دعوة ترامب للقاهرة.. رسائل كلمة السيسي بأكاديمية الشرطة لتغيير وجه الشرق الأوسط - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في لحظة سياسية بالغة الأهمية، وقف الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام خريجي أكاديمية الشرطة اليوم الأربعاء ليوجه دعوة  إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لحضور توقيع اتفاق إنهاء الحرب في قطاع غزة حال التوصل إليه.

 جاءت الدعوة في سياق كلمة شاملة استعرض خلالها الرئيس حصاد جهود دبلوماسية ماراثونية بذلتها القاهرة على مدى عامين كاملين، حيث تزامن الإعلان مع استمرار المفاوضات المكثفة في شرم الشيخ بمشاركة وفود رفيعة المستوى من مصر وقطر والولايات المتحدة وإسرائيل وحركة حماس، فيما تمثل الدعوة التاريخية ذروة مسار دبلوماسي طويل وتكشف عن تفاؤل مصري غير مسبوق بإمكانية تحقيق اختراق في الأزمة التي استنزفت المنطقة لأكثر من عامين.

دعوة تاريخية في حفل تخرج

من على منصة حفل تخرج دفعة جديدة من طلبة أكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة، وبحضور اللواء محمود توفيق وزير الداخلية ولفيف من القادة والضباط وأهالي الخريجين، وجه الرئيس السيسي دعوته الرسمية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قائلا في كلمته: "أدعو الرئيس ترامب لحضور توقيع اتفاق غزة في مصر حال التوصل إليه"،

 وجسد الرئيس بهذه العبارة الثقة المصرية في احتمالات نجاح المفاوضات الجارية حالياً في شرم الشيخ. هذه الدعوة لم تكن منعزلة عن السياق العام للجهود الدبلوماسية، بل جاءت تتويجاً لمسار متصل من التواصل المصري الأمريكي حول الأزمة، حيث أشاد السيسي في وقت سابق بمبادرة ترامب لوقف إطلاق النار في قطاع غزة بعد عامين من الحرب والإبادة والقتل والدمار.

اللافت في الخطاب التفاؤل الواضح الذي حمله الرئيس المصري تجاه تطورات المفاوضات، حيث أشار إلى أن الأنباء الواردة من شرم الشيخ "مشجعة" معرباً عن أمله في أن تشهد جولة المفاوضات الحالية نهاية الحرب.

هذه الدعوة تمثل سابقة في العلاقات المصرية الأمريكية، حيث لم يسبق أن وجه رئيس مصري مثل هذه الدعوة العلنية لنظيره الأمريكي لحضور توقيع اتفاق يتعلق بالقضية الفلسطينية، مما يعكس عمق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في التعامل مع هذه الأزمة.

رسائل سياسية واستراتيجية في خطاب الرئيس 

لم تكن دعوة الرئيس السيسي لترامب مجرد حدث بروتوكولي عابر، بل حملت في طياتها رسائل سياسية بالغة الأهمية، أبرزها التأكيد على الدور المصري التاريخي كوسيط رئيسي في القضية الفلسطينية ورفع مستوى المشاركة الأمريكية إلى أعلى المستويات السياسية الممكنة.

 كما أن الدعوة تضمنت اعترافاً ضمنياً بالأهمية الاستثنائية للدور الأمريكي في إنجاز أي اتفاق يتعلق بغزة، خاصة في ظل الخلافات العميقة بين الأطراف المعنية، وحملت الرسالة أيضاً تلميحاً إلى أن مصر تتحرك بثقة عالية في إمكانية تحقيق تقدم ملموس في المفاوضات، وهو ما يتجاوز الإطار البروتوكولي للخطابات الدبلوماسية التقليدية.

كما حمل خطاب الرئيس السيسي رسائل مطمئنة للداخل المصري، حيث استعرض خلال كلمته للأخير تماسك الوضع الداخلي مشيراً إلى أن "الأمور في مصر تسير بشكل جيد بفضل الله، وبفضل تماسك الشعب المصري". 

كما أشار إلى تحسن الوضع الاقتصادي يوماً بعد يوم، مؤكداً أن أي تهديد أو تحدٍ لن يتمكن من النيل من مصر طالما ظل المصريون متحدين، وهي الرسائل التي تعكس حرص القيادة السياسية على تحقيق التوازن بين متابعة التطورات الإقليمية والدولية مع الحفاظ على استقرار الوضع الداخلي ومواصلة مسيرة التنمية في الجمهورية الجديدة.

السياق الإقليمي والدولي

تأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه المنطقة تصاعداً في التوترات، حيث تجري المفاوضات في شرم الشيخ بمشاركة دولية غير مسبوقة تشهد انضمام وفود رفيعة من تركيا وقطر والولايات المتحدة، مما يثير توقعات بأن الصورة ستتضح قريباً حول مصير المفاوضات واتفاق محتمل لإنهاء الحرب.

 الجدير بالذكر أن الرئيس السيسي كان قد وجه في يوليو الماضي نداء خاصاً للرئيس ترامب قال فيه: "أعتقد شخصياً أنه يمتلك القدرات والمكانة اللازمة، إنه الوحيد القادر على وقف الحرب، وإيصال المساعدات، وإنهاء هذه المعاناة"، مما يؤكد استمرارية الرؤية المصرية للدور الأمريكي في هذه الأزمة.

وتجري المفاوضات الحالية في ظل ظروف بالغة التعقيد، حيث تستمر الحرب في غزة منذ عامين كاملين، خلفت دماراً هائلاً وأوضاعاً إنسانية مأساوية، وأشار الرئيس السيسي في كلمته إلى أن الحرب في قطاع غزة مؤلمة، مؤكداً أن هناك جهوداً مصرية لم تتوقف منذ عامين لإنهائها. 

وتأتس الدعوة المصرية لترامب بعد أيام فقط من إشادة السيسي بمبادرة ترامب خلال كلمته في ذكرى حرب أكتوبر، حيث وجه التحية والتقدير للرئيس الأمريكي على مبادرته التي تسعى لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، معتبراً أن التجربة المصرية في السلام مع إسرائيل لم تكن مجرد اتفاق بل كانت تأسيساً لسلام عادل رسخ الاستقرار.

مفاوضات شرم الشيخ 

تشهد مدينة شرم الشيخ المصرية منذ أيام جولة مكثفة من المفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس بوساطة مصرية وقطرية وأمريكية، حيث يركز الجانبان على قضيتين أساسيتين: تحديد هوية الأسرى الفلسطينيين الذين قد تشملهم صفقة تبادل الأسرى، وتثبيت حدود الانسحاب الأولي للجيش الإسرائيلي من بعض مناطق قطاع غزة ضمن المرحلة الأولى من تنفيذ خطة ترامب لإنهاء الحرب. وتشارك في هذه المفاوضات وفود رفيعة المستوى بما فيها وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن، ورئيس الاستخبارات التركية إبراهيم قالن، والمبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس الأميركي ترامب جاريد كوشنر.

ويتم التفاوض حول الخطة الأمريكية التي تتألف من 20 بنداً، بينها تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار ونزع سلاح حماس، وفقاً لما أعلنه ترامب في 29 سبتمبر الماضي. من جانبها، طلبت حركة حماس إيضاحات وضمانات بشأن تنفيذ خطة ترامب، لا سيما إنهاء حرب الإبادة الإسرائيلية، بينما بدأت مصر في اليوم الثاني من المفاوضات بمناقشة قوائم لأسرى فلسطينيين مزمع الإفراج عنهم من سجون إسرائيل، بالإضافة إلى بحث آلية للانسحاب الإسرائيلي. المصادر الإسرائيلية نقلت عن مسؤول أمني رفيع أن الظروف الراهنة ميدانياً وسياسياً هيأت الظروف المؤاتية للتقدم نحو اتفاق لإنهاء الحرب وإعادة "المخطوفين".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق