‪تعثر بناء المركز الاستشفائي الإقليمي يعلق آمال وتطلعات ساكنة وزان - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

مضت خمس سنوات ونيف على إعطاء انطلاقة بناء وتشيد المركز الاستشفائي الإقليمي بوزان، الذي تم في 27 غشت 2020، لكن المشروع التابع لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، الذي فوض تتبعه لوزارة التجهيز، لم يفتح أبوابه بعد رغم بدء الأشغال بشكل بطيء من قبل الشركة التي حازت الصفقة، ما فتح الباب أمام الكثير من التأويلات، في غياب إجابات شافية.

نظرية المؤامرة

تتجدد في أوساط ساكنة دار الضمانة بين الفينة والأخرى أحاديث تُزكّي الإحساس بوجود جهات تعرقل مسار التنمية والتقدم في المدينة والإقليم، إذ يجد كثير من أبناء وزان في كل تعثر أو تأخير مشروع مبررا لإحياء “نظرية المؤامرة”. ويغذّي هذا الشعور الإحباط المتراكم جراء بطء وتيرة إنجاز أوراش وغياب مشاريع كبرى تواكب تطلعات الساكنة الجبلية.

ومع كل نقاش عمومي يهم الشأن المحلي يعود الحديث عن “العدو المجهول” الذي يقف بحسب تصوّر البعض وراء تأخر التنمية. وقد أُعيد مؤخرًا تداول هذا الخطاب الذي ينهل من قاموس السلبية مع تجدد الجدل حول مشروع بناء المستشفى الإقليمي الجديد، الذي طال انتظاره وأصبح رمزا لتقاطع الأسئلة حول المسؤولية، والثقة، والإرادة الفعلية للنهوض بالمدينة والعدالة المجالية في الصحة.

فلاش باك

ذات خميس من أواخر شهر غشت 2020 أعطى المهدي شلبي، عامل إقليم وزان، انطلاقة أشغال بناء المركز الإقليمي الاستشفائي بوزان، على مساحة تقارب 8 هكتارات، بميزانية مهمة فاقت في مجموعها 240 مليون درهم.

المشروع الذي حضر إعطاء انطلاقة أشغاله منتخبون ورؤساء المصالح الخارجية قيل حينها إنه سيوفر 120 سريرا؛ ويتكون من مصلحة طب النهار ومصلحة أخرى لجراحة النهار، بالإضافة إلى قاعات للاستشارات الخارجية وأخرى للاستكشافات الوظيفية، ومصلحة للفحص بالأشعة تشتمل على قاعات للأشعة وقاعة لـ”السكانير”؛ علاوة على علاج السرطان، وصحة الفم والأسنان.

كما تم التأكيد بالمناسبة ذاتها أن الأشغال ستمتد على مدى 30 شهرا (عامان ونصف العام)، على أن يضم المشفى الجديد مركبا جراحيا، إضافة إلى مختبر مجهز للتحاليل، ومرافق أخرى، كصيدلية، وفضاء للاستقبال، ومستودع للأموات، وقطب للطب وقطب للجراحة، ومصلحة للمستعجلات، وقطب للأم والطفل يشتمل على مصلحة للولادة ومصلحة لطب الأطفال وقاعات إنعاش. كما تم إعلان بناء سكن وظيفي للموظفين المسؤولين.

متلازمة تأخر المشاريع

رشيد لغويبي، فاعل مدني، قال في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية إنّ “مدينة وزان مازالت تعاني من معضلة تنموية مزمنة يمكن تسميتها ‘متلازمة تأخر المشاريع التنموية'”، مبرزا أن مشروع المستشفى الإقليمي الجديد يعدّ النموذج الأبرز لهذه الإشكالية.

وأضاف لغويبي أن “ساكنة الإقليم كانت تترقّب بفارغ الصبر افتتاح المستشفى الإقليمي الجديد، بعد مجهود ترافعي جماعي شاركت فيه هيئات مدنية ومنتخبة وحقوقية، غير أنّ المشروع مازال يراوح مكانه منذ سنوات من الانتظار والتوقف والتأجيل، دون أفق زمني واضح لانطلاق العمل الفعلي به”.

وأشار المتحدث إلى أنّ “هذا المشروع الحيوي كان من شأنه أن يُحسّن جودة الخدمات الصحية ويُخفّف معاناة المرضى الذين يضطرون إلى قطع عشرات الكيلومترات نحو مدن مجاورة لتلقّي العلاج”، موردا أن “مرور سنوات على انطلاق الأشغال دون الانتهاء منها أو افتتاح المشروع يطرح أكثر من علامة استفهام حول أسباب هذا البطء الإداري والتقني، خاصة في ظل محدودية الطاقة الاستيعابية للمستشفى الحالي وضعف قدرته على تلبية حاجيات الساكنة المتزايدة”.

وتساءل الفاعل المدني نفسه مستنكرا: “كيف يُعقل أن تُنجز مصحات خاصة في وقت قياسي وبمعايير عالية وتجهيزات متطورة بينما يتعثّر مشروع عمومي إستراتيجي يهمّ حياة المواطنين؟”.

وختم لغويبي تصريحه بالقول إنّ “هذا الواقع يُجسّد ما وصف الملك محمد السادس بـ’مغرب السرعتين’، حيث تتقدّم مناطق بخطى ثابتة وسريعة، فيما تبقى مناطق أخرى، مثل وزان، عالقة في دوامة التأجيل والانتظار”، مع الدعوة إلى “إعادة ترتيب الأولويات وتسريع وتيرة إنجاز المشاريع الاجتماعية ذات البعد الإنساني، وفي مقدمتها قطاع الصحة، تحقيقا للكرامة والعدالة المجالية التي ينشدها المواطن الوزاني منذ سنوات”.

“مستشفى كولونيالي”

من جانبه قال نور الدين عثمان، الكاتب الإقليمي للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بوزان، إن “الوضع الصحي بالمغرب عموما ووزان على وجه التحديد بلغ مستويات مقلقة، نتيجة سياسات عمومية فاشلة ومجحفة منحت الأفضلية للقطاع الخاص على حساب القطاع العام، في انسجام مع توصيات المؤسسات المالية الدولية التي تدعو إلى تقليص النفقات الاجتماعية، وهو ما انعكس سلبا على جودة الخدمات الصحية”.

وأوضح عثمان، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “إقليم وزان يجسد هذا الواقع من خلال ضعف الخدمات الصحية، وقلة الأطر الطبية والتمريضية والتجهيزات الضرورية، إلى جانب نزيف استقالات الأطباء العموميين وانتقالهم نحو القطاع الخاص، في غياب رؤية تدبيرية واضحة من وزارة الصحة”، مشيرا إلى أن المستشفى الإقليمي الحالي (أبو القاسم الزهراوي) “أصبح متجاوزا بفعل تقادم وتهالك بنايته التي تعود إلى فترة الحماية الفرنسية”.

وتابع المتحدث ذاته بأن “مشروع بناء المستشفى الإقليمي الجديد، الذي انطلقت أشغاله قبل ستّ سنوات بعد جهود مدنية وحقوقية كبيرة، مازال متوقفًا دون مبررات واضحة، رغم الحاجة الملحّة إليه”.

واختتم عثمان تصريحه بدعوة وزارة الصحة والحماية الاجتماعية إلى تسريع استكمال هذا المشروع الحيوي وتجهيزه بالأطر والتقنيات الحديثة، بما يضمن حق ساكنة وزان في خدمات صحية لائقة تحفظ كرامتها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق