تُعدّ المركبات الكهربائية أحد أبرز الابتكارات في قطاع النقل الحديث، إذ تمثّل خطوة متقدمة نحو تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري والحدّ من الانبعاثات الكربونية.
وبخلاف السيارات التقليدية التي تعمل بمحركات احتراق داخلي، تعتمد المركبات الكهربائية على محركات كهربائية تعمل بالطاقة المُخزنة في البطاريات؛ ما يجعلها أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة وأقل ضررًا على البيئة.
ومع تسارع جهود التحول إلى الاقتصاد الأخضر، باتت السيارات الكهربائية محورًا رئيسًا في إستراتيجيات الدول لمكافحة التغيّر المناخي وتحسين جودة الهواء في المدن الكبرى.
ولا يقتصر دور المركبات الكهربائية على كونها وسيلة نقل صديقة للبيئة، بل أصبحت عنصرًا فاعلًا في شبكات الطاقة الذكية من خلال تقنيات مثل "من المركبة إلى الشبكة" (V2G)، التي تتيح للمركبة إعادة الطاقة إلى الشبكة، مما يعزز من مرونة وكفاءة أنظمة الكهرباء المستقبلية.
شحن المركبات الكهربائية
في خطوة بحثية تسعى لدعم دمج السيارات الكهربائية في شبكات الكهرباء الذكية، قدّم الباحث الحاصل على ماجستير في الهندسة الكهربائية من جامعة عين شمس، المهندس أندرو ناجي، رسالة دكتوراه -اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- بعنوان: "التكامل الأمثل للمركبات الكهربائية مع مراعاة قيود الحماية على أنظمة توزيع الشبكات الذكية".

ونُفِّذت الرسالة بإشراف أساتذة متعددي التخصصات من عدد من الجامعات المصرية، وهم: أستاذ نظم القوى الكهربية بجامعة بنها الدكتور محمد مؤنس سلامه، والأستاذ بالمعهد العالي للهندسة بالشروق الدكتور وائل عبد الفتاح، والأستاذ بجامعة بنها الدكتور حسام عبد الرزاق، والأستاذ بجامعة الزقازيق الدكتور محمد أبو زيد.
كما شملت لجنة الحكم والمناقشة الأستاذ في كلية الهندسة بجامعة عين شمس الدكتور المعتز يوسف عبدالعزيز، والأستاذ في كلية الهندسة بشبرا الدكتور محمد إبراهيم.
وتُعدّ الرسالة من أوائل الدراسات في المنطقة التي تربط بين الجوانب التقنية للحماية الكهربائية والذكاء الاصطناعي ضمن سياق دمج المركبات الكهربائية في الشبكات الذكية.
وتهدف الرسالة إلى وضع إطار علمي وتقني لتحسين تنسيق الحماية في محطات شحن المركبات الكهربائية، خاصةً عند استعمال تقنية "من المركبة إلى الشبكة" (V2G)، التي تتيح للمركبات الكهربائية إعادة الطاقة إلى الشبكة العامة.
مواجهة التحديات
تُبرز الدراسة التحديات التي تفرضها تقنية V2G على أنظمة الحماية في الشبكة، إذ تتحول المركبات من مجرد مستهلك للطاقة إلى مصدر قادر على تغذية الشبكة، وهو ما يغيّر اتجاه تدفُّق الطاقة ويزيد من تعقيد منظومة الحماية، المُصممة أصلًا لتدفقات أحادية الاتجاه.
وحذّرت الرسالة من أن عدم التنسيق الجيد للحماية قد يؤدي إلى ارتفاع الأحمال، أو فقدان التوازن في الجهد والتردد، أو حتى تلف المعدّات، خاصةً عند حدوث أعطال في الشبكة أو في محطات الشحن نفسها.
وأوضح المشرف على الرسالة أستاذ نظم القوى الكهربائية رئيس مجلس قسم الهندسة الكهربائية الأسبق بجامعة بنها الدكتور محمد مؤنس أن الباحث قد حاول التعامل مع هذه التحديات من خلال عمل إعداد محسن لمُرحّلات التيار الزائد الاتجاهي (DOCRs) المستعملة في حماية محطات الشحن، مع مراعاة تبادل الطاقة في الوضعين: من الشبكة إلى المركبة (G2V)، والعكس (V2G).
المحاكاة بالذكاء الاصطناعي
اعتمدت الدراسة على 3 خوارزميات ذكية لتحسين أداء مُرحّلات الحماية، وهي: خوارزمية ألعاب الجو (HGS)، وخوارزمية الصياد والفريسة (HPO)، وخوارزمية سبارو (SSA).
وأظهرت نتائج المحاكاة -باستعمال برمجيات متخصصة مثل ETAP وMATLAB- أن خوارزمية سبارو كانت الأفضل في تقليل وقت تشغيل المرحلات بنسبة تصل إلى 21%؛ ما أسهم في تحسين كفاءة الحماية واستمرارية الخدمة، ولا سيما في حالات الأحمال المرتفعة التي وصلت إلى نحو 1960 كيلوواط.
وشملت النمذجة نوعين من شواحن المركبات: شواحن التيار المتردد، وشواحن التيار المستمر السريعة، وكلاهما يعملان في أوضاع الشحن والتفريغ؛ ما يتيح مرونة في تبادل الطاقة بين السيارة والشبكة، لكنه يُصعّب كشف الأعطال وتحديد مصادرها بدقّة.
خطوات مستقبلية لتعزيز الشبكات
اقترحت الرسالة مجموعة من التوصيات المستقبلية لتعزيز موثوقية الشبكة ودمج المركبات الكهربائية بفاعلية، منها:
- إعادة توزيع مواقع محطات الشحن استنادًا إلى اعتبارات الحماية والأمان.
- دراسة تأثير دورات الشحن والتفريغ المتكررة على عمر البطاريات.
- دمج مصادر الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح مع محطات الشحن.
- تطبيق نماذج تحسين متعددة الأهداف تشمل الجوانب الفنية والاقتصادية.

كما أكدت الدراسة أن دمج تقنية V2G بنجاح مع الشبكات الكهربائية لن يتحقق فقط عبر تحديث البنية التحتية، بل يتطلب كذلك تطوير خوارزميات حماية ذكية قادرة على التعامل مع الطبيعة الديناميكية لتدفّق الطاقة في كلا الاتجاهين.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
0 تعليق