ماذا “لو وُلدتُ من جديد” تساؤل عظيم اللغز! - بلس 48

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ماذا “لو وُلدتُ من جديد” تساؤل عظيم اللغز! - بلس 48, اليوم الثلاثاء 22 أبريل 2025 04:40 مساءً

مقال مرسل من وهب الحسيني

بواسطة: وهب الحسيني

شدني واثار انتباهي عنوان كتيب يستعرضه الدكتور العراقي اللندني ( المقيم في لندن ) نضير الخزرجي، اسمه “لو وُلدتُ من جديد”وهو من تأليف سماحة الشيخ الفقيه المحقق اية الله محمد صادق الكرباسي.
وكعادة الدكتور الخزرجي عندما يستعرض او يقدم لكتاب ، فهو يسرد بشكل جميل تجربة او مواقف مرت عليه شخصيا.
وبالحقيقة اسم هذا الكتاب “لو وُلدتُ من جديد” يجعل كل قارئ له يسأل نفسه ماذا كنت سأصنع او كيف اتصرف لو ولدت من جديد ؟؟ وماذا اتمنى لحياتي ؟
رغم علم كل منا ان كلمة لو لا تغني ولا تسمن من جوع ، او على قول المثل العراقي : لو هي كلمة زرعوها ولم تخضر ( اي لم تنبت) ! ومع هذا خيال الانسان يجعله يستعملها ! لكن لابد من الاستدراك بقول : الحمد لله على ما كان وعلى كل حال ، وما شاء الله قدر و فعل .
يستعرض الدكتور الخزرجي كتيب ؛ لو ولدت من جديد ؛ فيقول :
هذا التساؤل ولكن بطريقة أخرى سأله لنفسه وعرضه على غيره الفقيه المحقق آية الله الشيخ محمد صادق الكرباسي في كتيب أسماه “لو وُلدتُ من جديد” صادر حديثاً (2025م) في بيروت عن بيت العلم للنابهين في 44 صفحة، كراسة صغيرة الحجم كبيرة الأثر عظيمة المعاني والخطر، وهو سؤال لا شك يقف على أطراف لسان كل واحد منا قطع أشواطاً طويلاً من عمره ينظر إلى حصائد أعماله وما جنته يداه من خير أو شر.

ولأنَّ المرء مرهون بوالديه، فإن الفقيه الكرباسي وبلسان حال كل واحد منا، يذهب بعيداً إلى ما قبل الولادة متحدثاً عن رغبته فيما يريده لوالديه قبل ان تنعقد نطفته، ويضع سلسلة من الرغبات والأمنيات يعرضها على كل زوج وزوجة يريدان قطع مشوار الحياة نحو حياة أفضل للأبناء والأحفاد، وبتعبير الأديب اللبناني عبد الحسن راشد دهيني في مقدمة الناشر: (كثير من الناس في مراحل كثيرة من حياتهم يتمنون لو وُلدوا من جديد، إما ليعيدوا صياغة حياتهم صياغة أخرى، أو ليسلكوا دروباً كانوا قد ظنوا أنها ليست بمفيدة لهم أو بالعكس، أو ليتجنبوا شوائب علقت بهم نتيجة أخطاء ارتكبوها فأثرت عليهم دينياً واجتماعياً وأسرياً وغير ذلك. هذا في العموم، ولكن ما أراده مؤلف هذا الكراس سماحة آية الله الشيخ محمد صادق محمد الكرباسي دام ظله أعمق بكثير، لأنه يعود بالمرء إلى ما قبل ولادته، ليتقدم بلائحة طويلة من المطالب لوالديه، ابتداءً من يوم اقترانهما إلى ما بعد ذلك ما يشمل كل المراحل في حياة الإنسان).
(اختيار الشيء المناسب ليكون عِدلاً للشيء المناسب الآخر وإلا لفلت الأمر ووقع ما لم يُقصد، فإذا قالوا الشخص المناسب للمكان المناسب في الوظائف، فنقول هنا الرجل المناسب للمرأة المناسبة والعكس هو الصحيح، وهذا هو الذي نريد أن نعرضه في هذا الموجز الذي نرجو أن نكون بذلك قد تمكنا من الوصول إلى الهدف المنشود وعرضه على الفتيان والفتيات)، والغرض الرئيسي من وراء هذا الكتيب كما يفيدنا المؤلف أن: (هذه الفكرة لم تأت من عبث بل مرّت بتجارب مختلفة وبمُعاشرات متنوعة من قوميات عايشتهم ومن مذهبيات رافقتهم طوال سنين عجاف وأخرى سمان إلى أن ولدت فكرة الكتابة عنها، ووجدت نفسي أمام كم هائل من المعارف لو أُتيح لي المجال ببيئة مساعدة لكنت معطاءً ولكنت أكثر سعادة، وأقل شقاءً وأكثر إنتاجاً).

وألحق بالتمهيد تخميسة من نظمه، من بحر الرمل، أوجز فيها مراده:

لَوْ وُلِدْتُ اليوم فيكم من جديد
سِفْرُنا هذا أتاكم تحفةً في
حُقبَةٍ نرجو بها صدقاً سَيوفي
هذه في ذي الدُّنى تحكي سُيوفي
أصبحت عيني عليكم من جديد

واختتم الكتيب بتقريظ من بحر مجزوء الكامل المرفل للشاعر الجزائري المقيم في لندن الدكتور عبد العزيز مختار شَبِّين، قال في أوله:

رُؤْيا قديمٍ وَلَو بِبيدِ … وُلِدتُّ كالطَّيْفِ مِن جديدِ
ثم يُنشد مغرداً:
كنتُ على موعدٍ خضيلٍ … نادى إلى شوقه المديدِ
دَوْحي غفا منذُ كانَ طفلاً … معي على الأغنياتِ ميدي
وينهيها حاضناً بكفيه هام عمتنا:
يا نخلتي إفترَّ ثغرُ نايٍ … تبرعمَ الغُصْنُ للوليدِ
كَرباسُ عُد من مُهودِ ذِكرى … ترتَجُّ مِنْ نفخَةِ اللُّحودِ

إلى من يعنيه أمري

ولإن الإنسان ابن بيئته، ولإن الوليد ابن أمه وأبيه، فإن الكرباسي الذي يتحدث بلسان حال الوليد يتمنى على والديه أموراً وزعها على 101 أمنية تقاسمتها محطات حياته من قبل الولادة وحتى الممات، وأفرد لنفسه 14 أمنية، فكان المجموع 115 أمنية لو تحققت حتى ولو القليل منها لأمكن ضمان ولادة إنسان سوي ومجتمع قويم، ومما تمنى على والديه إن أرادا أن يولداه من جديد:

* الالتزام بالأحكام والآداب الإسلامية، وبالأخلاق الإنسانية، وبالنصائح الطبية، وبالمحبة والمودة.

* أن يختارا له بلداً تسود فيه الحرية والمعرفة وجمال الطبيعة.

* أن ينجبا له أخاً أو أختين مثله، ويختارا رفقة وصحبة مثله، ومراحل دراسية مثلى، وبيئة سليمة وأجواء حرة.

* وإذا أراد الإنجاب أن يدرسا فقه الجنين وتعلم فن التربية والتعامل، والأخذ بإرشادات الطبيب والتعرف على الأمور النفسية وما فيه صالح الوليد، ثم يتركا الباقي على رب العباد متوكلين عليه.

* أن يختارا وقتاً مناسباً إذا ما أرادا تقارباً لضمان ولادة سليمة في شهر سعيد في أجواء نفسية مريحة وعيش رغيد وسط مجتمع سليم.

* وإذا ما استقرت النطفة المخلَّقة في الرحم يرجو من والديه أن يرزقانه طيب الطعام وحلاله ويغمرانه بفرحهما وإسماعه كلام الله وذكره.

* وإذا ما حلت ساعة المخاض، أن ينتقيا مكاناً مناسباً للولادة وقابلة ومولدة مؤمنة، والقيام بالمراسيم الشرعية، ويعرضانه للفحص الطبي المفيد، والحفاظ على النظافة والطهارة، وأن يختارا له من الكنى الجميل ومن اللقب الخميل ومن الاسم النبيل.

* وفي أيام الحضانة يختارا له أنظف الثياب وأزهاها، ورضاعة طبيعية منظمة وإسماعه حلو الكلام.

* ولأن التربية مقدمة على التعليم فيرجوهما ان يربياه وفق أسس علمية وإسلامية، ويدفعانه إلى حب العلم والمعرفة، ويرشدانه إلى سلك دروب الحق ودحض الباطل، وأن ينميا فيه روح الشجاعة وتزكية النفس.

* وإذا ما مرت الأمور بسلام يدعوهما إلى تدريبه على حب الفضيلة وكراهة الرذيلة، وأن يختارا للهوه ألعاباً هادفة تنمي الذاكرة وتجلو الباصرة، ويطعمانه صحي الطعام وحلاله، ويلقيا في روعه كلمات الحب والتوحيد والمعرفة والرسالة، وأن يرشداه إلى معايير الاحترام والصفات الجميلة والمعاني السامية، وانتقاء أفضل الأصحاب.

* وعندما يحين موعد التعليم يتمنى عليهما أن يختارا له أفضل مراكز التعليم ابتداءً من روضة الأطفال، وأن يراقبا ما اختاره من أصحاب وأصدقاء، وأن يتابعا دراسته داخل المدرسة وخارجها، وأن يدربانه على خوض مجال العمل، ويدلانه على أبجدية التعامل مع الآخرين، وأن تكون الرحمة سلاحهما في التربية وينبذان العنف.

* وإذا تجاوز مرحلة التعليم ودخل مرحلة العمل والزواج، يطلب منهما أن يرشدانه إلى خير الأعمال للارتزاق وإلى خير النساء للعيش الهني، وأن لا يتدخلا في كل صغيرة وكبيرة من أمور حياتهما بمحض عاطفة دون عقلانية، وأن يتفهما حياة الزوجين لأن الجيل الجديد له رؤيته وتطلعاته، وأن يتعاملا مع الزوجة كصديقة ولا يقاطعانها إذا ما حلَّت مشكلة، وأن ينظرا إلى الأحفاد والأسباط بعين العطف والرحمة، وأن يكونا ناصحين غير آمرين، يضعان ولدهما وزوجته في ميزان واحد، وأن يكونا لهما عوناً ويشملانهما بدعائهما، فدعاء الآباء في حق الأبناء مستجاب بإذن الله.

* وإذا طوينا هذه المراحل بأمان، فتضحية الأبناء للوالدين قائمة راسخة، والأبناء وما يلدون خير خلف وامتداد لهما، وإذا استقام الأبناء نال الوالدان رضا الله، ورجعا إلى دار الآخرة بنفوس مطمئنة، ويخلد ذكرهما في الأولى، ويكونان قد أدَّيا مهمتهما في دار الدنيا على أحسن وجه ونالا الذكر الطيب وفي الآخرة الخلود، لأنهما بما عملا وأفادا بعثا الأمل في نفوس الأصحاب والأصدقاء وأوجدا مدرسة فكرية واجتماعية وعمقا حب الخير والرسالة الإسلامية في نفوس الأبناء، وسعيا إلى حل النزاعات بلسان اليسر والمحبة، وبذلك ساهماً بشكل كبير في نشأة جيل مسؤول، وبناء حياة سليمة، وحققا مفهوم خلافة الإنسان في الأرض.

وفي نهاية المطاف لو عاد المؤلف من جديد ومن نطق على لسانه وولد ثانية بعدما خاض تجارب الحياة فإنه سيخطو في هذه الحياة وهو كامل الإيمان برب الأرباب، ومن تبعات هذا الإيمان أن أكون عبداً مطيعاً لتعاليم السماء، وأن تكون الأخلاق هي سبيل التعامل والتعايش مع القريب والبعيد، وأن أكون خير صديق لنفسي مع غيري، وأن استفيد من كل لحظة دون أن تذهب هدراً، وأن يكون الإصلاح ديدني، والمودة والمحبة والرحمة مركبي، وان لا أتدخل فيما لا يعنيني، وأن أطرد الخوف عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبالتي هي أحسن، وأن يكون الدليل والبرهان مرشدي، وأن يكون الموت نصب عيني والشهادة في سبيل الله أمنيتي، بعد أن أكون قد أحييت آخرتي بإعمار دنياي دون تهاون أو كسل، وأن أكون للناس خير داعية بحسن عملي وصالح سلوكي، فخير الناس من نفع الناس ونال رضى رب الناس.

ثم نعود ثانية إلى سؤال البداية، وفي البداية مفتاح لغز النهاية، ونحدِّث أنفسنا بصوت عال: وحيث فشل الواحد منا أن يكون كما رغب أن يكون وذابت شمعة أمنياته على نار التجارب المرّة، فلا أقل أنْ يسعى لأن يكون ولده خيراً منه، ويفتخر بما حقق له الوالدان وإن قل، فلا يأسى على ما فات ولا يغتر بما هو آت.

شارك الخبر:

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق