في أول تفاعل رسمي مع الاحتجاجات التي قادها شباب الجيل “زد” من أجل إصلاح قطاعي التعليم والصحة ومكافحة الفساد، أبدى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، “التفهم لمطالب هؤلاء الشباب، لأن الإكراهات التي يتحدثون عنها يعيشها القطاع (التعليم) بالفعل، وتشتغل الحكومة على إصلاحها”، معتبرا أن “المشكل في القطاع يتجاوز البنيات التحتية إلى الجوانب البيداغوجية والطاقات البشرية”.
وقال برادة عند تقديمه قراءته لاحتجاجات شباب الجيل “زد” في حوار خاص مع هسبريس: “نتفهم هذا الشباب، لأن الإكراهات التي يضع الأصبع عليها نعيشها اليوم، ويمكن أن نسوق إكراهات أخرى قائمة لا يتحدثون عنها”.
وفي هذا الصدد، أورد برادة أن “مسألة الاكتظاظ في الأقسام موجودة، ولكن الوزارة اشتغلت على معالجتها، بحيث انتقل معدل الاكتظاظ من 25 في المئة سنة 2021 إلى أقل 10 في المئة اليوم”، مستدركا بأن “الإشكالية ما تزال قائمة بالأخص في ضواحي المدن الكبرى”.
كذلك، “انتقل الهدر المدرسي من 300 ألف طفل سنويا في سنة 2021 إلى 271 ألفا سنويا”، مؤكدا أن “هذا يبقى رقما مهولا، ويجب أن نجد حلولا لهذه الإشكالية”، وأشار إلى أنها متعلّقة بالتحكم في التعلمات وتوفر الخدمات الأساسية كالنقل المدرسي.
وأكد ضيف هسبريس أنه “لا يمكن القول بنجاح الإصلاح بدون بينية تحتية”، مردفا: “هذا ما نشتغل عليه، حيث إن أكثر من 50 في المئة من المدارس الابتدائية و30 في المئة من الإعداديات أعدنا ترميمها”. واستدرك: “تظل المدارس الأخرى يدرس فيها هؤلاء التلاميذ، ولذا من المعقول أن يحتجوا عليها”، على حد تعبيره.
ويرى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة أن “الناس فقدوا الثقة في الإصلاحات في التعليم، لأن جميع الإصلاحات السابقة لم تنجح بحيث ظلّت في باب المؤسسة ولم تلج القسم”، وفق قوله، معتبرا أن “مدارس الريادة، باعتراف جميع الفاعلين في المنظومة، أدخلت الإصلاح إلى القسم”.
وفي هذا الصدد، أشار الوزير إلى أن تجربة مدارس الريادة التي بدأت قبل سنتين فقط، “تبقت ثلاث سنوات من أجل تعميمها”، مشددا على أن “الوزارة تمضي بوتيرة جد إيجابية لإصلاح التعليم”.
بناء الملاعب والصحة والتعليم
وتفاعل الوزير الذي يحمل كذلك حقيقة الرياضة مع دعوة شباب الجيل “زد” إلى تصحيح الأولويات وتوجيهها من بناء الملاعب الرياضية إلى بناء المستشفيات والمدارس، مشيرا إلى أنه “من أجل بناء مركب نحتاج سنة أو سنة ونصف، لكن في المدة نفسها وبالوتيرة ذاتها نجد مثلا أن مستشفى ابن سينا أو السويسي بنيا”.
واعتبر ضيف هسبريس أن “المشكل في التعليم ليس في إعادة بناء المدارس”، مشيرا إلى استحالة إعادة بناء كافة المدارس في المغرب لتأثيرها على استمرارية العملية التعليمية. وأضاف: “إذا ارتأيت الترميم، فيمكن القيام به في شهر يوليوز أو غشت، وهذا ما يتم تدريجيا”.
وشدد برادة على أن “القطاع أمام مشكل أعوص؛ بيداغوجي وإنساني، ويتعلق الطاقات البشرية. إنه مشكل منظمومة”.
وعاد للتأكيد في هذا الصدد أنه “إذا أردنا أن يلج الإصلاح القسم، ونتقدم تدريجيا، بحيث لا نمر إلى مرحلة موالية حتى يبيّن تقييم التي قبلها نتائج مرضية، فإن هذا يتطلّب وقتا”.
وقال: “نحن نجوّد الإصلاح البيداغوجي، سنة بعد سنة، وإذا قمنا بإصلاح التعليم في خمس سنوات، فهذا يظل إنجازا لا يوجد في أي مكان في العالم”، بتعبيره.
المدرسة الرائدة
ومن الإصلاحات التي حافظ عليها الوزير برادة بعد خلافته شكيب بنموسى، تجربة المدرسة الرائدة. واعتبر ضيف هسبريس أن “الوصول إلى نسبة 67 في المئة من تلاميذها (حسب تقييم المجلس الأعلى للتربية والتكوين) يتحكمون في التعلمات الأساس، دليل على أن المدرسة ناجحة”.
وأشار إلى أنه في المدرسة العادية، “نجد اليوم فقط 30 في المائة يتحكمون في هذه التعلمات، ويجب أن نرفع هذه النسبة إلى 66 في المائة، على أساس أن 30 في المائة المتبقية نقدم لها دروس الدعم على مدار السنة الدراسية”.
ولفت إلى أن النسبة المذكورة لا تتجاوز في القطاع الخاص 50 في المائة، “ما يعني أن تجربة قسم المدرسة الرائدة أفضل من القسم الخصوصي في نفس المستوى”.
تسقيف الأسعار
وبشأن الجدل المثار كل سنة حول أسعار التعليم الخصوصي والمطالبة بتسقيفها، قال برادة إن “التسقيف لن يقبل به مجلس المنافسة، لأنه يعد خارجا عن القانون”، لافتا إلى “اختلاف عرض كل مدرسة خاصة عن الأخرى، فهناك من تتوفّر على النقل المدرسي، وأخرى على أنشطة موازية، ومدارس لديها استثمارات كبيرة”.
وشدد الوزير على أنه “عندما تصير جودة المدرسة العمومية بنفس جودة المدرسة الخاصة، لا أعتقد أن هذه الأسعار في التعليم الخصوصي سوف تبقى مرتفعة”.
ولفت إلى أن قانون التعليم المدرسي، الذي صادقت عليه الحكومة، ينص على عقد يجمع الأولياء والمدارس، يقضي بوضوح الأسعار وثباتها طول السنة الدراسية، ويمنع المؤسسة الخاصة من طرد التلميذ في آخر الموسم، “لأن مستواه ناقص، وبدون مبرر”.
" frameborder="0">
0 تعليق