يفتح تحول الطاقة في إندونيسيا آفاقًا للاستثمار والإنفاق بقيمة 3.8 تريليون دولار تمتد حتى عام 2050، رغم التحديات التي تواجه البلاد، بداية من التوترات الجيوسياسية والحروب التجارية إلى الظواهر المناخية المتطرفة.
وتعدّ إندونيسيا سادس أكبر مصدر لانبعاثات الغازات الدفيئة في العالم، لكن لم يتجاوز متوسط انبعاثات الفرد ثلث نظيره الأميركي وربع نظيره الأسترالي خلال عام 2022، ما يعكس تأثير عدد السكان البالغ 280 مليون نسمة في إجمالي الانبعاثات.
وتطمح جاكرتا -لتحقيق أهداف الاستدامة- إلى فك الارتباط بين النمو الاقتصادي والانبعاثات الكربونية بحلول منتصف القرن، بحسب تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
وسيتطلب ذلك تبنّي العديد من تقنيات الطاقة النظيفة لتحقيق هذه الأهداف، إذ سيستند تحول الطاقة في إندونيسيا إلى ركيزتين رئيستين، هما، الطاقة النظيفة وكهربة قطاعات الاستهلاك النهائي، مثل النقل والصناعة والمباني.
انبعاثات قطاع الطاقة في إندونيسيا
رغم أن قطاع الطاقة في إندونيسيا يمثّل 46% من إجمالي انبعاثات البلاد، فإنه يعدّ المحرك الأبرز للتغيير، إذ يعتمد على الفحم والغاز في توليد الكهرباء.
وتتطلب خريطة الطريق نحو الحياد الكربوني خفض الانبعاثات المرتبطة بالطاقة بنسبة 21% بحلول عام 2030 مقارنة بمستويات 2024، وخفض يقارب 49% بحلول 2035، وفقًا لسيناريو الحياد الكربوني الذي وضعته مؤسسة بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس (BNEF).
غير أن سيناريو التحول الاقتصادي للمؤسسة يشير إلى استمرار ارتفاع الانبعاثات حتى أواخر ثلاثينيات هذا القرن، ما لم تتخذ البلاد خطوات سريعة.
وأعلنت إندونيسيا -في مساهمتها الوطنية المحدثة لعام 2022- هدفًا بخفض إجمالي الانبعاثات بنسبة 31.9% بحلول 2030 مقارنة بسيناريو المسار الحالي، فضلًا عن تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2060.
غير أن الخطط تبدو أقل طموحًا من سيناريو التحول الاقتصادي الذي وضعته المؤسسة، فضلًا عن أن تحقيقها يتطلب خفض انبعاثات الزراعة واستعمال الأراضي والغابات.

مسار تحول الطاقة في إندونيسيا
يتطلب تحول الطاقة في إندونيسيا استثمارات ضخمة تبلغ 3.8 تريليون دولار، أي ما يعادل 4.3% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد حتى منتصف القرن.
وبدأت بوادر التغيير في الظهور، فقد ارتفعت استثمارات تحول الطاقة في 2024 إلى 3.8 مليار دولار، بزيادة 36% على العام السابق، أي ما يعادل ضعف مستويات 2022، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ورغم ذلك ما تزال البلاد متخلّفة عن الركب مقارنة بغيرها من الاقتصادات الناشئة، ويمكن لمزيج من الاستثمار العام والخاص أن يعزز جهود الاستدامة ويسرّع الوصول إلى الحياد الكربوني.
بالإضافة إلى ذلك، يحتاج مسار تحول الطاقة في إندونيسيا إلى العديد من التقنيات لخفض انبعاثات قطاع الطاقة، أهمها الطاقة النظيفة وكهربة قطاعات الاستهلاك النهائي.
وفي ظل سيناريو التحول الاقتصادي الخاصة بشركة بلومبرغ، من المتوقع أن تقفز قدرة الطاقة النظيفة في إندونيسيا من 14 غيغاواط في عام 2024 إلى 531 غيغاواط بحلول عام 2050، أي بزيادة تبلغ 37 ضعفًا، ويُعزى ذلك إلى الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وستعمل البلاد على تعزيز نطاق قدرات بطاريات تخزين الكهرباء من 0.1 غيغاواط -حاليًا- إلى 153 غيغاواط بحلول منتصف القرن، في حين سيتراجع دور الطاقة الكهرومائية لتبلغ سعتها 2 غيغاواط بحلول 2050.
ويوضح الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- أكثر الدول اعتمادًا على الفحم في توليد الكهرباء لعام 2024، ومن بينها إندونيسيا:
فرص تحول الطاقة في إندونيسيا
يمثّل تحول الطاقة في إندونيسيا فرصة كبيرة نظرًا لإمكاناتها ومواردها الهائلة، إذ تمتلك 3.6 تيراواط من إمكانات الكهرباء المتجددة، أي أكثر من 30 ضعف القدرة الإنتاجية الحالية للبلاد.
وتتسابق جاكرتا مع الولايات المتحدة لتعزيز قدرات مشروعات الطاقة الحرارية الأرضية، والتي تبلغ 2.6 غيغاواط -حاليًا-، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وتحوّل النيكل والكوبالت من معادن خام إلى ركائز في سلاسل القيمة العالمية، لتصبح إندونيسيا اليوم موردًا رئيسًا للمعادن الحيوية اللازمة لثورة السيارات الكهربائية.
وبفضل التنوع البيئي والثروات الطبيعية، تمتلك البلاد القدرة على أن تصبح رائدة عالميًا في حماية التنوع البيولوجي، كما يمكنها الاستثمار في الحلول القائمة على الطبيعة، لتكون محورًا في سوق أرصدة الكربون العالمية.
بالإضافة إلى ذلك، شهدت سوق التمويل المستدام في البلاد نموًا، مع ارتفاع حجم الديون المستدامة والمرتبطة بالاستدامة 12 ضعفًا ليصل إلى 6.3 مليار دولار في 2024، مقارنة بـ0.5 مليار دولار في 2015.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر..
0 تعليق