رغم أن حرب أكتوبر المجيدة وقعت في العاشر من رمضان، في وقت الصيام ودرجات الحرارة الصاهدة، فإن الجنود المصريين أظهروا قدرة لافتة على خوض معركة التحرير بكفاءة عالية، لم تكن هذه القدرة ناتجة عن الاستعداد العسكري فقط، بل كانت مدعومة بمجموعة من الدوافع النفسية والجسدية التي رفعت من قدرة الجنود على التحمل، وجعلتهم أكثر صلابة في مواجهة العطش، الجوع، والضغط النفسي.
قراءة تحليلية لأبرز الجوانب النفسية
وفي هذا السياق، قدم الدكتور إسلام أسعد، المدرس المساعد بقسم علم النفس بكلية الآداب جامعة سوهاج، قراءة تحليلية لأبرز الجوانب النفسية التي ساعدت الجنود على تجاوز الصعوبات وتحقيق النصر، خلال بداية حرب السادس من أكتوبر.
الأرض قبل الذات
أكد المدرس المساعد بعلم النفس، أن الدافع الوطني كان هو المحرك الأول لقوة الجندي المصري في هذه الظروف القاسية، حيث شكّلت الرغبة في استعادة الأرض والكرامة بعد نكسة 1967 دافعًا عميقًا جعل الجندي مستعدًا للتضحية بحياته في الحرب دون تردد، مشيرًا أن "هذا النوع من الدوافع المرتبطة بالهوية والانتماء يرفع قدرة الفرد على التحمل بشكل كبير، لأنه يشعر أن ما يفعله يتجاوز مصلحته الشخصية".
الصيام شرف لا عائق
وأضاف أسعد، أن حرب السادس من اكتوبر جاءت في شهر رمضان، مما أضفى عليها طابعًا روحيًا ومعنويًا خاصًا، موضحًا، أن الصيام لم يكن عائقًا أمام الجندي المصري، بل عزز من شعوره بجلال المهمة، وربط في ذهنه بين القتال والجهاد والصبر، فالصيام لم يكن عبئًا على الجنود بقدر ما كان دافعًا روحيًا يعزز من شرف المهمة ويضاعف الإحساس بالواجب.
التدريب المسبق وقت الحرب والثقة في القيادة
وأشارالمدرس المساعد بعلم النفس، أنه لم يكن التحمل وليد اللحظة فقط، بل نتيجة تدريب منهجي طويل تعرض فيه الجنود لظروف مشابهة من حيث الصيام والحرارة والضغط، كما ساهمت الثقة العالية في القيادة العسكرية والسياسية في تقوية الجندي نفسيًا، حيث شعر بأن المعركة مدروسة وأنه ليس وحيدًا، "فإن الثقة تمنح الإنسان إحساسًا بالتحكم والسيطرة، وتقلل من القلق والتردد".
وحدة المعاناة تصنع القوة
وتابع، أن هناك أهمية للدفاع الجماعي في خلق حالة من الصلابة النفسية المشتركة، حيث كان لكل جندي طاقة مستمدة من زملائه، موضحًا، أن المعاناة كانت جماعية، مما قلل من التركيز على الألم الفردي، وحول الجوع والعطش إلى طاقة إيجابية دفعت الجميع للصمود.
الصلابة النفسية مفتاح النصر الحقيقي
واختتم أسعد تحليله بالتأكيد على أن كل هذه العوامل اجتمعت لتمنح الجندي المصري درجة عالية من الصلابة النفسية، وهي مفهوم نفسي يشير إلى قدرة الفرد على التحمل والمثابرة تحت الضغط الشديد، حيث أن الجندي المصري امتلك ما نسميه في علم النفس بالصلابة النفسية، وهي التي جعلته أكثر استعدادًا للتضحية وأكثر قدرة على الصمود حتى تحقيق النصر.
إخلاء مسؤولية إن الموقع يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
0 تعليق