ما المنتظر من قمة ألاسكا بين ترامب وبوتين؟ - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ما المنتظر من قمة ألاسكا بين ترامب وبوتين؟ - بلس 48, اليوم الثلاثاء 12 أغسطس 2025 08:24 صباحاً

تأتي هذه الخطوة في لحظة دقيقة من مسار الحرب في أوكرانيا، وسط استقطاب عالمي حاد بين موسكو والغرب، ومخاوف من أن تكون مخرجات اللقاء حاسمة ليس فقط لمستقبل كييف، بل للتوازنات الإقليمية والدولية برمتها.

تتقاطع الرهانات والتوقعات حول ما يمكن أن تحمله هذه القمة؛ بين سيناريوهات تعتبرها كييف وحلفاؤها الأوروبيون كارثية، وأخرى تراها فرصة لوقف نزيف الحرب ولو بشكل مؤقت. وبينما يأمل بوتين في تكريس مكاسب ميدانية وإضفاء شرعية سياسية عليها، يسعى ترامب إلى تقديم نفسه كرجل الصفقات القادر على إنهاء صراع معقد، ولو عبر تجاوز الأعراف التقليدية في السياسة الخارجية الأميركية.

غير أن التحدي الأكبر يكمن في غياب الإطار متعدد الأطراف عن هذه المحادثات، ما يثير هواجس لدى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي من إمكانية اتخاذ قرارات أحادية قد تُضعف جبهة الدعم لأوكرانيا، وتمنح موسكو فرصة لإعادة صياغة قواعد اللعبة الدولية. وفي ظل هذه المعادلة المعقدة، تبدو قمة ألاسكا اختباراً حقيقياً للدبلوماسية الشخصية، وحدودها أمام شبكة المصالح المتشابكة وصراعات القوى الكبرى.

السيناريوهات المحتملة

وبحسب تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز"، فإن السيناريو الأسوأ "بالنسبة للأوكرانيين والأوروبيين" هو أن يخرج ترامب وبوتين من الاجتماع باتفاق على "تبادل الأراضي"، وهو ما يعني "تنازل أوكرانيا عن مساحات كبيرة من أراضيها بشكل دائم لروسيا".

ويضيف التقرير:

  • من المرجح أن يكون هدف بوتين هو التوصل إلى اتفاق مع ترامب، ثم يُعرض على أوكرانيا كأمر واقع.
  • كما يقول ألكسندر غابويف من مركز كارنيغي روسيا أوراسيا، فإن هذا النوع من الاتفاق الذي يريده بوتين سيجعل أوكرانيا "غير قابلة للدفاع عنها، وغير صالحة للاستثمار، وعلى طريق الانهيار".
  • إذا رفضت أوكرانيا هذا الاتفاق، يأمل الروس أن تقطع الولايات المتحدة دعمها عن كييف.
  • الأوكرانيون وداعموهم الأوروبيون يعتقدون أيضاً بأنه من الممكن تحقيق نتيجة أكثر إيجابية. ومن وجهة نظرهم، فإن الاتفاق على وقف إطلاق النار - مع التهديد بفرض عقوبات ثانوية على روسيا إذا استأنف بوتين الحرب - هو نتيجة جيدة. ولن تُعقد مناقشات حول الأراضي إلا بعد ذلك.

وفي خضم كل هذه الدبلوماسية السريعة، هناك خطر يهدد كل من أوكرانيا وأوروبا يتمثل في فقدان الرؤية الاستراتيجية للهدف الذي يريدون الوصول إليه ــ وما يمكن تحقيقه.

ووفق التقرير، فإن أكثر التحليلات إقناعاً هي أن أوكرانيا تخسر ببطء، مع تفاقم مشكلة نقص القوى العاملة على خط المواجهة. وهذا يعني أن انهيار المحادثات تماماً واستمرار الحرب سيكونان على الأرجح أفضل لروسيا من أوكرانيا.

  • موقف كييف القائل بعدم جواز التنازل عن أي أرض هو موقف مبدئي، ولكنه غير واقعي في ظل الوضع الراهن. يكمن الفرق الجوهري بين التنازلات الفعلية والتنازلات القانونية عن الأراضي.
  • الاعتراف القانوني بضم روسيا للأراضي الأوكرانية أمرٌ مرفوضٌ تمامًا من جانب أوكرانيا والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة. ولكن قد يكون من الضروري الاعتراف بحكم الأمر الواقع بالسيطرة الروسية على بعض الأراضي - في سياق اتفاق سلام أوسع نطاقًا.

ويخلص التقرير إلى أنه من المرجح أن يكون أي اتفاق في ألاسكا بدايةً وليس نهايةً لعملية. إذ يدرك الأوكرانيون والأوروبيون أن عليهم مجاراة ترامب واللعب على المدى الطويل. ورغم أن هذا ليس خياراً مثالياً، ولكنه أفضل ما لديهم.

أبعاد استراتيجية

وإلى ذلك، يقول أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور محمد عطيف، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":

  • قمة ألاسكا قد تمثل لحظة دبلوماسية ذات أبعاد استراتيجية تتجاوز الإطار الثنائي بين موسكو وواشنطن.
  • القمة تأتي في سياق حرب أوكرانيا المستمرة، وما يرافقها من استقطاب دولي عميق بين القوى الغربية وروسيا.
  • يُتوقع أن يسعى بوتين إلى توظيف هذه القمة لإضفاء شرعية على مكاسب ميدانية، وإعادة صياغة ميزان القوى التفاوضي بما يفرض وقائع جديدة على الأرض.
  • بينما قد يرى ترامب في اللقاء فرصة لإظهار قدرته على إبرام "صفقة كبرى" تضعه في موقع صانع السلام، ولو على حساب المبادئ التقليدية للسياسة الخارجية الأميركية تجاه سيادة الدول.

ويضيف: إلا أن جوهر التحدي يكمن في أن أية تسوية تُطرح من خارج الإطار متعدد الأطراف، وخصوصاً دون إشراك أوكرانيا وأوروبا، قد تفتقر إلى الشرعية والاستدامة؛ فالاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ينظران بعين الحذر إلى إمكانية اتخاذ قرارات أحادية قد تضعف جبهة الدعم لأوكرانيا، وتؤدي إلى تصدعات في الموقف الغربي المشترك. وبطبيعة الحال، هذه المخاوف تعكس إدراكاً بأن أي تنازل إقليمي قد يُقرأ كإقرار بمبدأ تغيير الحدود بالقوة، وهو ما يمكن أن يشكل سابقة خطيرة في النظام الدولي.

على الصعيد الميداني، التصعيد المتزامن مع التحضير للقمة  -سواء من خلال الضربات الأوكرانية داخل روسيا أو استمرار العمليات الروسية- يوضح أن الطرفين ما زالا يراهنان على تعزيز أوراق الضغط قبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات، وفق عطيف، الذي يضيف: هذه الحالة تشير إلى أن القمة قد تتحول إلى منصة لتثبيت خطوط جبهة مؤقتة، لا إلى إطار لإنهاء النزاع. وهو ما يعزز فرضية أن المخرجات ستكون أقرب إلى هدنة مشروطة أو وقف إطلاق نار هش، بدلا من اتفاق سلام شامل.

ويختتم حديثه قائلاً: يمكن القول إن قمة ألاسكا قد تشكل اختبارا لمفهوم الدبلوماسية الشخصية في حل النزاعات الدولية، لكنها أيضا تكشف حدود هذه المقاربة عندما تصطدم بمصالح جيوسياسية معقدة، وأطراف إقليمية ودولية متعددة. وإذا لم تقترن أي تفاهمات محتملة بآليات متابعة وضمانات دولية واضحة، فإنها قد تتحول إلى مجرد محطة في مسار طويل من المراوحة الاستراتيجية، تعكس منطق إدارة الصراع بدلاً من حله.

إنهاء عزلة روسيا

وفي السياق، يشير تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" إلى أنه:

  • مع استعداد الرئيسين ترامب وبوتين للقاء في ألاسكا يوم الجمعة، مما يضع حدا لسنوات من العزلة الدبلوماسية التي عاشها الزعيم الروسي مع الغرب، حذر زعماء أوكرانيا من أن الكرملين سيحاول "خداع أميركا" بينما يسعى ترامب إلى إنهاء الحرب.
  • الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، عازم على إثبات أن بلاده ليست عائقاً أمام السلام، مؤكداً استعداد كييف لقبول وقف إطلاق نار غير مشروط، وهي فكرة رفضتها روسيا.
  • زيلينسكي حذّر من أن بوتين سيحاول إثارة الخلاف بين الولايات المتحدة وأوكرانيا وحلفائها الأوروبيين من خلال طرح مطالب يعلم الكرملين أن أوكرانيا لا تستطيع قبولها، ثم تصوير زيلينسكي على أنه العائق أمام التوصل إلى اتفاق.
  • تضغط أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون بشدة من أجل إشراك زيلينسكي في المفاوضات، خوفًا من عواقب المحادثات الثنائية التي تستبعدهم، في ضوء المطالب المتطرفة للسيد بوتن والتي تقول أوكرانيا إنها تهدد بقاءها.

وقد انضم زعماء ودبلوماسيون أوروبيون إلى كييف في محاولة تصوير المناقشات المقبلة في ألاسكا باعتبارها "اختبارا" لروسيا، التي لم تظهر سوى القليل من الإشارات على استعدادها للتراجع عن هجماتها على أوكرانيا.

نقطة تحول

مستشار المركز العربي للدراسات، أبوبكر الديب، يقول لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":

  • القمة ستكون نقطة تحول حقيقية في مسار العلاقات بين موسكو وواشنطن، وربما في شكل النظام الدولي بأكمله خلال السنوات المقبلة.
  • بوتين يدخل هذه القمة وفي ذهنه ثلاثة أهداف رئيسية، هي: (كسر العزلة الغربية التي فرضتها العقوبات وسياسات الحصار السياسي، وإبرام صفقة تبادلية تضمن له اعترافاً غير مباشر بنفوذه في أوكرانيا والشرق الأوسط وآسيا الوسطى، علاوة على إعادة ضبط ميزان الردع النووي مع الولايات المتحدة بما يخفف الضغوط الاقتصادية والعسكرية على بلاده).
  • الرئيس الروسي سيطرح تنازلات محسوبة في ملفات هامشية، مقابل الحصول على مكاسب استراتيجية تحفظ موقعه أمام الداخل الروسي وتضعف قدرة الغرب على فرض شروطه.
  • على الجانب الآخر، ترامب ينظر إلى القمة وهو يعلم أن أي اختراق في الملفات الساخنة سيعزز صورته أمام الأمريكيين كرجل الصفقات وصانع السلام.
  • من المتوقع أن يلمح الرئيس الأميركي إلى إمكانية تجميد الدعم العسكري لأوكرانيا مقابل وقف التصعيد الروسي، كما سيحاول الوصول إلى تفاهمات حول أسعار النفط والغاز، لما لها من تأثير مباشر على الاقتصاد الأمريكي.
  • ولا أستبعد أن يسعى ترامب لاستكشاف إمكانية إبعاد موسكو قليلًا عن بكين، في إطار المواجهة الكبرى التي يخطط لها ضد الصين.

ويؤكد أن قمة ألاسكا ليست حدثاً عابراً، إنما تشكل اختباراً لقدرة موسكو وواشنطن على إعادة ترتيب قواعد اللعبة الدولية في لحظة اضطراب عالمي غير مسبوق. وأن ما سيخرج عنها - اتفاقاً كان أو خلافاً - سينعكس على أوكرانيا، والشرق الأوسط، وأسواق الطاقة، والمشهد الآسيوي، وسيحدد شكل السنوات الخمس المقبلة.

تنازلات

وفي سياق متصل، يشير تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" إلى أن مناقشة التنازلات الإقليمية ليست أمراً مستبعداً (خلال القمة)، فبينما بدا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يوم السبت رافضاً التنازل عن أي أراضٍ مقابل السلام، فإن عدداً كبيرًا جداً من الأوكرانيين أنفسهم يدعمون بشكل متزايد تسوية تفاوضية، وفقًا لاستطلاع رأي جديد أجرته مؤسسة غالوب. كما وجدت استطلاعات رأي أخرى موثوقة تزايدًا في عدد الأوكرانيين المستعدين للتنازل عن الأرض مقابل السلام.

ويضيف التقرير: لطالما كان مناقشة مثل هذه الأمور علناً أمراً محظوراً بين مؤيدي أوكرانيا. ونظراً لواقع المعركة القاسي، وخاصة الحاجة إلى تجنيد المزيد من الجنود، كان لا بد من تغيير هذا الوضع. ومع ذلك، سيكون من غير الحكمة تجاهل ترامب لزيلينسكي.

ويستطرد: وبطبيعة الحال، يريد بوتين التعامل مع ترامب فقط. ومع ذلك، إذا أُريد لأي اتفاق أن يصمد، فيجب كسب تأييد الأوكرانيين. ومن الناحية المثالية، وإن بدا ذلك مستبعداً، لا يزال بإمكان زيلينسكي الحصول على دعوة لحضور قمة ألاسكا.

من موسكو، يقول المحلل الروسي، تيمور دويدار، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": يُنتظر من هذا اللقاء خفض التصعيد، وبالتحديد إلغاء الدعم الأميركي لأوكرانيا من حيث التسليح، وإنهاء الحرب بالوكالة، وذلك في إطار إعادة هيكلة الأمن في المنطقة الأوروبية، مع الأخذ في الاعتبار دور الاتحاد الأوروبي.

يرى دويدار ضرورة خفض أو تخفيف العقوبات المفروضة على روسيا الاتحادية في القطاعين المصرفي واللوجستي من قبل الولايات المتحدة، وإعادة فتح مسار الطيران بين روسيا والولايات المتحدة، وربما إلغاء الحظر على نظام "سويفت" في المعاملات المالية الدولية، ما يسمح بعودة الدولار إلى روسيا والعكس صحيح.

كما يشير إلى التطلعات المرتبطة بالتوصل لاتفاق يوقف المعادلة والخلاف العسكري، ويعيد الأمن والسلام بين روسيا وأوكرانيا، مردفاً:  "ما نراه الآن قد يكون بداية حوار حقيقي وخطوة فعلية نحو إنهاء هذا الخلاف."

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق