يرتقب أن يكون المغاربة من مرتادي المساجد بالمملكة، غدا الجمعة، على موعد مع خطبة موحدة اقترحت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على الخطباء اعتمادها، وتخص موضوع العنف ضد النساء، تماشيا مع “الحملة الوطنية الثانية والعشرين لوقف العنف ضد النساء والفتيات” التي تستمر إلى غاية العاشر من دجنبر الجاري.
ووفّرت الوزارة ذاتها على موقعها الإلكتروني الرسمي خطبة منبرية لفائدة الخطباء والأئمة من أجل اعتمادها غدا الجمعة الموافق للرابع من جمادى الثانية، تحمل عنوان “الأمر بالإحسان إلى النساء وإكرامهن والنهي عن الإساءة إليهن أو تعنيفهن”، وتتضمنُ آياتٍ بينات وأحاديث نبوية شريفة تخص تأطير العلاقة مع المرأة داخل الأسرة والمجتمع، وذلك في إطار خطة “تسديد التبليغ”.
وتشير مسودة الخطبة ذاتها إلى أن “العنف ليس من الإسلام في شيء، بل هو مرفوض بجميع أشكاله وألوانه، وعدوان الرجل على المرأة كعدوان المرأة على الرجل، مرفوض شرعا وعقلا وعدلا”، ذاكرة أن “من أمثلة العنف والعدوان الذي شاع اليوم في بعض الأوساط، وخاصة الشباب؛ العنف الرقمي، وذلك بسوء استعمال الهاتف، بإرسال كلمات أو عبارات أو صور غير لائقة إلى الغير، ولاسيما إلى النساء”.
كما لفتت الخطبة إلى أن “غاية ديننا الحنيف تهذيب النفس وضبط الجوارح، ومن الخطأ أن تُنسب أخطاء المخطئين من المسلمين إلى الإسلام، بل إن ممارساتهم فعلٌ بشري يعتوِرهُ الخطأ والصواب، فليست العلة في الإسلام وإنما الآفة في سلوك العباد”، معتبرة أن “من أبشع أنواع الظلم وأشنعِه ظلمُ المرأة والاعتداء عليها بأي شكل من أشكال الإيذاء؛ فالعنف بكل أشكاله جسديا كان أو لفظيا محرم شرعا”.
من وجهة نظر عتيقة الوزيري، فاعلة حقوقية محامية بهيئة الرباط، فإنه “لا يمكن إلا تثمين أي خطوة في هذا الصدد في إطار الحملة الوطنية الخاصة بنبذ العنف ضد النساء”، وزادت: “فلسفة الدين الإسلامي تنبذ أساسا هذا العنف، ما يعني أن هذا النوع من الخطب تُرجى منها قيمة مضافة في تحسيس المغاربة وتوعيتهم”.
وأضافت الوزيري، في تصريح لهسبريس، أن “المغرب يتوفر على عدد كبير من المساجد التي تبقى ذات تأثير كبير على مرتاديها من المغاربة، ما يبرز أهمية أي خطوة لتكون هذه الفضاءات من بين التي تحقق التأثير الإيجابي بهذا الخصوص، وبالتحسيس بضرورة إيقاف تعنيف النساء”.
وجوابا منها عما إن كان هناك تقدم بخصوص التحسيس بقضايا النساء خلال السنوات الأخيرة في إطار الحملة الوطنية لفتت المتحدثة ذاتها إلى أنه “لا مجال لفقدان الأمل في التغيير”، مردفة: “دائما ما نتشبث بالعيش السليم بالمملكة”، وتابعت: “نود الإشارة إلى نوع آخر من العنف ضد النساء لا يقل خطورة، ويتعلق الأمر بالعنف الرقمي ضدهن، وهو ما يجب أن تتم مواجهته بشكل آني”.
وتفاعلت أمينة التوبالي، فاعلة باحثة في قضايا المرأة والطفولة، هي الأخرى مع تخصيص خطبة الجمعة لمسألة العنف ضد النساء، إذ أشارت إلى أن “القضية النسائية تبقى قضية مجتمعية وليست بقضية خاصة بالنساء لوحدهن؛ فالنساء عندما يطالبن أساسا بحقوقهن ليس لدى الرجال، وإنما لدى مؤسسات الدولة برمتها، التي تبقى مطالبة بالتدخل في مثل هذه القضايا”.
وفي حديثها لهسبريس أوردت التوبالي كذلك أن “المساجد جزء من سلسلة من المؤسسات الوطنية المعنية بهذا الموضوع، إلى جانب المدرسة والإعلام كذلك؛ فالخطاب الديني لديه تأثير على شريحة واسعة بالمجتمع، على اعتبار أنه عندما تخاطب الإنسان بالقيم الدينية يكون أكثر تجاوبا، بينما تبقى كل مطالبنا أساسا عبارة عن قيم أتت بها الشريعة الإسلامية”.
واستشهدت المتحدثة ذاتها بأحاديث نبوية شريفة تخص الرفق بالنساء، مؤكدة أن “الرجوع إلى الشريعة الإسلامية كفيل بتصحيح مجموعة من الصور النمطية عن النساء داخل المجتمع، غير أن القراءة الخاطئة لبعض النصوص الدينية هي التي جعلت المرأة حلقة ضعيفة بالمجتمع، رغم أن الإسلام أعطاها قيمتها”.
وزادت الباحثة ذاتها: “المسجد لديه دور في إيصال الأفكار إلى شرائح من المجتمع، خصوصا أن شرائح مغربية واسعة ترهن قراراتها المصيرية بإفادات الفقهاء”، خالصة إلى أن “المساجد تبقى ذات قوة كبيرة ومن المهم جدا أن تساهم هي الأخرى في التحسيس بضرورة وقف العنف ضد النساء؛ فلوْ أن الدولة بكل مؤسساتها تدخلت بشكل منسق سابقا لحققنا نتائج مهمة في هذه القضية”.