عبّر سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، عن تقديره للموقف المغربي المتوازن من الوضع في أوكرانيا، موردا: “في الرباط، كما في معظم عواصم الجنوب العالمي والشرق، يُدركون أن التسوية المستدامة غير ممكنة دون معالجة أسباب الأزمة، بما في ذلك التهديدات الأمنية التي شكّلها حلف الناتو على مدى سنوات طويلة، من خلال توسيع بنيته التحتية العسكرية بالقرب من حدودنا، واستخدام أوكرانيا كمنصّة لتهديد بلادنا”.
وأضاف لافروف: “يتضمّن ذلك أيضاً انتهاكات جسيمة، من بينها الحظر التشريعي لحقوق السكان الناطقين بالروسية في أوكرانيا، ليس فقط حقوقهم اللغوية، بل والدينية أيضاً، إذ تم حظر الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية القانونية، إلى جانب حظر اللغة الروسية”.
وذكر وزير الخارجية الروسي، خلال مؤتمر صحفي مشترك أعقب المباحثات التي أجراها مع نظيره المغربي ناصر بوريطة، اليوم الخميس بالعاصمة موسكو، أن “البلدين أكّدا بحزم حرصهما على مواصلة العمل المشترك لتعزيز العلاقات التقليدية الودية والموثوقة، والشراكة الإستراتيجية بين بلدينا”، وزاد: “استعرضنا بالتفصيل القضايا الحالية على جدول الأعمال الثنائي، وتطرّقنا للتبادلات التجارية والاقتصادية، ولدينا اهتمام مشترك بزيادة حجم التبادل التجاري والبحث عن مجالات للاستثمارات المتبادلة”.
وتابع المتحدث ذاته: “لقد سجّلنا برضا مستوى عالياً من التفاعل في عدد من المجالات الأخرى، خصوصاً المجالات الإنسانية، وخاصة التعليم، إذ يدرس حالياً في بلادنا حوالي 4250 طالباً مغربياً. وهناك اهتمام كبير بالحصول على التعليم في بلادنا، وسندعمه بكل الوسائل، وسنسعى إلى تلبية رغبات جميع الراغبين في الدراسة بمؤسساتنا العليا”، وأردف: “تبادلنا التقييمات بشأن القضايا الراهنة على جدول الأعمال الدولي، مع التركيز على الوضع في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومنطقة الصحراء والساحل. وناقشنا أيضاً الوضع المتعلق بتسوية قضية الصحراء في ضوء المناقشات الجارية في مجلس الأمن الدولي”.
وأكد لافروف موقف بلاده “الداعم لحل جميع المشاكل والنزاعات المستمرة في القارة الإفريقية وأجزاء أخرى من العالم بالوسائل السياسية والدبلوماسية فقط، استناداً إلى المبادئ والقواعد الأساسية للقانون الدولي المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة”، مواصلا: “لدينا موقف مشترك بأن هذه المبادئ يجب تفسيرها وتنفيذها بشكل متكامل، لا اختيار بعضها كما لو كانت قائمة مأكولات يمكن انتقاؤها، بل يجب احترامها بالكامل وبشكل مترابط”.
واسترسل المتحدث ذاته: “ناقشنا بالتفصيل الوضع في منطقة الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، حيث لعب المغرب تقليدياً دوراً مهماً في دعم جهود التوصل إلى حل سلمي للقضية الفلسطينية. ونشير هنا إلى الدور الذي يلعبه جلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي”.
ورحب وزير الخارجية الروسي بـ”التطورات الإيجابية التي بدأت تظهر على الأرض، ولاسيما في الأراضي الفلسطينية، وخاصة قطاع غزة”، مبدياً ارتياح بلاده لـ”بداية تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاقيات بين إسرائيل وحركة حماس بشأن وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى، التي تم التوصل إليها بوساطة الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا”.
وشدّد الدبلوماسي الروسي ذاته على أن “وقف إطلاق النار في غزة يجب أن يكون مستداماً، للسماح بتوصيل المساعدات الإنسانية، ثم البدء بأعمال إعادة بناء البنية التحتية التي دُمّرت تقريباً خلال الأعمال القتالية، وإلا فلن تُكلَّل جهودنا لإعادة النازحين واللاجئين بالنجاح”، وتابع: “هذه مسائل تجب معالجتها بطريقة تحافظ على إمكانية تنفيذ قرارات الأمم المتحدة بشأن إقامة الدولة الفلسطينية. وتساعد العمليات الإنسانية الجارية على تمهيد الطريق للحل السياسي الذي يعالج جذور الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي والعربي – الإسرائيلي، إذ من المهم استئناف العملية السياسية لحل النزاع في الشرق الأوسط بأسرع وقت ممكن، على أساس قرارات الأمم المتحدة التي تنص على إقامة دولة فلسطينية مستقلة تتعايش بسلام وأمان مع إسرائيل”.
" frameborder="0">
0 تعليق