في السنوات الأخيرة،تصدرت ظاهرة "المؤثرين" المشهد الرقمي، لتتحول من مجرد ترفيه أو مشاركة يوميات إلى صناعة قائمة بذاتها تصنع ملايين الدولارات سنويًا و لم تعد منصات التواصل الاجتماعي كـ"إنستغرام"، "تيك توك"، و"يوتيوب" مجرد أدوات للتواصل، بل أصبحت مسارًا مهنيًا ومصدر دخل أساسًا للآلاف حول العالم، بينهم عدد متزايد في العالم العربي.

"اقتصاد المؤثرين" هو مصطلح حديث يعكس حجم التغيير الحاصل في عالم التسويق والدعاية والإعلان ،فبدلًا من الحملات الإعلانية التقليدية، باتت الشركات والعلامات التجارية تعتمد على مؤثرين يمتلكون قاعدة جماهيرية واسعة، ويملكون القدرة على التأثير في قرارات الشراء لدى متابعيهم وهذه الشراكة غالبًا ما تترجم إلى عقود إعلانية تقدر بآلاف وربما ملايين الدولارات، مقابل الترويج لمنتج أو خدمة بطريقة تبدو طبيعية وغير مباشرة.

اللافت أن هذا الاقتصاد غير عادي وبشكل غير منطقي، وهو ما يثير تساؤلات العديد من الأشخاص حول مدى شفافية هذه الصناعة فبينما يحقق بعض المؤثرين أرباحًا ضخمة، نجد أن الكثير من المتابعين لا يدركون أن المحتوى الذي يشاهدونه هو إعلان مدفوع وهذا الغموض دفع بعض الدول إلى فرض قوانين تجبر المؤثرين على التصريح بالمحتوى الإعلاني، حماية للمستهلك وشفافية للسوق.

من جهة أخرى، يفتح هذا الاقتصاد الباب أمام تحديات أخلاقية واجتماعية فصورة "النجاح السهل" التي يروج لها كثير من المؤثرين، خلقت ضغطًا نفسيًا على شريحة كبيرة من الشباب الذين باتوا يقارنون حياتهم اليومية بما يشاهدونه على الشاشات كذلك، أصبحت الشهرة هدف بحد ذاتها، لا تتطلب موهبة بقدر ما تحتاج إلى فهم آليات الخوارزميات، وإتقان الظهور الرقمي بشكل جذاب.

رغم كل ذلك، لا يمكن إنكار أن اقتصاد المؤثرين بات واقعًا لا يمكن تجاهله وقد تحول إلى مصدر دخل فعلي للعديد من الأسر، كما وفر فرصًا جديدة للشباب، خاصة في الدول التي تعاني من ارتفاع البطالة التحدي الحقيقي اليوم يكمن في تنظيم هذا الاقتصاد، وتوفير بيئة رقمية متوازنة تضمن الحقوق وتحفظ القيم.

في النهاية، لا يعد اقتصاد المؤثرين مجرد فقاعة عابرة، بل يمثل تحول جذري في مفاهيم العمل والربح.