قال مهنيون سياحيون إن حلول المملكة المغربية في المرتبة الأولى على مستوى الوجهات السياحية الأفضل أداءً في منطقتي إفريقيا والشرق الأوسط خلال النصف الأول من سنة 2025، بنسبة نمو بلغت +19 بالمائة، “يُعدّ ثمرة للجهود المتواصلة المبذولة على مستوى تطوير العرض السياحي، وتحسين الربط الجوي، وتعزيز الترويج للوجهة المغربية في الأسواق الدولية”.
وأشار المهنيون أنفسهم إلى أن البيانات الأممية الصادرة عن منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة (UNWTO)، التي استندت في تصنيفها إلى تطور عدد الوافدين الدوليين، “تُبرز أداءً استثنائياً للمغرب مقارنة بدول الجوار”، معتبرين أن “النتيجة تؤكد فعالية الجهود المشتركة المبذولة من طرف مختلف الفاعلين، بمن فيهم المهنيون، وسط حاجة إلى المزيد من الاستثمار في هذا القطاع الحيوي الذي يُعدّ من ركائز الاقتصاد الوطني”.
جهود مشتركة
مصطفى أماليك، الفندقي والكاتب العام للمجلس الجهوي للسياحة بمراكش، قال إن “احتلال المغرب المرتبة الأولى على مستوى إفريقيا والشرق الأوسط وفق تصنيف منظمة السياحة العالمية يعكس جهود جميع الفاعلين لتنزيل الرؤية المدرجة في خارطة طريق السياحة للفترة 2023-2026، التي ترتكز على تنويع المنتجات السياحية، وتعزيز الجاذبية الترابية، وتحسين تجربة الزوار من لحظة الوصول إلى لحظة المغادرة”.
وأضاف أماليك لهسبريس أن “الترويج غير المسبوق الذي قام به المنتخب الوطني خلال مشاركته التاريخية في ‘مونديال قطر 2022’ لعب دوراً محورياً في ترسيخ صورة إيجابية ومبهجة عن المغرب على الصعيد العالمي”، موضحا أن “الإنجاز الرياضي تحوّل إلى فرصة تسويقية قوية للوجهة المغربية، خاصة في أسواق لم تكن تقليدية، ما ساهم في جذب فئات جديدة من السياح الباحثين عن أصالة ثقافية وتجربة سياحية متكاملة”.
وأورد الفاعل المهني أن “من بين العوامل الأساسية التي ساعدت في تحقيق هذا التقدم الملحوظ توسيع الربط الجوي المباشر مع عدد من الأسواق غير التقليدية، وهو ما مكّن المغرب من تسهيل وصول الزوار من وجهات بعيدة، سواء عبر الرحلات منخفضة التكلفة أو عبر شركات الطيران الكبرى التي أدرجت مطارات مغربية في شبكاتها الدولية، وهو ما يشكل دعامة لوجستيكية لا غنى عنها في تعزيز التنافسية السياحية”.
وأكد المتحدث عينه أن “البنية التحتية السياحية، من فنادق وطرق ومرافق ثقافية وترفيهية، شهدت تحسناً نوعياً خلال السنوات الأخيرة، سواء من حيث الجودة أو من حيث التوزيع الجغرافي، ما جعل العرض السياحي المغربي أكثر تكاملاً وتنوعاً”، مردفا بأن “هذا التقدم يستوجب مواصلة العمل بروح جماعية بين القطاعين العام والخاص للحفاظ على هذه المكاسب وتوسيع أثرها التنموي”.
تقوية العرض
جمال السعدي، المهني السياحي والرئيس السابق لفدرالية المرشدين السياحيين في المغرب، قال إن البيانات الأممية “حقيقية لكونها تعكس النتائج الملموسة لعمل طويل المدى في القطاع السياحي”، مضيفاً أن “هذا التقدّم لم يكن ليتحقق لولا الاشتغال الجاد على عناصر حيوية كتحسين الربط الجوي وتوفير عرض كافٍ من حيث وحدات الإيواء، لأن كل غرفة فندقية تتطلب وجود مقعد في الطائرة، وهو ما تم أخذه بعين الاعتبار في خارطة الطريق السياحية الجديدة”.
وأوضح السعدي لهسبريس أن “المكتب الوطني المغربي للسياحة انخرط، في السنوات الأخيرة، في مجهود كبير للتفاوض مع عدد من شركات الطيران والفاعلين الدوليين لتعزيز الربط مع الأسواق المصدّرة للسياح، إلى جانب الترويج المكثف للوجهة المغربية بطرق مبتكرة”، معتبراً أن “هذه الدينامية ساهمت في توسيع قاعدة الزوار وتنويعها، ما يؤكد أن هناك وعيا متزايدا بأهمية الاستثمار في الآليات التي تضمن تدفقا مستقرا للسياح على مدار السنة”.
وفي المقابل أشار المتحدث إلى أن “هذا النجاح يجب ألا يخفي التحديات التي مازالت قائمة، وعلى رأسها الحاجة إلى تشييد مرافق سياحية جديدة من أجل ضمان عرض سياحي متكامل وتفادي حالات الضغط أو الخصاص، ولاسيما خلال المواسم المرتفعة”، مورداً أنه “من الضروري كذلك ضمان عدالة مجالية في تطوير القطاع، حتى تستفيد مناطق أخرى مازالت خارج الدوائر السياحية التقليدية، رغم ما تزخر به من مؤهلات طبيعية وثقافية كبيرة”.
وأجمل الفاعل المهني تصريحه بالتأكيد على “أهمية تنشيط العروض السياحية في المدن الساحلية، إلى جانب تقوية الحضور السياحي في المناطق الجبلية والصحراوية”، قائلاً إن “كثيرا من المناظر الطبيعية في المغرب مازالت خارج دائرة الاهتمام رغم أنها يمكن أن تكون محركا حقيقيا للتنمية المحلية وخلق فرص شغل في مناطق تحتاج بشدة إلى بدائل اقتصادية مستدامة”.
0 تعليق