قالت فعاليات شبابية إن الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية، يوم الجمعة الماضي، تضمّن مجموعة من الرسائل التي تهم فئة الشباب؛ بعضها صريح والآخر ضمني، والتي تعكس رؤية شاملة لدورهم في بناء مغرب المستقبل، وتستحضر مطالبهم الاجتماعية والاقتصادية، معتبرين أن الخطاب أعاد الثقة في قدرات الجيل الجديد، من خلال توجيهه إلى العمل الجاد والانخراط الفاعل في التنمية الوطنية بما ينسجم مع التحولات الكبرى التي يشهدها المغرب.
ومن بين أهم الرسائل الملكية التي حظيت باهتمام فئة الشباب التأكيد على ضرورة “تشجيع المبادرات المحلية وتوفير فرص الشغل والنهوض بقطاعات التعليم والصحة”، إلى جانب “تغيير العقليات وترسيخ ثقافة النتائج واستثمار التكنولوجيا الرقمية”؛ وهي توجهات اعتبرها شباب مغاربة بمثابة “خارطة طريق لتأهيلهم وتمكينهم من المساهمة في بناء نموذج تنموي جديد يقوم على الكفاءة والاستحقاق والابتكار”.
ومن ضمن الرسائل الملكية أيضا “التشديد على تأطير المواطنين وتعزيز وعيهم بحقوقهم ومسؤولياتهم، وترسيخ قيم النزاهة ونكران الذات وروح المواطنة الصادقة”؛ وهي دعوة، حسب الفاعلين الشباب، إلى “استعادة الثقة في المؤسسات والانخراط الإيجابي في الشأن العام، بما يسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية وتجسيد طموح ‘المغرب الصاعد’ الذي يجعل من الشباب قوته الدافعة الأساسية”.
النماء بالشباب
حمزة رويجع، رئيس الجمعية الإقليمية للمقاولين الشباب بإقليم الجديدة، أكد أن “الرسائل السامية التي بعثها الملك من قبة البرلمان تدفع في اتجاه تشجيع الانخراط المجتمعي للشباب في مسيرة النماء التي يقودها الملك بحكمة ورصانة. كما يمكن القول إن التحديات التنموية تكمن مواجهتها اليوم انطلاقا من المستوى الترابي المحلي، مرورا بالجهوية المتقدمة، ووصولا إلى ما هو له بعد وطني ودولي”.
وأضاف رويجع، في تصريح لهسبريس، أن “التشغيل يعتبر أولولية لدى الشباب، وانطلاقا من الرسائل الملكية يمكن القول إن الوقت قد حان لدعم وتشجيع التشغيل الذاتي بمقاربة ترابية ناجعة، تجمع بين حاجيات كل منطقة حسب خصوصياتها ورهان ضمان استدامة تلك المشاريع المقاولاتية”.
وقال المتحدث إن “الدعوة الملكية كانت صريحة في أن نتحمل جميعا المسؤولية الجماعية كل من موقعه”، مشددا على أن “المملكة المغربية استطاعت تحقيق مجموعة من المكتسبات التنموية الكبرى، وحان الوقت الآن للاهتمام بالتنمية المحلية، وأن تلعب المجالس الجماعية وفعاليات المجتمع المدني والإعلام أدوارا طلائعية تستجيب لطموحات وانتظارات المواطنين”.
رسائل واضحة
قال ياسين بلكجدي، فاعل مدني وحقوقي من فئة الشباب، إن “الرسائل الملكية الأخيرة جاءت برؤية واضحة تجعل الشباب في قلب التنمية الشاملة، باعتبارهم طاقة متجددة لبناء الوطن”.
وأضاف بلكجدي، في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الملك محمدا السادس دعا إلى تمكين الشباب اقتصاديا واجتماعيا، وربط التشغيل بالكفاءة والمردودية، تحقيقا للعدالة المجالية وترسيخا لروح المواطنة والمسؤولية لدى الأجيال الصاعدة”.
وشدد المتحدث على أن “الرسائل الملكية الأخيرة أثارت ارتياح الشباب المغربي لما حملته من عناية خاصة بقضاياهم وتطلعاتهم؛ وهو ما يجعلهم متشبثين على الدوام بالمؤسسة الملكية ومعتزين بقيادة الملك محمد السادس لمسيرة التنمية، باعتباره الضامن لوحدة الوطن واستقراره، والسند الحقيقي لطموحات الشباب نحو مستقبل أفضل”.
خارطة طريق
عبد الهادي حنين، نائب رئيسة الهيئة الاستشارية للشباب بمجلس جهة بني ملال خنيفرة، قال إن “تفاعلنا مع الخطاب الملكي هو تفاعل إيجابي، أولا لظرفيته وزمانه ومكانه ودوريته، إذ يركز الملك محمد السادس على أنه لا ينبغي أن يكون هناك تنافس في المشاريع الكبرى ما دام الهدف هو تنمية البلاد، بل يجب أن يكون تحسين العيش الكريم للمواطنين بصفة عامة”.
وأضاف حنين، في تصريح لهسبريس، أن “الملك ركز في خطابه على ضرورة تأطير المواطنين، واعتبر أن هذا الدور لا يقتصر على الحكومة فقط؛ بل يشمل جميع المتدخلين، وخاصة الفاعلين السياسيين والبرلمانيين والجمعيات والإعلاميين، الذين ينبغي أن يكون لهم دور فاعل في المساهمة في تأطير مختلف فئات المجتمع، وخصوصا الشباب”.
وأكد المتحدث أن “الخطاب الملكي شدد على ضرورة التسريع بوتيرة البرامج التنموية، وعلى وجه الخصوص توفير فرص الشغل للشباب، والنهوض بالقطاعات الحيوية، وعلى رأسها الصحة والتعليم، مع إيلاء عناية أكبر للمناطق الأكثر هشاشة من أجل تحقيق العدالة المجالية، خاصة في مناطق الجبال والواحات، وتفعيل أمثل لآليات التنمية المستدامة بالسواحل”.
وأبرز عبد الهادي حنين أن “الخطاب الملكي في مجمله يُعد خارطة طريق للمشرفين على السياسات العمومية، من أجل إعطاء الأولوية للمساهمة في التأطير والتكوين، ودعم الجهود التي تبذلها السلطات العمومية والحكومة والمجالس المنتخبة في تأهيل وتأطير المواطنين”.
تصورات تنموية
رضوان جخا، ناشط شبابي مهتم بالسياسات العمومية المرتبطة بالشباب، أكد أن “الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح البرلمان تضمن مجموعة من النقاط المهمة بالنسبة لفئة الشباب؛ فقد دعا الملك مختلف القوى الحية، خصوصا الحكومة والبرلمان، إلى وضع تصورات تنموية تهم هذه الفئة، وتحديدا بالمناطق الجبلية والعالم القروي الذي أنتمي إليه”.
وقال جخا، في تصريح لهسبريس: “أعتز كشاب ابن الجبل بهذه الرسائل الملكية، حيث وضع الملك العدالة المجالية رهانا إستراتيجيا مصيريا؛ بل إن تنمية المناطق الجبلية أصبحت سياسة عامة ببلادنا تتجاوز الزمن الحكومي والبرلماني، وتلك رسالة ملكية إستراتيجية قوية جدا، ستساهم في بلورة وتنزيل أوراش تهم شباب المناطق الجبلية والواحية التي تشكل ثلاثين بالمئة من تراب الوطن”.
وشدد المتحدث على أن “هذه الرسالة الملكية هي امتداد لخطاب العرش. لذلك، فهي رسالة ملكية جديدة ومتجددة في خطابين ملكين لم تتجاوز المدة بينهما أربعة أشهر.. وبالتالي فإن الحكومة الحالية في سنتها الأخيرة، والحكومة المقبلة التي سيتوفر لديها الوقت الكافي، مطالبتان بتنزيل أسس عدالة مجالية ومقاربة ترابية جديدة”.
واعتبر جخا أن “البرلمان معني بابتكار آليات قانونية جديدة”، وضرب لذلك مثالا قائلا: “إن قانون الجبل الذي ننادي به طويلا، والذي قدمناه كتصور للجنة النموذج التنموي الجديد وبقي في رفوف البرلمان، هذا هو وقت إخراجه ومناقشته باعتباره سياسة عمومية ستساهم في تنزيل التوجهات الملكية، إضافة إلى ضرورة تدقيق اختصاصات مجالس الجهات التي تتبوأ مكانة الصدارة في التنمية المجالية المندمجة، مع إعادة النظر في طريقة اشتغال صندوقي التأهيل الاجتماعي والتضامن بين الجهات”.
وختم الفاعل المدني بالجنوب الشرقي للمملكة تصريحه بالتأكيد على ضرورة “جعل العدالة المجالية رهانا إستراتيجيا عبر قانون إطار لا يتغير بتغير الحكومات”، و”تنزيل الإجراءات والتدابير والقوانين وفق مقاربات الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة، من أجل الحصول على نتائج إيجابية واضحة المعالم على مستوى التعليم والصحة والشغل، مع توسيع نطاق المراكز القروية والجبلية بهدف كبح جماح الهجرة المُستفحلة من القرى والجبال نحو هوامش المدن”.
0 تعليق