجية التي يمكن أن تنعكس إيجابا على السكان بشكل مباشر”، بتعبيره.
في ظل هذه المطالب المتزايدة، يبدو أن سكان ورزازات، من خلال هؤلاء النشطاء، يوجهون رسالة واضحة إلى الجهات المسؤولة حول ضرورة التركيز على التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق التوازن بين الثقافة والفن من جهة، والمشاريع التنموية الكبرى من جهة أخرى.
وفي تصريح رسمي، أشار مصدر مسؤول من مجلس جماعة ورزازات إلى أن المدينة بحاجة ملحة إلى استراتيجيات تنموية شاملة تهدف إلى تحسين مستوى المعيشة للسكان.
وفي هذا الصدد، ذكر المصدر ذاته، في تصريح لهسبريس، أن الجهات المسؤولة، بما فيهم عمالة إقليم ورزازات تحت إشراف عامل الإقليم، تعمل على تطوير خطة تنموية تتضمن تنويع مصادر الدخل من خلال الاستثمار في قطاعات متعددة؛ مثل السياحة البيئية والطاقة المتجددة، مما سيساهم في خلق فرص عمل جديدة ورفع مستوى الخدمات العامة.
وأكد المسؤول سالف الذكر أن مجلس جماعة ورزازات يعي تماما التحديات التي تواجه الشباب، خاصة فيما يتعلق بمعدلات البطالة المرتفعة، مشددا على أنه يسعى إلى إيجاد حلول فعالة من خلال شراكات مع الشركاء العموميين والقطاع الخاص وتخصيص ميزانيات كافية لمشاريع البنية التحتية، لافتا إلى أن المدينة تمتلك إمكانيات كبيرة يمكن استغلالها بشكل أفضل لتحقيق التنمية المستدامة.
وفيما يتعلق بالمهرجانات والفعاليات الثقافية، أوضح المصدر نفسه أن هذه الفعاليات لا تزال تلعب دورا مهما في تعزيز هوية المدينة السياحية؛ لكن يجب أن تكون مكملة للمشاريع التنموية، وليس بديلا عنها.
واختتم المتحدث المشار إليه تصريحه بالقول: “مجلس جماعة ورزازات ملتزم بالعمل على تحقيق توازن بين الاحتفال بالثقافة والفن وبين تلبية الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية للسكان”.