بدأت خمس شركات استثمارية عالمية فحصًا نافياً للجهالة تمهيدًا للاستحواذ على محطة رياح جبل الزيت الواقعة على ساحل البحر الأحمر في مصر، وذلك ضمن خطة الحكومة المصرية للتخارج من أصولها في قطاع الطاقة المتجددة، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني، في وقتٍ تتجه فيه الدولة لاستئناف برنامج الطروحات الحكومية قبل نهاية عام 2025.
وقال مسؤول حكومي في تصريحات صحفية، إن الشركات التي بدأت بالفعل إجراءات الفحص هي: شركة أكوا باور السعودية، وأكتيس البريطانية، والكازار الإماراتية، بالإضافة إلى شركة ماليزية وأخرى أوروبية لم يُفصح عن اسمها حتى الآن. وأوضح المصدر أن أمام هذه الشركات مهلة حتى نهاية أكتوبر الجاري لتقديم عروضها الرسمية للاستحواذ على المحطة.
تأتي هذه الخطوة بعد نحو 48 ساعة من تصريحات نائب وزير المالية المصري أحمد كجوك، الذي أكد أن الحكومة تعتزم العودة إلى برنامج الطروحات الحكومية قبل نهاية عام 2025، على أن تكون البداية بقطاع الطاقة المتجددة، تمهيدًا لإبرام 3 إلى 4 صفقات تخارج جديدة قبل نهاية يونيو 2026، في إطار خطة شاملة لزيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد المصري.
وتعد محطة رياح جبل الزيت إحدى أكبر محطات توليد الكهرباء من طاقة الرياح في الشرق الأوسط، إذ تبلغ قدرتها الإجمالية 580 ميغاواطًا، وتضم ثلاث محطات فرعية هي: جبل الزيت 1 بقدرة 240 ميغاواطًا، وجبل الزيت 2 بقدرة 220 ميغاواطًا، وجبل الزيت 3 بقدرة 120 ميغاواطًا، وقد تم تنفيذها بالتعاون مع الحكومة الإسبانية.
ويأتي اهتمام الشركات العالمية بمحطة جبل الزيت في ظل ازدياد جاذبية قطاع الطاقة المتجددة في مصر، الذي شهد توسعًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة بفضل دعم الدولة وموقع مصر الاستراتيجي الذي يجعلها مركزًا إقليميًا لتوليد الكهرباء من مصادر نظيفة. وتستهدف الحكومة من خلال هذه الخطوة تقليل العبء عن الموازنة العامة، وتعزيز تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وتشير البيانات الحكومية إلى أن مصر تمتلك نحو 561 شركة تابعة للدولة تعمل في 18 نشاطًا اقتصاديًا، موزعة بين 45 جهة تشمل 19 وزارة و10 هيئات عامة في 16 محافظة. وتسعى الحكومة إلى إعادة هيكلة هذه الشركات وإتاحة فرص أوسع أمام القطاع الخاص، بما يتماشى مع وثيقة سياسة ملكية الدولة التي تحدد الأنشطة التي تخطط الحكومة للبقاء فيها أو الانسحاب التدريجي منها.
ويأتي تحرك الحكومة نحو بيع محطة جبل الزيت في وقتٍ تترقب فيه القاهرة نتائج المراجعة المدمجة الخامسة والسادسة مع صندوق النقد الدولي خلال الخريف الجاري، وهي مراجعة حاسمة في مسار الإصلاح الاقتصادي الذي تنفذه مصر، خاصة مع تباطؤ وتيرة تنفيذ برنامج الطروحات خلال العامين الماضيين.
وبحسب بيانات رسمية، جمعت مصر نحو 5.8 مليار دولار فقط من حصيلة برنامج الطروحات منذ يونيو 2022 وحتى يونيو 2025، أي ما يعادل 47.5% من المستهدف البالغ 12.2 مليار دولار، وهو ما يعكس الحاجة إلى تسريع وتيرة التخارجات الحكومية لتوفير سيولة دولارية وتعزيز الثقة في الاقتصاد المحلي.
ويرى مراقبون أن عودة الطروحات الحكومية في قطاع الطاقة المتجددة تمثل إشارة إيجابية للمستثمرين الأجانب، خاصة أن مصر تمتلك إمكانات كبيرة في مجالات الرياح والطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر، ما يجعلها وجهة واعدة للاستثمارات الخضراء، تماشيًا مع أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.
0 تعليق