شهدت المملكة المتحدة، اليوم الإثنين، حالة من الارتباك الرقمي عقب تعرض أنظمة هيئة الضرائب البريطانية (HMRC) لعطل واسع النطاق أدى إلى توقف خدماتها الإلكترونية مؤقتًا، وذلك نتيجة خلل فني في البنية التحتية لخدمات الحوسبة السحابية التابعة لشركة «أمازون ويب سيرفيسز» (AWS)، والتي تُعد من أكبر مزودي الخدمات السحابية في العالم.

وأعلنت هيئة الضرائب البريطانية، في بيان رسمي، أن العطل المفاجئ تسبب في تعطّل منصاتها الإلكترونية الرئيسية، بما في ذلك بوابة تسجيل الإقرارات الضريبية، وخدمات المدفوعات عبر الإنترنت، ونظم الوصول إلى حسابات دافعي الضرائب، مؤكدة أن فرق الدعم الفني تعمل بالتعاون مع شركة «أمازون» لاستعادة الخدمة في أسرع وقت ممكن.

وأوضحت الهيئة أن الخلل الفني أصاب مراكز البيانات الخاصة بشركة «أمازون» في أوروبا، مما أدى إلى توقف مؤقت في تدفق البيانات بين الخوادم الحكومية والمستخدمين، مشيرة إلى أن الأمر لا يتعلق بأي هجوم إلكتروني أو خرق أمني، بل هو عطل تقني ناتج عن خلل في خدمات الحوسبة السحابية وتأثيرها على أنظمة الربط والاتصال بالمنصات الإلكترونية.

من جانبها، أصدرت شركة «أمازون ويب سيرفيسز» بيانًا مقتضبًا عبر صفحتها الرسمية، أكدت فيه أنها على دراية بالمشكلة التي تؤثر على عدد من العملاء في أوروبا والمملكة المتحدة، موضحة أن مهندسيها يعملون حاليًا على معالجة الخلل وإعادة الخدمات إلى طبيعتها تدريجيًا. وأشارت إلى أن السبب المبدئي للعطل يتعلق بمشكلات في أنظمة إدارة الشبكات الداخلية داخل أحد مراكز البيانات التابعة لها، ما أدى إلى توقف الاتصال بخدمات أساسية يعتمد عليها عملاؤها في تشغيل التطبيقات والمنصات الإلكترونية.

وتسبب العطل في ارتباك واسع بين المواطنين والشركات البريطانية، حيث تعتمد هيئة الضرائب البريطانية بشكل متزايد على الأنظمة الرقمية في تقديم الخدمات للمستخدمين. وتلقى مركز خدمة العملاء بالهيئة آلاف الشكاوى من المستخدمين الذين لم يتمكنوا من الدخول إلى حساباتهم أو استكمال عمليات الدفع الإلكتروني، فيما أكدت الهيئة أن جميع المواعيد النهائية لتقديم الإقرارات الضريبية سيتم تمديدها في حال استمرار العطل لفترة طويلة.

كما تأثرت بعض الجهات الحكومية الأخرى جزئيًا بالعطل، لاسيما تلك التي تستخدم أنظمة «أمازون» لتخزين البيانات وتشغيل التطبيقات الحكومية، غير أن وزارة الخزانة البريطانية أكدت في بيان منفصل أن الأنظمة المالية الحيوية للدولة لم تتأثر، وأن الإجراءات الضريبية الحساسة ما زالت تُدار داخليًا على خوادم محلية احتياطية.

ويأتي هذا العطل في وقت تشهد فيه الحكومة البريطانية توسعًا متزايدًا في اعتمادها على البنية التحتية السحابية ضمن خططها للتحول الرقمي، وهو ما أثار تساؤلات جديدة حول مدى الاعتماد على الشركات العالمية المزودة للخدمات السحابية، وضرورة تعزيز قدرات الاستضافة الوطنية لتفادي مثل هذه الأعطال مستقبلاً.

وأكد خبراء التقنية أن هذا العطل يسلط الضوء على هشاشة الاعتماد الكلي على الخدمات السحابية الخارجية في إدارة الأنظمة الحكومية الحيوية، داعين إلى وضع خطط بديلة تعتمد على تنويع مقدمي الخدمات وتطوير البنية التحتية المحلية.

وفي ختام بيانها، أكدت هيئة الضرائب البريطانية أنها تتابع الموقف لحظة بلحظة، وستصدر تحديثًا جديدًا فور استعادة الخدمات بشكل كامل، مطمئنة المواطنين إلى أن بياناتهم آمنة ومحفوظة دون أي فقدان أو اختراق.