منذ احتدام النقاش العمومي حول قطاع الصحة، تصاعدت إعلانات وزارة الصحة والحماية الاجتماعية عن نقل حالات طبية من مناطق مهمشة إلى مستشفيات جامعية بمدن كبرى جوا، وهو ما يراه مهتمون بالقطاع “تجسيدا لغياب العدالة المجالية والنقص الحاد في الموارد البشرية”.
من حالة أول أمس الاثنين المتعلقة بنقل حامل بشكل مستعجل من كلميم إلى مراكش، إلى حالة الطفل الخديج الذي تم نقله من زاكورة إلى فاس، وغيرهما، خصصت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية طائرات طبية لنقل حالات مستعجلة، معيدة بذلك النقاش حول هذه الخدمة التي شهدت النور في سنة 2017.
أحمد الشناوي، مهني في قطاع الصحة النائب الأول للكاتب الوطني للنقابة المستقلة للأطر الإدارية والتقنية للصحة والحماية الاجتماعية، قال إن “الحالات التي أعلن عن استفادتها من هذه الخدمة منذ اندلاع النقاش العمومي، ليست حالات خطيرة وكان من الممكن معالجتها بالمستشفى الجهوي”.
وأضاف الشناوي، في تصريح لهسبريس، أن هذا الأمر “يجسد النقص الحاد للموارد البشرية بهذه المستشفيات من جهة، وغياب العدالة المجالية من جهة أخرى”.
وتابع: “المستشفى الجهوي يعاني نقصا كبيرا في المعدات والتخصصات الطبية والموارد البشرية، ما يجعل بعض الحالات الحرجة مضطرة للجوء إلى النقل الجوي، حتى وإن كان بالإمكان علاجها محليا لو تم توفير الإمكانيات اللازمة”.
واعتبر المتحدث أن هناك تسويقا لهذه الخدمة منذ اندلاع النقاش حول الصحة، لكن الإشكال الحقيقي يكمن في استمرارية الخدمة وكونها مخصصة للحالات القصوى فقط، وليس للتغطية الروتينية، مشددا على ضرورة مراعاة الأولويات الطبية والحالات الطارئة.
وختم شناوي بالتأكيد على أن العدالة المجالية في القطاع الصحي مطلوبة بشكل عاجل، موضحا أن إنكار واقع البنى التحتية المهترئة ونقص الموارد البشرية لا يؤدي إلا إلى تفاقم أزمة النقل، ويستدعي إصلاحا جذريا يضمن قدرة المستشفيات الجهوية على التعامل مع الحالات الحرجة.
أما علي لطفي، رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة الحق في الحياة، فيرى أن “مشروع النقل الجوي للمرضى الذي انطلق مع الوزير الوردي شهد في بداياته تعاملا اعتبره البعض فلكلوريا واستعراضيا بعيدا عن الاحتياجات الحقيقية للمرضى والحالات جد الحرجة”.
وأوضح لطفي، في تصريح لهسبريس، أن هناك تبذيرا في ميزانية النقل كان يذهب لصالح الشركات الخاصة، وهو ما أضفى على العملية طابعا ربحيا وتجاريا أكثر منه طبيا.
وأضاف المتحدث أن هذا الوضع يفرض مراجعة عاجلة للآليات المتبعة في تمويل وتنظيم النقل الجوي للمرضى لضمان أن يكون في خدمة صحة المواطن أولا، وليس لأغراض ربحية.
وشدد لطفي على أن النقل عبر المروحيات يجب ألا يتم من خلال شركات خاصة، بل يجب أن يتم تسييره مباشرة من قبل الوزارة المعنية عبر طائرات مخصصة، مشيرا إلى غياب مدارج خاصة بالمروحيات الطبية على أسطح المستشفيات يمكن أن تسهّل عملية الهبوط والإقلاع للطائرات الطبية، وهو ما يعقّد العمليات ويزيد من زمن الاستجابة للحالات الطارئة.
0 تعليق